الفارون من هونج كونج يواجهون استياء متزايدا .. "يجب أن يستفيد السنغافوريون"
لدى سير لين شيا، رجل أعمال سنغافوري، رسالة بسيطة للمغتربين، اذهبوا إلى مكان آخر.
مع تخفيف قيود الجائحة في سنغافورة، أصبحت الوجهة الواضحة لكثير من سكان هونج كونج الذين أرهقتهم أعوام من قيود السفر، والدراسة من المنزل وعمليات الحجر المطولة.
فكرت الشركات متعددة الجنسيات، بداية من مصرف جيه بي مورجان إلى "بانك أوف أمريكا"، بنقل موظفيها من هونج كونج إلى سنغافورة لأن سعي المدينة الصينية الدؤوب لتحقيق سياسة صفر كوفيد يعيق الشركات.
لكن شيا، الذي قال إن المنافسة مع الأجانب على الوظائف أجبرته على إطلاق شركته الخاصة قبل خمسة أعوام، يعتقد أن الشركات تتحمل مسؤولية إيجاد فرص عمل للسكان المحليين.
قال، "إذا أرادت الشركات إقامة عملياتها في سنغافورة للاستفادة من الأمان، والبيئة السياسية، عليها أن توظف السنغافوريين. كما يجب على المغتربين في هونج كونج تدبر أمورهم. إذا لم يتمكنوا من ذلك، فعليهم العودة من حيث أتوا".
يتعارض هذا الرأي مع سمعة سنغافورة بصفتها إحدى أكثر الدول انفتاحا وموثوقية في العالم لإقامة الأعمال. منذ الاستقلال في 1965، ازدهر اقتصاد المدينة- الدولة بشكل كبير بفضل معدلات الضرائب المنخفضة والاستعداد لاستقبال الشركات والعمال الدوليين.
المقر الآسيوي لكثير من شركات العالم الكبرى، بداية من شركة جوجل إلى شركة تويتر، يوجد في سنغافورة، حيث كان نحو اثنين من كل خمسة موظفين من الأجانب في 2019.
لكن شيا ليس وحده المتمسك بالمعتقدات المناهضة للمغتربين. على مدى العقد الماضي، أدت التصورات بأن أصحاب العمل الدوليين مارسوا التمييز ضد السكان المحليين إلى زيادة الضغط على الحكومة لتضييق الخناق على الهجرة.
في حين تم توجيه بعض الغضب نحو العمال اليدويين من أماكن أخرى في آسيا، يشعر السنغافوريون بالإحباط أيضا بسبب النسبة الكبيرة من الغربيين الذين يمثلون طبقة نخبة القوة العاملة في المدينة.
بعد أن أعاد الركود الناجم عن جائحة فيروس كورونا تركيز الانتباه على التوظيف وعدم المساواة في سنغافورة، اشتد الغضب. حذر الخبراء من أن تدفق الموظفين ذوي الياقات البيضاء من هونج كونج يهدد بتعميق التوترات، ما أدى إلى تعقيد محاولة سنغافورة لجذب الأموال والمواهب الأجنبية.
قال فريزر هوي، محلل مستقل عاش في سنغافورة لعدة أعوام، "سيكشف الأمر بالتأكيد هذه المشكلات. نحن نتحدث عن أموال، وعن وظائف ذات رواتب عالية (...) سيقول السنغافوريون: لحظة! إذا كان سيتم إحضار هذه الوظائف إلى هنا، فلماذا لا يتم عرضها على السنغافوريين أولا؟".
عانت هونج كونج تدفقا خارجيا صافيا بلغ 129 ألف شخص في شباط (فبراير) وآذار (مارس)، لكن من غير المرجح أن يكون لتدفق المهنيين من المركز المالي المنافس تأثير كبير في العدد الإجمالي للأجانب في سنغافورة. معظم غير المقيمين هم عمال يدويون أو عمال منزليون من دول مثل ماليزيا والهند.
اعتبارا من كانون الأول (ديسمبر)، انخفض عدد حاملي تصاريح العمل في سنغافورة نحو الخمس مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة، حيث فر المغتربون الذين سئموا قيود كوفيد الصارمة في الجزيرة قبل أن يتم تخفيفها بحلول نهاية 2021.
قالت ليندا ليم، أستاذة الاقتصاد السياسي من سنغافورة تعمل في جامعة ميشيجان، "من ناحية موضوعية، القادمون من هونج كونج لن يغيروا أي شيء، لكن كثيرا من الأمور تعتمد على الطريقة التي يتصرف بها هؤلاء المغتربون".
أشارت إلى حالات حيث رفض فيها الغربيون ارتداء أقنعة الوجه التي تناقلتها الصحف المحلية التي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأولى للجائحة، ما أثار غضب الرأي العام.
قالت ليم إن الأزمة في أوكرانيا، التي أدت إلى مزيد من الانقسام بين الغرب والصين، "أطلقت العنان لكل هذه التوترات المتصاعدة" في سنغافورة ذات الأغلبية الصينية. كثير من السنغافوريين الذين تعرفهم كانوا يستهلكون "الدعاية الصينية" المعادية للغرب ويشاركونها على تطبيق واتساب.
يرى البعض حكومة سنغافورة، التي انضمت إلى الغرب في إدانة روسيا، على أنها "خاضعة للإمبريالية، وتخدم الشركات الغربية أو الدولية فقط".
تواجه الحكومة صعوبة في إيجاد موازنة ترضي الناخبين الساخطين، بينما تقدم صورة منفتحة للعالم. على الرغم من أن حزب العمل الشعبي قد حكم منذ الاستقلال، إلا أنه خسر في انتخابات 2020 عددا قياسيا من المقاعد لمصلحة حزب العمال المعارض، الذي دعا إلى تشديد الضوابط على تأشيرات العمل.
يتجنب الوزراء الإشارة مباشرة إلى تنافس المدينة- الدولة مع هونج كونج، خوفا من استفزاز الصين. لكنهم أكدوا مرارا وتكرارا هذا العام أهمية جلب المواهب بالتزامن مع فتح حدود سنغافورة بشكل مطرد.
أثناء حضوره افتتاح المقر العالمي الجديد لشركة دايسون في سنغافورة الشهر الماضي، حث رئيس الوزراء لي هسين لونج السنغافوريين على تذكر أن "روح مجتمعنا يجب أن تظل منفتحة (...) إذا استسلمنا لإغراء إغلاق أبوابنا، سينتهي بنا الأمر بإيذاء أنفسنا بالتأكيد".
أدخلت حكومة سنغافورة مزيدا من الإجراءات التي ستجعل من الصعب على الشركات توظيف الأشخاص من الخارج. أعلنت هذا العام حدا أدنى جديدا للرواتب ونظاما "قائما على النقاط" للموافقة على تصاريح العمل، تأشيرة سنغافورة للمهنيين ذوي الرواتب المرتفعة.
القواعد، التي ستشترط بدءا من أيلول (سبتمبر) ألا يقل أجر المتخصصين الماليين الوافدين عن 5،500 دولار سنغافوري "4،050 دولارا أمريكيا" شهريا، من المحتمل ألا تزعج المصرفيين في هونج كونج. كما أن العداء تجاه المغتربين، الذي نادرا ما يعبر عنه السنغافوريون علنا، من غير المرجح أن يردع اليائسين للهروب من هونج كونج.
لكن خارج منطقة الأعمال المركزية في سنغافورة، هناك كثير ممن لن يرحبوا بآخر الوافدين وقد يرغبون في أن تتخذ الحكومة إجراءات أكثر صرامة.
قال إريك تان، مصرفي متقاعد في سنغافورة، إن أي شركة تنقل فرقا من هونج كونج ينبغي أن تفكر في استبدال سنغافوريين بالموظفين المغتربين في غضون عامين.
قال تان، موظف سابق في مصرف إتش إس بي سي، "نذهب إلى مكان العمل ونجد أننا أقلية. يجب أن يستفيد السنغافوريون الأصليون، السنغافوريون الأساسيون، لأن هذا هو بلدهم. يجب أن نعتني بالمجموعة الأساسية".