رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أصغر منك بيوم

يأتي مع قدوم رمضان المبارك كثير من المداخلات ذات العلاقة بالغذاء وأساليبه وما ينفع وما يضر منه. لعل النشاط المحموم في وسائل التواصل وما يحققه المشاهير من مبيعات في مجال التسويق ، يجعلنا نتلقى رسائل كثيرة ومتعارضة.
تجد الطبيب الموثوق الذي يتعامل مع أدق أعضاء الجسم يطالب بشرب العصائر ذات الصبغات والمقالي التي تخرج من رحم الزيوت المهدرجة، التي طالنا فيها كثير من التحذير طوال الأعوام الماضية، ثم يأتي أشخاص لا علاقة لهم بالتخصص فيوصون ببرامج وأساليب حياة جديدة لم يتعودها الناس في أعوام عمرهم التي صام الواحد فيها أياما وشهورا دونما حاجة إلى هذا التغيير.
يمكن أن نتذكر في المقام المطالبات بإيقاف الدراسة في الشهر الكريم وما تناوله الناس من مزايا وعيوب فيها لتتحول إلى قضية تشغل الأسرة. تميز هذا العام بخروج الناس من حصار أزمة كورونا وهو ما يجعلني أطالب بالتخفيف على المتلقي من النصائح غير المفيدة وغير المطبقة من قبل المتحدثين أنفسهم.
أما كيف غيرت وسائل التواصل مفاهيم الناس ونشرت في كثير منا حب الشهرة بغض النظر من أين أتت، فذلكم مرض عالمي يعانيه كثير من سكان الكرة الأرضية بما أحدثته هذه الوسائل من معايير مختلفة لتقويم الحياة والناس. يتساوى اليوم الكبار والصغار في اندماجهم مع الصورة النمطية الجديدة وهي تحاصرنا في كل مكان وزمان بحكم وجودها في أيدينا وجيوبنا وسياراتنا وبيوتنا ومع صغارنا قبل كبارنا.
أميل إلى العودة للماضي ومحاولة الحفاظ على أي شيء يربطني به، لأن ما نشاهده من تغييرات وتحولات عالمية ستبعدنا بشكل متدرج عن ذلك الماضي، ولعل الأزمة التي تعيشها الأجيال في الاختلاف الثقافي والسلوكي أصبحت جزءا من الماضي، فها نحن نجد كثيرا من التشابه بين فئات العمر المختلفة وهو ما لم يكن من ضمن واقع الأمس.
القدرة التي توافرت في زمن مضى للتفريق بين الأجيال لم تعد حقيقة اليوم، والسبب الرئيس هو ما حققه الجيل الحاضر من قفزات تقنية مكنت الأطفال الصغار من التعامل مع أعقد القضايا، وحل أصعب المعاضل. هل يعني هذا أن فرق العمر لم يعد ذا قيمة، وهل انتهى مفعول التفرقة الذي يبنى على السن ليصبح "الأصغر منك بيوم أعرف منك بسنة"... ننتظر لنرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي