الجمود يهيمن على بورصة هونج كونج
انخفضت عملية جمع الأموال في بورصة هونج كونج إلى أبطأ وتيرة له منذ الأزمة المالية العالمية، حيث أدت الشكوك الاقتصادية والتنظيمية إلى تفاقم المخاوف بشأن الشركات الصينية التي قادت في السابق نمطا ثابتا من عمليات الإدراج المربحة.
في الأشهر الثلاثة الأولى من 2022، انخفض إجمالي جمع الأموال من الطروحات الأولى وعمليات بيع الأسهم اللاحقة والسندات القابلة للتحويل في بورصة هونج كونج إلى 4.9 مليار دولار، وفقا لبيانات من شركة رفينتيف، ما يعكس انخفاضا 87 في المائة عن العام السابق ويجعل هذا الربع الأسوأ بالنسبة إلى بورصة هونج كونج منذ أواخر 2008.
يؤكد التباطؤ على مخاوف المستثمرين بشأن ضخ رؤوس أموال جديدة في الشركات الصينية في وقت يضفي فيه فيروس كورونا وعدم اليقين التنظيمي والأزمة في أوكرانيا غموضا على الآفاق المستقبلية. على الرغم من سلسلة من عمليات الإدراج الكبرى هذا العام في الأسواق الآسيوية، كان هناك عدد قليل من الصفقات التي تم إبرامها في بورصة هونج كونج حتى الآن.
باع المستثمرون الأجانب نحو أربعة مليارات دولار من الأسهم المتداولة في أسواق البر الصيني في الربع الأول، في حين انخفض مؤشر هانج سنج في بورصة هونج كونج 30 في المائة تقريبا عن أعلى مستوى سجله أخيرا في شباط (فبراير) الماضي.
"هناك كثير من عدم اليقين" للمضي قدما في معظم عمليات الإدراج، وفقا لمصرفي مستقر في هونج كونج ويعمل في أحد المصارف الاستثمارية في وول ستريت. "هناك الإجراءات الصارمة بحق شركات التكنولوجيا، وعمليات الإغلاق على مستوى البلاد (...) هناك كثير من المخاوف بشكل عام".
أدت عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا في شنغهاي، عاصمة الصين المالية، إلى زيادة خطر تباطؤ النمو الاقتصادي حيث تنتهج بكين سياسة صفر كوفيد، في حين يقيم مديرو الصناديق الآثار المحتملة لرفض البلد الانضمام إلى الدول الغربية في إدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
تأثرت سمعة هونج كونج بصفتها مركزا ماليا بسبب قيود كوفيد الصارمة التي تفرضها المدينة والاستقالات الأخيرة لقضاة المملكة المتحدة من المحكمة العليا في الإقليم استجابة لإدخال قانون صارم للأمن القومي.
أدت أزمة السيولة لدى أكبر شركات تطوير العقارات في الصين - ومعظمها مدرجة في بورصة هونج كونج - إلى زيادة المخاوف، حيث فوتت عشر مجموعات عقارية على الأقل موعدا نهائيا لنشر النتائج السنوية الأسبوع الماضي، ما أجبر بورصة هونج كونج على تعليق التداول بالنسبة إلى بعضها.
قال نايجل ستيفنسون، محلل أسهم في شركة جي إم تي المدرجة في بورصة هونج كونج، "إذا كنت شركة صينية تمضي قدما في الإدراج في الخارج الآن، فقد يكون ذلك علامة على اليأس".
كان من المتوقع أن تستفيد هونج كونج من التوترات الجيوسياسية بين بكين وواشنطن، حيث جعلت الإجراءات التنظيمية في كل من البلدين من الصعب على الشركات الصينية الإدراج في بورصة نيويورك.
تسابقت المصارف الاستثمارية العالمية لإعادة توجيه الاكتتابات العامة الصينية من بورصة نيويورك إلى بورصة هونج كونج، بعد أن أطلقت بكين حملتها الصارمة ضد شركات التكنولوجيا قبل تسعة أشهر ردا على إدراج الولايات المتحدة لمنصة ديدي لمشاركة سيارة الأجرة على الرغم من تحذيرات السلطات الصينية.
لأن الإجراءات العقابية من قبل الجهات التنظيمية وجهت ضربة لتقييمات أكبر شركات التكنولوجيا في الصين، قدر مصرف جولدمان ساكس أن أكثر من نصف صفقاته الأمريكية المخططة للشركات الصينية يمكن تحويلها إلى الأراضي الصينية.
لكن خط الإمداد هذا للصفقات الجديدة لم يتحقق بعد. الخلاف بين بكين والولايات المتحدة حول إمكانية الوصول إلى عمليات التدقيق - الذي حاولت الصين تهدأته نهاية الأسبوع الماضي من خلال مراجعة قوانينها الصارمة فيما يتعلق بالسرية المالية - فشل في تحفيز موجة أخرى من الطروحات الثانوية في بورصة هونج كونج من قبل الشركات التي تسعى إلى الطروحات الاحتياطية.
قال ديكي وونج، رئيس الأبحاث في شركة كينجستون سيكيورتيز، "في العامين الماضيين، عادت كثير من الشركات الكبرى بالفعل إلى بورصة هونج كونج"، مشيرا إلى أمثال شركة ميتوان لتوصيل الطعام ومجموعة نت إيز للألعاب. قال وونج إن التوترات بين الولايات المتحدة والصين تلقي بثقلها الآن على الأسهم المدرجة في بورصة هونج كونج بدلا من دفع أعمال جديدة.
قلة عمليات الإدراج أضافت إلى المشكلات في بورصة هونج كونج، حيث أخفقت أكثر من 160 شركة في تقديم حساباتها الأسبوع الماضي، وهي زيادة حادة عن نحو 90 شركة في العام الماضي. اضطرت 33 شركة على الأقل مدرجة في بورصة هونج كونج، تتضمن كثيرا من شركات التطوير العقاري الصينية الكبرى، لتعليق التداول الجمعة، ما أثر في أسهم بمليارات الدولارات.
معظم الشركات التي لم تتمكن من الوفاء بالموعد النهائي لتقديم حساباتها تذرعت بقيود السفر الخاصة بفيروس كورونا التي زادت من صعوبة استكمال عمليات تدقيقها. كانت هناك أيضا سلسلة من استقالات المدققين في شركات تطوير العقارات الصينية المدرجة في هونج كونج. قال ستيفنسون من شركة جيه إم تي، "على المدى القصير، فإن التوقعات ليست جيدة لبورصة هونج كونج".
قال ألكسندر تافازي، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بكتيت آسيت منجمنت، إن البصمة الهائلة لمجموعات التكنولوجيا والعقارات الصينية في هونج كونج أثرت في سوق الأسهم في المدينة في الربع الأول، ما أدى إلى رد عمليات الإدراج الجديدة.
قال، "أيا كان ما سيحدث لتلك القطاعات، سيؤثر في السوق الواسعة".