السياحة تحت الأرض

هناك في الظلام الدامس حيث المجهول، لم يكن أحد يفكر في النزول تحت الأرض إلا لحاجة ملحة مثل التعدين وحفر الآبار، ويعد من يقوم بذلك بطلا لسبره أغوار المجهول فضلا عما يعانيه هناك، لكن في الأعوام الأخيرة أصبح باطن الأرض مقصدا سياحيا مليئا بالأماكن الرائعة التي تستحق الزيارة، ومن أشهر تلك الأماكن كاتدرائية الملح في كولومبيا التي بناها عمال المناجم بمشاركة مهندسين ونحاتين بالقرب من منجم قديم بديلا عن المكان الذي كان يستخدم ملاذا ومكانا للعبادة حفره العمال ليناجوا ربهم هناك.
نحتت الكاتدرائية من الملح والصخور والمعادن على عمق 200 متر تحت سطح الأرض بحرفية عالية ينساب الضوء باللونين الأزرق والبنفسجي إلى غرفها في جمال فريد جعلها من أغرب الأبنية، وحصلت على وسام أول عجائب كولومبيا وافتتحت في 1995.
ويصر البشر على تحويل أكثر الأماكن عتمة وخطورة على وجه الأرض إلى أماكن حالمة تجلب السعادة، حيث حولت رومانيا منجم ملح مهجور إلى مدينة ملاه ساحرة ومزار سياحي جذاب يزوره مئات الآلاف من البشر سنويا، ويدر على خزينتها ملايين الدولارات ويحتوي المتنزه على مسرح مفتوح يتسع لـ180 شخصا وملعبين صغيرين للجولف وتنس الطاولة وبلياردو وزوارق للتنزه في البحيرة التي تحيط بالملاهي، كما يحتوي "سالينا توردا" أيضا على سكك حديدية ومتحف عن تاريخ المنجم وأيضا يستطيع الزوار أن يتمتعوا بمشاهدة أعمدة الملح الطبيعي المتدلية في كهوف المنجم. كان يستخدم كملجأ في الحروب ثم تحول إلى مستودع لحفظ الأجبان لبرودته.
ومن مناجم الملح إلى أعماق البراكين، فلم يعد يكتفي البشر بشد الرحال لمشاهدة ثورة الطبيعة وتنفس الأرض من بعيد، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك بغوصهم في أعماق أحد براكين آيسلندا التي استغلت ما يعد إحدى الكوارث الطبيعية ومكنت السائحين من مشاهدة البراكين الثائرة، بل وأخذهم في رحلة لتسلق البركان الخامد حتى فوهته ومن ثم النزول 120 مترا حتى قاع البركان في مصعد مفتوح للتمتع بجمال الطبيعة والمناظر الخلابة من حولهم.
وتتحفنا الهند دوما بعجائبها، ففي قرية أجانتا يوجد 30 كهفا يرجع تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وهي كهوف أديرة قديمة وقاعات عبادة لطوائف بوذية مختلفة، تحتوي على لوحات وتماثيل منحوتة على الصخور، تصور الحياة الماضية وروائع الفن الهندي الديني الذي أثر في الفن الهندي الحديث، وإضافة إلى العبادة استخدمت هذه الكهوف كاستراحة للتجار والحجاج في الهند القديمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي