مرتكزات استثمارية ومكتسبات سياحية
تستهدف المملكة الوصول إلى 100 مليون سائح سنويا بحلول عام 2030، وأن تسهم السياحة بـ10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بدلا من 3 في المائة الآن، لكن المسألة ليست مجرد طموح ورؤية، بل تستند إلى مرتكزات أساسية عدة، أبرزها أنها تحتوي على كثير من المواقع الأثرية والطبيعية التي يتعطش العالم إلى زيارتها، والدليل على ذلك ما تم إعلانه أخيرا عن إصدار 77 ألف تأشيرة إلكترونية خلال الشهر الأول من فتح المملكة حدودها، وأوصى 50 في المائة من الزائرين للمملكة العائلة والأصدقاء بعد رحلتهم، بحسب ما نشر في موقع «روح السعودية».
والبلاد اليوم تحتوي على خمسة مواقع مسجلة ضمن التراث العالمي لليونيسكو، والآلاف من المواقع السياحية والأثرية والمسارات التاريخية التي تصور عصورا وحقبا مختلفة من التطور البشري. كما يبرز الموقع الجغرافي المميز والتنوع البيولوجي، مع تنوع في التضاريس مدهش إلى حد بعيد، وقلما يوجد في منطقة جغرافية أخرى حول العالم. هذا التنوع الذي تمتاز به المملكة يربط بين السهل والساحل والبحر بشكل سلس من خلال مساحة كبيرة من الشواطئ الجميلة على البحر الأحمر والخليج العربي، وهناك ما يزيد على 1420 جزيرة سعودية يمكن أن تكون وجهة سياحية لكثيرين. وتتوزع هذه الجزر السياحية بين 1285 جزيرة في البحر الأحمر، تمثل نحو 89 في المائة، في حين يبلغ عدد الجزر السعودية في الخليج العربي نحو 135 جزيرة، تمثل نحو 11 في المائة من مجمل جزر المملكة. وتمتلك هذه الجزر مقومات جذب سياحي خيالية، فهي متنوعة المساحات والتضاريس والبيئات، ما بين جزر ذات أصول مرجانية، ورملية، وقارية، وبركانية، وتطرز حواف الشواطئ بالرمال الناعمة، والمرتفعات الجبلية، والتجمعات النباتية، إضافة إلى شعابها المرجانية المتنوعة، ما يؤهلها لتكون مقصدا سياحيا للصيد والغوص والاستجمام في معظم فصول العام. ولقد تضمنت رؤية المملكة 2030 مبادرات من أجل تطوير الجزر في المملكة لأغراض السياحة تضمن تعزيز دورها السياحي واستثمارها بشكل مناسب مع تلافي آثارها السلبية في النواحي الأمنية والبيئية، ومن أجل تعزيز الاتجاه الاستثماري للجزر صدر أمر سام في 1436هـ، بتشكيل لجنة تضم جهات حكومية للقيام بحصر الجزر المناسب استغلالها كأماكن سياحية عامة، وإعداد مشروع تنظيم للاستغلال الأمثل لها، وتحديد الأنظمة واللوائح بما في ذلك آلية الاستثمار والتأجير طويل الأجل التي يراد تطبيقها على الأماكن السياحية العامة، ووضع الآلية اللازمة للاستثمار في الأماكن السياحية للجزر التي سيتم تحديدها.
وفي هذا المسار، أطلق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس إدارة شركة البحر الأحمر للتطوير، في مطلع عام 2021، أحد أكبر المشاريع السياحية العملاقة "كورال بلوم"، كأول استثمار في سياحة الجزر البحرية، وهو مشروع يمتد على مساحة 28 ألف كيلومتر مربع، ويضم أكثر من 90 جزيرة بكرا تنتشر على خط ساحلي جذاب يتميز برمال بيضاء ناعمة، وبراكين خامدة، وصحراء، وجبال وطبيعة خلابة، إضافة إلى المعالم الثقافية المميزة. والتزاما برؤية المملكة في شأن الاستثمار الآمن لهذه الجزر، فقد تم استخدام مواد بناء خفيفة ذات كتلة حرارية منخفضة ومصنعة خارج موقع المشروع، الأمر الذي يحقق كفاءة أعلى في استهلاك الطاقة وتأثيرا أقل في البيئة، مع تحقيق أعلى المعايير من خلال عدد من الفنادق والمنتجعات بأرقى العلامات الفندقية العالمية وبتكلفة تقديرية للمشروع بين 12 و14 مليار ريال "3.7 مليار دولار"، وتبرز جزيرة شريرة أحد أبرز المعالم.
والسياحة أحد أسرع القطاعات نموا في العالم، حتى رغم التراجع الواسع الذي واجهته بسبب انتشار فيروس كورونا، فمن المتوقع - بحسب تقارير صحافية - أن ينمو القطاع السياحي 3.7 في المائة بحلول عام 2029، ستسهم بما يزيد على 13 مليار دولار في الاقتصاد العالمي، تعادل 11.5 في المائة من الناتج المحلي العالمي. ويدعم القطاع السياحي 319 مليون وظيفة على مستوى العالم
- نحو واحدة من كل عشر وظائف عالميا - ومسؤول عن توفير وظيفة مقابل كل خمس وظائف يتم توفيرها عالميا في الأعوام الخمسة الأخيرة عبر مشاركة أكبر نسبة من الشباب والنساء من القوة العاملة الكلية. إن التطوير السياحي للجزر في المملكة كفيل بإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المحلي لكثير من المناطق القريبة منها.