المقترضون الخليجيون يراجعون محافظهم لتحديد خطوط التمويل المتأثرة بالفائدة المتغيرة للدولار
أفاد عاملون في قطاع الإقراض المصرفي الخليجي أن أصحاب القروض الدولارية يراجعون محفظة قروضهم، لتحديد نسبة خطوط التمويل المتأثرة بالفائدة المتغيرة التي ترتبط بحركة الليبور.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، تأتي هذه المراجعات على خلفية ارتفاع "مؤشر تكلفة الاقتراض الدولاري"، بأكثر من 800 في المائة، من أدنى قاع له، حيث سجل 1.01 في المائة، بنهاية الربع الأول من العام الجاري.
وجاء الارتفاع الدراماتيكي لليبور في ظرف ستة أشهر من القاع الذي سجله في وقت سابق من العام الماضي، وكان "المرجع التسعيري لصفقات التمويل الدولارية" قد بلغ أدنى مستوى له عند 0.11 في المائة، في أيلول (سبتمبر) 2021 بحسب بيانات منصة "سي بوندز" Cbonds.
وبحسب منصة "ريد" REDD فإن صفقات القروض المجمعة "في الخليج" لا تزال مستمرة على نحو طبيعي منذ بداية العام حتى الآن.
معلوم أن منصة "ريد"، التي تتخذ من نيويورك وسنغافورة مقرا لها، متخصصة في متابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون، مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
وكان الليبور بلغ أدنى مستوياته التاريخية منذ أكثر من 35 عاما خلال العام الماضي. ويستخدم الليبور لتسعير عقود بقيمة 400 تريليون دولار تقريبا ما بين قروض عقارية وبطاقات ائتمان ومبادلات. ويتم تسعير معظم القروض الدولاية وفقا للفائدة المتغيرة التي تعتمد على حركة مؤشر الليبور الذي تتفاوت معدلاته وفقا لآجال متفاوتة. وكان الليبور لأجل ثلاثة أشهر، قد بدأ العام الجاري عند 0.21 في المائة، والآن عند 1.01 في المائة، بنهاية الربع الأول. وكانت قد توجهت الشركات السعودية والخليجية بشكل مكثف نحو القروض المجمعة والثنائية في العامين الماضيين بعد انخفاض أسعار الفائدة.
معلوم أن معظم القروض الدولارية "بشكل عام"، سواء القروض الثنائية أو نظيرتها المجمعة، تستعين بالمرجع التسعيري الليبور "وهو سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن"، ويعد الليبور من أهم مؤشرات الفائدة العالمية التي تستخدم في أسواق النقد ومعظم العقود المصرفية الدولارية.
يذكر أنه في 2020 و2021 زاد إقبال الجهات الخليجية مع خيار القروض المصرفية المجمعة أو الثنائية بعد انخفاض أسعار الفائدة، الأمر الذي أسهم في تخفيض تكلفة التمويل على تلك الجهات. وبخلاف التكلفة المتدنية التي وفرتها البنوك الدولية لعملائها الخليجيين من أصحاب التصنيفات الائتمانية من الدرجة الاستثمارية خلال تلك الفترة، فإن بعض الجهات الحكومية قد مالت إلى خيار الاستدانة الدولارية عبر القروض من أجل عدم مزاحمة القطاع الخاص على السيولة المحلية "لكون القروض في تلك الحالة ستكون مقومة بالعملات المحلية".
معلوم أنه بعد الهبوط المتواصل لمعدلات الفائدة الدولارية خلال 2020 و2021، كان أصحاب القروض الدولارية "القدامى" من الخليجيين والسعوديين من أكثر المنتفعين من تدني مستويات الليبور، بعدما أصبحت قروضهم القائمة، في ذلك الوقت، تصنف على أنها ذات "فائدة متدنية". حيث تحمي البنود التعاقدية المستدينين من دفع فائدة أعلى.
أهمية الليبور للقروض الدولارية
يولي العاملون في أسواق النقد قصيرة الأجل "وكذلك مصرفيو القروض" أهمية بالغة لحركة الليبور "سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن". وكما هي الحال مع السايبور، يعبر الليبور عن متوسط سعر الفائدة على المدى القصير. تاريخيا وخلال الأعوام العشرة الماضية، يتم تداول مؤشرات الائتمان المقومة بالعملات الخليجية بعلاوة ضد نظيرتها المقومة بالدولار، بحكم ربط العملة.
ويتم تسعير معظم القروض الدولاية وفقا للفائدة المتغيرة التي تعتمد على حركة مؤشر الليبور الذي تتفاوت معدلاته وفقا لآجال متفاوتة، حيث يتم اختيار الفائدة المتغيرة مع القروض المجمعة بشكل عام، فهامش تكلفة التمويل ثابت، لكن الذي يتغير هو الفائدة الخاصة بمؤشر القياس، بحيث تزداد أو تنخفض الدفعات الدورية مع كل إعادة تقييم re-setting لليبور، التي ستتم خلال أعوام استخدام القرض. وعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من القروض المجمعة تكون بفائدة متغيرة إلا أن هناك نسبة ضئيلة من القروض المجمعة تكون بفائدة ثابتة.
يذكر أن اليوروبور Euribor هو سعر الفائدة الذي تتعامل به المصارف الأوروبية مع بعضها بعضا، خلال معاملات اليورو في أسواق النقد. ويعد اليوروبور حجر الأساس لتسعير معدلات الفائدة للمنتجات المصرفية وحسابات التوفير والعقود الخاصة بالمشتقات.
السقف الأدنى
عندما كان الليبور يتداول بمستويات متدنية أواخر 2020، شرعت عدة مؤسسات مالية دولية في مفاتحة عملائها الخليجيين بشأن وضع "سقف أدنى" على عائد الليبور مع القروض الجديدة الدولارية خلال تلك الفترة.
وتكمن الغاية من ذلك في حماية الممولين من الفائدة السلبية التي قد تصل إلى القروض الدولارية. إضافة إلى ذلك فإن تكلفة تلك القروض "الممنوحة للعملاء" كانت قد أوشكت على أن تلامس تكلفة التمويل الداخلية للبنوك الدولية. مع العلم أن السقف الأدنى يضمن على الأقل أن الجهة الممولة ستحصل على الحد الأدنى من دفعات الفائدة مقارنة بالمستويات المرتفعة التي كانت عليها المراجع التسعيرية كالليبور عندما تم جمع تلك القروض للعملاء.
وبحسب بيانات "رفينيتيف"، فإن 17 في المائة من القروض الدولارية التي تم جمعها عالميا في فبراير 2020 تضمنت سقفا أدنى يصل الى 1 في المائة من فائدة الليبور. وبذلك يضمن المستثمرون أو المقرضون أن عوائدهم على القروض لن تنخفض كثيرا "عبر حصولهم على العائد الأدنى" في حال حدث الأسوأ لمعدلات الليبور. ويعيد خيار اللجوء إلى "السقف الأدنى لليبور" ما قام به مصرفيو القروض إبان الأزمة المالية العالمية "2007 و2008" عندما كان هذا الحل بمنزلة الترياق. وتمت إزالة هذا السقف بعدما تجاوز الليبور حاجز 1 في المائة بعد تلك الفترة الحرجة على الأسواق العالمية. ويشير تقرير لوكالة "فتش" نشرته في أبريل 2020 أن 50.5 في المائة مما يعرف بقروض "الرافعة المالية" في الولايات المتحدة قد وضعت السقف الأدنى لليبور عند 0 في المائة. وتأتي الفائدة المتدنية على الدولار واليورو كإجراء طبيعي خلال تلك الفترة، نتيجة جهود البنوك المركزية العالمية التي أسهمت في تخفيض تكلفة الاستدانة في سوق النقد قصيرة الأجل. وفي الوقت الذي تتفاوت فيه نسبة السقف الأدنى، فإن رصد الصحيفة في ذلك الوقت أظهر تفاوت النسبة ما بين 1 إلى 0 في المائة، حيث كان الليبور "للعملة الدولارية" يبتعد 11 نقطة أساس عن الفائدة الصفرية.
القروض الدولارية في 2019
كانت "الاقتصادية" نشرت تحليلا في 1 مارس 2020 ذكرت فيه أن المقترضين السعوديين حافظوا على مستويات الاستدانة بالعملة الدولارية من القروض المجمعة بفئاتها كافة بنهاية العام الماضي، لتسجل ثاني أعلى نمو على القروض الدولارية خلال الأعوام العشرة الماضية.
وبلغ إجمالي القروض الدولارية 29.7 مليار دولار بنهاية 2019، مسجلة انخفاضا طفيفا 1.6 في المائة عن إجمالي القروض الدولارية المسجلة بنهاية 2018، وعزا مراقبون ذلك الانخفاض الطفيف على أساس سنوي، إلى كون بعض المقترضين فضلوا التحول إلى أسواق الدين من أجل الحصول على تكلفة تمويل متدنية وثابتة وإطالة أجل الاستحقاقات، وهي مميزات قد لا توفرها المصارف للمقترضين المحتملين.
المقترضون الدولاريون في 2018
تظهر البيانات أن المقترضين السعوديين سجلوا رقما قياسيا في القروض المجمعة الدولارية التي بلغت بنهاية 2018 ما يصل إلى 38 مليار دولار، وهذا ضعف ما سجل في 2017، وهم بذلك يحتلون المرتبة الأولى خليجيا، متبوعين بالمقترضين الإماراتيين "ذلك بإجمالي صفقات وصل إلى 25 مليار دولار"، ولوحظ أن 27 مليار دولار من الـ38 مليار دولار جاءت من جهات سيادية سعودية.
وبحسب رصد لبيانات إجمالي القروض المجمعة التي حصل عليها المقترضون السعوديون في 2018 البالغة 49.5 مليار دولار "شاملة القروض المقومة بالريال والدولار"، شكلت القروض المقومة بالدولار نسبة لامست 77 في المائة من الإجمالي.
وبلغ إجمالي القروض المجمعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال 2018 أكثر من 127.2 مليار، وكان نصيب المقترضين الخليجيين من القروض المجمعة نحو 114.5 مليار دولار من إجمالي القروض المجمعة للعام نفسه، حيث استحوذت المملكة على 33 في المائة منها.
وحدة التقارير الاقتصادية