5 طرق لخوض حرب معلوماتية
حام إصبعي فوق فأرة التحكم وأنا أفكر لفترة وجيزة في إعادة تغريد صور "باتيل أوف سنايك آيلاند". لعلك رأيتها، وربما أعدت تغريدها بنفسك. كانت هذه الصور، على ما يبدو، اللحظات الأخيرة لحياة 13 جنديا أوكرانيا، كانت سفينة روسية تطالبهم بالاستسلام، والرد الأوكراني، "سفينة روسيا الحربية، اذهبي إلى الجحيم". الخلاصة، قتل جميع الجنود الـ13 على الفور في قصف روسي.
لكن في حين كان إصبعي يحوم فوق فأرة التحكم، لم أقم بإعادة نشر التغريدة لمتابعيني البالغ عددهم 200 ألف تقريبا. لِمَ لا؟ كان هناك شيء مثالي للغاية حول القصة القصيرة عن الشجاعة والفظائع، ولم يكن لدي أي وسيلة لمعرفة ما إذا كان أي منها صحيحا. على حد علمي، تم التقاط الصورة في شتلاند، وكانت المحادثة الصوتية مأخوذة من إعلان بيتزا روماني.
بعد عدة أيام اتضح أنه على الرغم من أن المحادثة كانت حقيقية، إلا أن الخلاصة لم تكن كذلك. تم أسر الجنود الجريئين أحياء. قال الروس إن هذا ما حدث منذ البداية، حتى الساعة المتوقفة تكون صائبة مرتين في اليوم.
بالنسبة إلى المحظوظين منا بما يكفي ليكونوا على مسافة آمنة من أهوال الحرب، فإن الأزمة في أوكرانيا توفر دورة تدريبية مكثفة في كيفية التفكير في المعلومات الخاطئة عرضا والمعلومات المضللة المتعمدة. استنتجت خمسة دروس.
أولا، ينبغي أن ندرك أن كثيرا من المعلومات المضللة بسيطة لدرجة السخف. لعدة عقود، كان الناس يشعرون بالقلق بشأن "الأكاذيب والإحصائيات اللعينة"، خوفا من أن تكون البيانات المعدلة بذكاء السلاح الأقوى للمعلومات المضللة. لكن في الآونة الأخيرة، كان هناك نوع من الذعر بشأن تكنولوجيا مقاطع الفيديو "المزيفة". لكن لا يتطلب الأمر محترفا في تأثيرات مقاطع الفيديو ليخدعنا. بالنسبة إلى الجمهور المتلقي أو المشتت، فإن كذبة بسيطة كافية.
كثير من المعلومات المضللة التي يتم تداولها أشياء من مستوى رياض الأطفال، مقاطع من ألعاب الحاسوب أو لقطات أعيدت تسميتها. يحتوي موقع UkraineFacts.org، وهو تعاون بين منظمات التأكد من الحقائق، على مئات الأمثلة، بما في ذلك فيديو لقوات المظلات تم تصويره منذ أعوام في ولاية كارولينا الشمالية، وصورة لصاروخ من الحقبة السوفياتية تم التقاطه في متحف، ولقطات من فيلم ديب إيمباكت. قد لا تكون الكاميرا كاذبة، لكن النص المرفق معها كذلك.
"هذه الوسائط التي تم تغيير سياقها" مناسبة بشكل مثالي للمشاركة على منصات التواصل الاجتماعي. الوظيفة الرئيسة لمنصة تيك توك، مثلا، تتمثل في تسهيل تحرير مقاطع الوسائط ثم مشاركتها، بعد تجريدها من سياقها الأصلي.
ثانيا، ينبغي أن نتمهل وأن نتنبه لكل من الادعاء ورد فعلنا تجاهه. نحن لا نقع ضحية التضليل لأننا أغبياء، بل لأننا مستثارون عاطفيا. يمكننا في الأغلب اكتشاف الكذب إذا فكرنا بهدوء. لكن إذا شعرنا بالغضب أو الخوف أو ضحكنا بصوت عال، فإننا لا نفكر بهدوء.
ثالثا، لدينا حلفاء في معركتنا من أجل الحقيقة. هناك حركة متنامية من مدققي الحقائق المستقلين الدؤوبين، وهناك أيضا أشخاص يطلق عليهم "الصحافيون" ومهمتهم هي معرفة ما يجري. بعضهم جيد فيما يقوم به، وبعضهم يخاطر بحياته الآن لفعل ذلك.
رابعا، ينبغي أن نتذكر أن عدم التصديق العشوائي ضار على الأقل مثل التصديق العشوائي. قد يبدو من الذكاء رفض كل ادعاء باعتباره تضليلا محتملا، لكن من الأكثر حكمة محاولة معرفة الفرق بين الحقيقة والأكاذيب.
في الواقع، في الأغلب ما يتم تصميم المعلومات المضللة لخداع السذج بشكل أقل، ولإجبارنا جميعا على عكس توجهنا بشكل أكبر، رافضين بشكل غريزي فكرة أن الحقيقة ستظهر إلى الأبد. قلة من الناس تنخدع بالصور الخرقاء لنسخة مزيفة للرئيس زيلينسكي، وهو يأمر الأوكرانيين بالاستسلام، لكن مزيدا من الناس سيرفضون صورا حقيقية تماما.
أبلغت منظمة برو ببليكا الإخبارية غير الربحية أخيرا عن ظاهرة التحقق الوهمي من الحقائق. يبدو أن المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تم تضخيمها من قبل التلفزيون الروسي الحكومي، كانت بمنزلة مدققي حقائق يفضحون المعلومات المضللة الأوكرانية. في الواقع، هم أنفسهم ينشرون معلومات مضللة، ويفضحون الادعاءات التي لم يتم قولها أبدا. إنها نسخة أكثر تعقيدا من حزب المحافظين في المملكة المتحدة الذي أعاد تسمية نفسه لفترة وجيزة على منصة تويتر في 2019 بصفته منظمة للتأكد من الحقائق. في كلتا الحالتين، ربما لا يكون الهدف خداعا مباشرا، بل توليد الارتباك والسخرية والإلهاء.
ما يوصلني إلى الدرس الخامس، ينبغي ألا نغفل عما يهم. أكتب هذا العمود عن التضليل لأنني أعرف عن المعلومات المضللة أكثر من علم الكرملين أو حروب الأسلحة مجتمعة. لكن من الضروري عدم السماح لمناقشة المعلومات المضللة بإلهائنا عما يحدث - أزمة اقتصادية وكارثة إنسانية.
على الرغم من أن معظمنا بعيدون عن الدبابات والقنابل، إلا أننا جميعا نشارك في حرب المعلومات. الخبر السار هو أن كل واحد منا كان يتدرب من أجل ذلك طوال حياتنا. لقد طورنا إحساسا شديدا لكشف الهراء، وملأنا صناديق أدواتنا المعرفية بأدوات حادة وقوية للتفكير بوضوح.
كل مقال صحافي قرأته، وكل نقاش سياسي شاهدته، وكل محادثة قمت بها وكل منشور على وسائل التواصل الاجتماعي فكرت في مشاركته - جميعها أعدتك للمهمة الصعبة لكن الضرورية لتحمل المسؤولية لما تقرأه وتشاركه وتصدقه ولا تصدقه.
بالنسبة إلى معظمنا، فإن المصادر النادرة في حرب المعلومات هذه ليست أعواما من الدراسة أو الذكاء الفكري. إنها أصول أكثر ليونة، الفضول والصبر والمثابرة والحكم. لم يفت الأوان بعد لإحضارهم إلى المعركة.