شركات ويبتون الكورية تستهدف عمليات الاستحواذ العالمية

شركات ويبتون الكورية  تستهدف عمليات الاستحواذ العالمية

بصفتها مؤلفة لسلسلة جذبت 1.2 مليار قارئ، تعد راشيل سميث إحدى المبتكرات الرائدات لقصص ويبتون في العالم. لكن في موطنها نيوزلندا، يبدو أن لا أحد يعلم ما تفعل.
"إذا ذهبت إلى حفلة، يقول الناس، لا أعلم ما هذا". كما قالت سميث، التي تصدرت روايتها المصورة المقتبسة عن سلسلتها "لور أوليمبوس" قائمة أكثر الكتب مبيعا لصحيفة "نيويورك تايمز" العام الماضي. أضافت، "وعندما أخبرهم أنني حصلت على وظيفة لدى تطبيق تم تأسيسه في كوريا، فإنهم يقولون، "راشيل، يبدو الأمر كعملية احتيال - هل ستكونين على ما يرام؟".
قصص ويبتون، عبارة عن قصص كارتونية مصممة لتتم قراءتها على الهاتف الذكي، تعد أحدث الصادرات الثقافية لكوريا الجنوبية التي تخرج من آسيا في أعقاب النجاح العالمي الذي حققه نجوم فرقة بي تي إس الموسيقية الكورية والنجاح المبهر لمسلسل سكويد جيم الذي يعرض على "نتفليكس".
هذه القصص تمثل بالفعل قطاع عمل كبير في اليابان. في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي حققت شركة بيكوما، الشركة اليابانية التابعة لشركة كاكاو إنترتينمنت الكورية، إيرادات شهرية بلغت 96 مليون دولار، ما يجعلها ثاني أفضل تطبيق لغير الألعاب في العالم. حيث احتل المركز الثاني بعد تطبيق تيك توك فقط، متجاوزا تطبيقي "يوتيوب" و"تندر".
الآن تتجه قصص ويبتون لتقتحم التيار السائد. في نهاية شباط (فبراير)، كان مسلسل أول أوف أص آر ديد "كلنا أموات"، دراما كورية جنوبية تدور حول نهاية العالم وتحول الناس إلى أموات أحياء، بدأت كقصة هزلية رقمية على منصة نافير ويبتون، أكثر مسلسل ناطق بغير اللغة الإنجليزية مشاهدة على منصة نتفليكس. تم تحويل قصص ويبتون من شركة كاكاو مثل "أيتون كلاس"، و"موفينج"، و"دكتور براين" إلى مسلسلات تلفزيونية بشكل ناجح تعرض على منصات "نتفليكس"، و"ديزني بلص"، و"أبل تي في بلص" على التوالي.
لكن تجربة سميث توضح كيف أن قصص ويبتون لا تزال غير معروفة لكثيرين خارج شرق آسيا، حتى مع استقطابها لجيش متزايد من المعجبين الشباب غير الآسيويين واستهدافها للسوق الأمريكية.
أحد رواد هذه الصناعة هو كيم جون كو، مهندس برمجيات أصيب بالإحباط بسبب الموت البطيء لقصص مانوا الهزلية المصورة الكورية التقليدية في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
"نافير ويبتون"، منصة قصص ويبتون الخاصة به التي أسسها في 2004، تعد الآن أكبر منصة في العالم، حيث تضم 750 ألف مبتكر و82 مليون مستخدم نشط شهريا. ارتفع إجمالي حجم البضائع، مقياس لمقدار الأموال التي ينفقها المستخدمون داخل التطبيق، من 492 مليون دولار في 2019 إلى 900 مليون دولار في 2021.
قال كيم، "قصص ويبتون ليست النسخة الرقمية من كتب القصص الهزلية المصورة. إنها قصص هزلية مصورة تم إنشاؤها رقميا. في كوريا، كانت كتب القصص الهزلية المصورة تتلاشى، وكان ذلك مثالا على وضع متدهور أدى إلى الابتكار".
توفر المنصات الرائدة مثل "نافير ويبتون" و"كاكو ويبتون" أدوات للمبتكرين لإنشاء وتحميل قصص ويبتون مجانا، ما يمنح الجمهور كما غير محدود تقريبا من المحتوى.
قال جانج مين جي، أستاذ الاتصالات الإعلامية في جامعة كيونجنام، "لا توجد حدود لنوع قصص ويبتون، الأنواع متعددة للغاية. يمكن للمستخدمين تصفح القصص أثناء التنقل والوصول إليها بسرعة كبيرة وقراءتها في فترة زمنية قصيرة جدا".
نظرا إلى وجود مئات الآلاف من المبتكرين وعشرات الملايين من القراء شهريا، يمكن لشركات قصص ويبتون نشر مجموعة من استراتيجيات تحقيق الدخل. تستخدم بعضها نموذجا شبيها بمنصة يوتيوب لجذب جماهير كبيرة بمحتوى مجاني، والبعض الآخر يستخدم نموذجا شبيها بـ"نتفليكس" لجذب المشتركين الذين يدفعون رسوما للمسلسل الأكثر شهرة أو نموذج "الدفع الجزئي" الذي تفضله تطبيقات الألعاب.
قال سونج جين وو، رئيس إدارة تشغيل المنصة في شركة كاكاو إنترتينمنت، التي تدير منصة كاكاو ويبتون: "لقد تطور نموذج العمل الآن بشكل أكبر لجعل القراء يدفعون مقابل الحلقات التالية إذا كانوا يرغبون في قراءتها على الفور (...) إذا كانت القصة ممتعة وآسرة، فلن يرغب القراء في الانتظار".
وصف محللون وقادة الصناعة مفهوم "الدورة المثمرة"، حيث تجذب الأعمال المقتبسة الناجحة إلى وسائل الإعلام الأخرى مجموعات من المعجبين الدوليين، الذين يتوجهون بعد ذلك إلى قصص ويبتون أثناء بحثهم عن مصدر قصصهم وشخصياتهم المفضلة.
قال بارك جيونج سيو، رئيس أعمال قصص ويبتون في شركة كاكاو إنترتينمنت، "إنتاج الأفلام والمسلسلات التليفزيونية، خاصة الأفلام الخيالية، يكلف كثيرا من الأموال، في حين أن صناعة القصص الهزلية تتطلب القليل من المال لكن يمكن أن يكون لها مؤثرات بصرية رائعة".
إضافة إلى تصدير جماهيرها إلى منصات أجنبية، شرعت المنصات الكورية "باستيراد" الجماهير الأجنبية من خلال صفقات تمنحهم إمكانية الوصول إلى ما يصفه كيم جون كو "بالملكية الفكرية الفائقة".
في 2019، تعاونت شركة كاكاو إنترتينمنت مع شركة دي سي كوميكس لنشر الكتب الهزلية الأمريكية. دخلت منصة نافير ويبتون في شراكات مع كل من "دي سي"، ومنافستها "مارفل و"أرتشي كوميكس" و"هايب"، الشركة الكورية الجنوبية التي تقف وراء فرقة بي تي إس.
نجحت كلتا المنصتين في تكوين جمهور موال في أوروبا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. أطلقت منصة نافير ويبتون، التي تقدم خدماتها بالفرنسية والإسبانية والألمانية، شركتها الأوروبية الخاصة، بينما أطلقت منصة كاكاو ويبتون شركاتها في تايلاند وتايوان العام الماضي.
قال بارك جيونج سيو من شركة كاكاو إنترتينمنت، التي استحوذت على شركة تاباس ميديا لنشر قصص ويبتون في لوس أنجلوس العام الماضي في صفقة قيمتها 510 ملايين دولار، "نحن نركز الآن على التوسع في الولايات المتحدة، التي تعد أكبر سوق محتوى في العالم. لكي نحقق النجاح هناك، نحتاج إلى صنع قصص ويبتون مصممة خصيصا للأذواق الأمريكية".
شكل 14 مليون مستخدم أمريكي لمنصة نافير ويبتون 17 في المائة من قرائها العالميين، مقارنة بـ25 في المائة في كوريا الجنوبية، و15 في المائة في جنوب شرق آسيا، و8 في المائة في اليابان و4 في المائة في أوروبا.
العام الماضي، أكملت الشركة عملية الاستحواذ على شركة واتباد الكندية بقيمة 600 مليون دولار، وهي منصة للمحتوى المكتوب من إنشاء المستخدمين مع 94 مليون مستخدم خاص بها.
إضافة إلى منح الشركة إمكانية الوصول إلى مستخدمين جدد في الأسواق الخارجية، يعتقد المسؤولون التنفيذيون أن عملية شراء الشركة ستساعدهم على زيادة جودة ابتكاراتهم من خلال الشراكة مع رسامين واعدين.
قال آرون ليفيتز، رئيس شركة واتباد، "هناك طريقتان لرواية القصص - واحدة مرئية وأخرى مكتوبة - لذا إذا جمعناهما معا، ستكون أكثر قوة فحسب".
قال كيم جون كو، الرئيس التنفيذي لنافير ويبتون، في حين أن طموحات شركته كانت مدعومة من قبل نافير، شركتها الأم الثرية وبوابة الويب الكورية، "فإننا نخطط إلى إتمام عمليات استحواذ أكبر حجما، وإذا كنا بحاجة إلى استثمارات أكبر، فإننا نخطط إلى النظر في اكتتاب عام أو تمويل خارجي".
ونظرا إلى أن منصات قصص ويبتون تستهدف الولايات المتحدة، فقد تساءل المحللون عما إذا كانت "ثقافة القصص الخفيفة الرقمية" الكورية سيكون لها صدى لدى الجمهور الأمريكي.
لكن المسؤولين التنفيذين والمبتكرين يضعون ثقتهم في مجموعة من المستهلكين الذين يجادلون أنه يتم تجاهلها بشكل روتيني، النساء الشابات والفتيات المراهقات. أكثر من 70 في المائة من مستخدمي منصة نافير ويبتون في الولايات المتحدة تقل أعمارهم عن 24 عاما. تمثل النساء الشابات 80 في المائة من قراء منصة واتباد.
كانت هذه الديموغرافيا هي التي دفعت قصة ويبتون "لور أوف أوليمبوس" لراشيل سميث المقتبسة عن الخرافة اليونانية للحب بين بيرسيفوني وهيديز إلى أعلى قائمة كل من الرسوم البيانية الرقمية والمادية الأكثر مبيعا.
قالت سميث، "النساء الشابات شغوفات للغاية ولديهن كثير ليقدمنه، ومع ذلك عادة ما تتم إهانة الأشياء التي تعجبهن ويتم التقليل من شأنها. لكن هذا تطبيق يتم فيه الاحتفال بالأشياء التي تعجبهن ويتم التعامل معها باحترام. أعتقد أن هذا هو سبب نجاحه".

الأكثر قراءة