قراءات
السلطة والحرية
أفضل طريقة لفهم باكونين، تقترح النظر إلى ما كتبه، وما فعله، كجزء من تيار تحرري داخل الحركة والفكر الاشتراكيين، والخلاف الرئيس بينه وبين ماركس تركز حول مفهوم السلطة والحرية، وفيما يتعلق بهذه النقطة، قدم باكونين مجموعة أفكار، في التنظيم والثورة، والطبيعة البشرية، ونقد مفاهيم العقد الاجتماعي، والدولة، والديمقراطية، والانتخابات، تترابط، وتتواشج، وتتجاوز - بطريقة مدهشة - الماركسية والليبرالية معا. هذا إسهام باكونين الفكري الرئيس. يعتقد باكونين أن السلطات كلها غير شرعية، وأن الحرية الشرط الرئيس لتطور الإنسان، وقبل أن نعرض لتفاصيل رؤيته، يجب أن نوضح أن باكونين لم يرفض السلطات كلها بالمطلق، وأن الفوضوية ليست الفوضى. تعرضت الفوضوية لحملة هوجاء لتشويهها، قادها رفاق الدرب، الماركسيون أولا، ثم الليبراليون، وبالطبع أصحاب السلطة التقليدية.
في نقد الأنساق
إن أبسط مستويات التحليل تقودنا إلى الفرد العربي كان ولا يزال محكوما بثلاث دوائر أساسية، تحرك دائرتان منهما الأخيرة، وإن كانت الثالثة ليست في معزل عن أسباب التردي والسقوط، الدائرة السياسية، والدائرة الدينية، والدائرة المجتمعية. وما لا شك فيه أن هذه الدوائر مجتمعة هي ما أنتج هذه الشخصية المرتبكة، التي أنتجت بدورها هذه الكوارث المتلاحقة، أدت إلى الحجر على الوعي، وجعله مقيدا يراوح محله، وربما تراجع قرونا عديدة بعيدا عن ماضيه الحضاري المشرق، وبعيدا عن الحضارة المعاصرة بالبعد عن أسبابها، مثل القراءة، والتفكير، والبحث العلمي، مستخدمة في ذلك أعتى أداتين وأمضاهما هما "الجهل والفقر". ولا بأس بكثير من العنف لمن تجاوز هاتين العقبتين باتجاه الحياة، محاولا الخروج على مصادراتها المزمنة بالتفكير الحر والوعي الرافض، وبالتالي انتجت هذه السياسات القمعية شعوبا راضخة، وخائفة من كل شيء.
تاريخ الفلسفة
"ياسبرز" أحد دعائم الفلسفة الوجودية، فقد أثرت فيه دراسته لعلم النفس تأثيرا كبيرا، وقد ظهر هذا جليا حينما تحدث عن علم النفس الوجودي، ما أثر في تكوينه الفلسفي وجعله يشترك مع "هايدجر" في تأسيس المدرسة الوجودية الفلسفية. وكتابه هذا هو المحاولة الثانية والأخيرة التي يسعى من خلالها "ياسبرز" إلى تأريخ الفلسفة، إذ سبقها كتابه الضخم "الفلاسفة العظام". وليس هناك ما هو أصعب من أن يؤرخ الفيلسوف لتاريخ الفلسفة، إذ إنه لا بد أن ينحاز إلى مذهب دون آخر، لذا فإن أصداء المنهج الظاهري تتردد في الكتاب، بدءا من نظرته للتفلسف إلى الإطار الزمني إلى التاريخ العيني للفلسفة، على الرغم من محاولة عرضه شتى المذاهب الفلسفية. المؤلف كارل تيودور ياسبرز هو بروفيسور في الطب النفسي وأحد فلاسفة ألمانيا المعدودين في القرن الـ20. ولد في أولدنبورج في ألمانيا، 23 فبراير 1883. وإذا كان اسم زميله هايدجر قد غطى عليه إلى حد ما، إلا أن المتخصصين في تاريخ الفلسفة يعرفون قدره وأهميته.