شح الطاقة والتضليل الإعلامي «2»

عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن العالم يجب أن يضع نصب عينيه أن التحرك الفاعل والسريع نحو رفع كفاءة إنتاج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون استثناء ضرورة ملحة من أجل استدامة إمدادات الطاقة وسلامة شرايينها. سلطت الضوء على بعض يسير من الموجات الإعلامية "الإعلانية" التي لا تهدأ، والأقلام المأجورة التي لا تكل ولا تمل لقلب الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي وتوجيه آرائهم لتقبل ما يبثونه من معلومات مضللة أو غير دقيقة حول مصادر الطاقة من الوقود الأحفوري وعلى رأسها النفط. كانت الوقفة الأولى في هذه السلسلة من المقالات على قضية الحرب الضروس التي تشن على الوقود الأحفوري ومحاولة تقويض صناعة المنبع وآثار ذلك على قطاع الطاقة وموثوقية إمداداتها، ووضحت أن جميع مصادر الطاقة ومنها الطاقة المتجددة والنووية وغيرهما، ليست في منأى عن الظروف الطبيعية والتقنية والأمنية والسياسية والجيوسياسية وغيرها التي قد تتسبب في انقطاعها بنسب متفاوتة وبأثر متباين بحسب هذه الظروف. على سبيل المثال لا الحصر، استهداف ميليشيا الحوثي الإرهابية المنشآت النفطية السعودية هو بلا شك خطر يهدد إمدادات الطاقة العالمية، في المقابل فصل الشتاء القارس والثلوج قد تؤثر في إمدادات طاقة الرياح، والغبار الشديد سيؤثر بلا شك في كفاءة الطاقة الشمسية وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة. الوقفة الثانية عن التضليل الإعلامي ضد حقيقة راسخة قولا وفعلا عن سياسة السعودية لإنتاج النفط، التي يحاول البعض من جهات أو حكومات أو حتى رؤساء دول التشكيك فيها أو تعليق فشلهم الإداري وتخبط قراراتهم عليها دون جدوى فالشمس لا تحجب بغربال. السعودية صمام أمان إمدادات النفط العالمية وهذه حقيقة وليست كلاما مرسلا، فالأحداث التاريخية تشهد بذلك، فعندما تصاب أسواق النفط العالمية بالتخمة بسبب وفرة المعروض الذي يقابله انخفاض في الطلب يهرعون إلى السعودية لخفض إنتاجها، وعندما تتسبب الظروف الطبيعية أو الفنية أو السياسية وغيرها في تأثر الإمدادات النفطية وترتفع الأسعار إلى أرقام لا يحتملونها ولا شعوبهم يهرعون إلى السعودية. ما سبق ليس بمشكلة في اعتقادي، فقدر السعودية بحمد الله وتوفيقه أن تكون "مايسترو" إيقاع أسواق النفط بأنامل خبير، وبتخطيط حصيف، وبتعامل عملي واحترافي يقرأ الواقع ويستشرف المستقبل بموضوعية، المشكلة الحقيقية أن يتم توجيه أصابع الاتهام إلى السعودية عند كل سقطة لهم أمام إداراتهم وشعوبهم. السعودية لم ولن تكون سببا في ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة! والسعودية لم تكن طرفا في الحرب الروسية - الأوكرانية! السعودية لم تهدد وتصرح أنها ستحظر صادرات النفط والغاز الروسية التي يشكل الاستهلاك الأوروبي نحو 50 في المائة منها، ما دفع أسعار النفط إلى الارتفاع بصورة قوية! السعودية لم تقف ساكنة عندما هبطت أسعار النفط إلى أسعار تاريخية عندما وصل خام برنت إلى نحو 20 دولارا للبرميل، وعندما وصل الخام الأمريكي إلى ما دون الصفر، بل تحركت بكل ثقلها لخدمة مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء من خلال الاتفاق التاريخي لـ"أوبك +" الذي أعاد الأسعار إلى مستويات طبيعية مناسبة للطرفين! أتمنى أن يطلع هؤلاء المضلِّلون والمضلَّلون على سياسة إنتاج البترول السعودي على موقع وزارة الطاقة السعودية الإلكتروني، وهي بالمناسبة معلومات متاحة للجميع وبلا رسوم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي