مؤتمر الرياض .. ريادة وابتكار

تنامت قناعات العالم دولا ومؤسسات خلال الأعوام الأخيرة بالدور الذي تلعبه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في التشغيل وفي دعم الصناعات الكبيرة الوطنية، وتحسين البيئة التنافسية من خلال الكفاءة والابتكار وزيادة الإنتاجية.
وتشير الدراسات إلى أن تلك المنشآت تسهم عالميا بأكثر من 33 في المائة من الناتج المحلي، وهو ما يدعم التنمية الاقتصادية والتنوع والإنتاجية.
وفي السياق المحلي، تسارع نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير منذ انطلاقة رؤية المملكة 2030، حيث نمت 40 في المائة في عام 2020 مقارنة بعام 2016، فبلغ عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة أكثر من 626 ألف منشأة، كما صعد مؤشر "نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي" من 21.9 في المائة إلى أكثر من 28 في المائة في آخر الإحصائيات، فيما تستهدف المملكة الوصول إلى معدل 35 في المائة بحلول 2030. وهذه القفزات في الأعداد وفي المساهمة الاقتصادية أتت وفقا لخطط اقتصادية ومنهجيات ووسائل دعم متعددة ومدروسة، فقد تم تحفيز المنشآت الصغيرة بعدد من المبادرات من بينها إنشاء بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتطوير نظام الامتياز التجاري وإطلاق منصات إلكترونية لتسريع التجارة الإلكترونية وزيادة الثقة بها، مع إطلاق ست مسرعات أعمال متخصصة مع عدد من المبادرات الداعمة، كمبادرة الإقراض غير المباشر، ومبادرة ضمان التمويل "كفالة"، والاستثمار الجريء، والإعلام الريادي.
ومن هذه المنطلقات يجتذب المؤتمر العالمي لريادة الأعمال، الذي بدأ أمس في الرياض تحت رعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قادة الفكر حول العالم جنبا إلى جنب مع المسؤولين الحكوميين وراسمي السياسات العامة من كل أقطار العالم من أجل تقييم الوضع الراهن بشأن قضايا المبادرين وإعادة التفكير في الأساليب القائمة ومن ثم استكشاف المعوقات وخطط إزالتها. وبينما تعمل النظريات على تفسير ورسم الاتجاهات، فإن مشاركة بيانات الأداء ونماذج الأعمال الجديدة من المستثمرين ذوي الخبرة تساعد على رسم صورة للمستقبل تأخذ في اعتبارها قضايا اليوم الراهنة. ويسعى المؤتمر العالمي لريادة الأعمال من خلال هذه الجهود إلى تحديد ماهية التحديات والفرص المشتركة للابتكار وتسليط الضوء على الابتكار الأعلى أداء في العالم، وما القدرات المؤسسية والبرامج الداعمة لرواد الأعمال لتحقيق هدف نقل المعرفة والتواصل العالمي. ولتحقيق أهدافه العالمية، يسعى المؤتمر إلى عقد أعماله كل عام في مدينة اقتصادية مهمة، فمنذ عام 2009 انتقلت أروقة المؤتمر من مدينة كنساس في الولايات المتحدة إلى مدينة دبي عام 2010 حتى وصل اليوم إلى العاصمة الرياض في 2022، وهو في رحلته هذه يعمل على ربط رواد الأعمال المحليين والمستثمرين بنظرائهم من 200 دولة حول العالم. وفي الرياض، وعلى مدى أيام المؤتمر الذي تستمر فعالياته حتى الأربعاء المقبل، تنعقد 100 جلسة نقاش ثرية يشارك فيها أكثر من 150 متحدثا، و26 وزيرا من أنحاء العالم، ومتحدثون من قادة الشركات الدولية واقتصاديون وصناع القرار، لمناقشة عدد من الموضوعات المهمة في مجال ريادة الأعمال، وأفضل الممارسات لبناء نظام عالمي لريادة الأعمال، وهو ما يعطي المؤتمر قيمة كبيرة وفرصة لتحقيق نجاحات استثمارية عبر الجولات الاستثمارية الداعمة لرواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وذلك بمشاركة عدد من القطاعات الحكومية والخاصة، وكبرى الشركات الدولية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي