أتاك الربيع الطلق
قال الشعراء في الربيع كثيرا - خصوصا في الأزمنة السابقة - حين كانت الفصول أكثر تباينا مما هو عليه الحال اليوم. لعل مناطقنا المتوسطة في العالم بين الشمال والجنوب أقل تباينا مما عليه أطراف الأرض. عندما شاهدت الثلوج تنتشر في الشمال وكثير من دول أوروبا رغم قرب رحيل الشتاء، تذكرت أن ميزة موقع المملكة تجعل الجسم أكثر حصانة، ما يثبت تدريجيا مع الوقت.
ينتهي الشتاء وتعود الأيام المعتدلة لتكون المرحلة التي تحمل فيها جمال الليل والسمر والرحلات البرية، على أن هذا الأمر مستمر حتى مع حلول أيام الصيف الأكثر حرارة. يسيطر التغير المناخي على كثير من دول العالم اليوم، وهو مسهم أكبر في ضراوة الأجواء وعدم وجود فوارق واضحة بين الفصول في النباتات الأكثر حساسية لدرجات الحرارة المرتفعة، وتلك الحساسة لانخفاض نسب الأمطار في أغلب المواقع، وهو أمر يظهر بجلاء في حالات دول تمر بتقلبات مدارية تنتج عواصف وأعاصير كانت تظهر بعدد أقل في العقود الماضية.
هذا الأمر الذي يجعل من حماية البيئة وتقليل المواد الكربونية الضارة بها، والمعاملة الحذرة لمختلف مكونات الجغرافيا في دول العالم كلها، ضرورة قد تصل إلى التأثير في العنصر البشري الذي يعاني في كثير من الدول تلك الأعاصير، بل ووجود ظاهرة "تسونامي" في عدد من دول العالم المجاورة للمحيطات الكبرى، وبتكرار متصاعد ينذر بخطر قد يتجاوز تلك المواقع النائية.
وبما أن الكرة الأرضية كوكب واحد وتتأثر كل مكوناتها بما يحدث في مواقع قد تكون بعيدة، فهذه المسؤولية أصبحت عالمية، ما يجعل العناية بالمنظمات البيئية العالمية أمرا في أولويات سياسات جميع دول العالم، وهو كذلك في المملكة التي تخطط في مبادرتها الخضراء إلى تحقيق نسبة صفر في الانبعاثات الكربونية بحلول 2060، وهو أمر ملح ويحتاج إلى التخطيط والتنفيذ الدقيقين بحكم اعتماد المملكة في وارداتها وتعاملاتها على النفط والغاز، ولهذين أثر مهم في رفع نسبة الانبعاثات الكربونية.
نعود إلى الربيع الذي كان في سالف الزمان وقتا تخضر فيه الأشجار وتكثر فيه الرحلات، ما يعيد إلى الأذهان أهمية الخروج من قيود المدن والتوجه للطبيعة، وتأكيد أهمية المحافظة على نظافة البيئة وسلامتها من المخلفات البشرية، وحمايتها من الاستغلال الجائر من قبل المتنزهين.