رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


كيف تبني ثقافة رقمية في منظمتك؟

تحدثنا في مقالات سابقة عن التحول الرقمي، وكيف أنه أصبح إحدى أهم القضايا في مجال الأعمال في وقتنا الحاضر. وليس التحول الرقمي مجرد كلمة تقال أو تقنية تشترى أو فكرا للاطلاع فقط، لكنه عقيدة تتبناها وتؤمن بها قيادة المنظمة أولا قبل أن تبدأ بنشرها عموما. ولا يكون ذلك ممكنا إلا من خلال ثقافة راسخة تقوم على فصل المنظمة عن الآخرين، وتنفذ التحول الرقمي الذي هو شكل جديد من أشكال الثقافة، حيث تتحول ثقافة الإنسان العادية إلى صورة رقمية تتحول إلى شكل نمطي جديد. إن الثقافة الرقمية Digital Culture هي كامل نمط الحياة والعادات التي أوجدتها الابتكارات وجلبها العصر الحديث، الذي تحتل فيه التقنية مكانا رحبا في الحياة اليومية. ورغم أن الشركات التقليدية تتعلم من ثقافة الشركات الرقمية الناشئة، إلا أن بعض الصفات الرقمية الناشئة قد تكون مدعاة للقلق. فقد أطلقت "أمازون" أعمالا جديدة بسرعة وحققت مكاسب في رفع كفاءة العمليات. لكن لم تحظ بالإعجاب بسبب ما يمكن اعتباره علاقات متناثرة وغير متجانسة مع الناشرين والشركاء والعاملين. من جانب آخر، تحظى "أوبر" بالتبجيل لقدرتها على ابتكار الخدمات بمرونة، لكن عديد من المراقبين مستاؤون من الوسائل التي بدت كأنها ترفض المنظمين وتستغل السائقين. بينما حظيت مجموعة من الحوادث بتغطية إعلامية كبيرة أدت إلى الإخفاق في حماية السائقين والعملاء من المضايقات. وبالنسبة لعديد من الشركات العتيقة Legacy Companies، يعد تغيير الثقافة التحدي الأكبر للتحول الرقمي. طرحت إحدى الدراسات الحديثة التي قدمها جورج ويسترمان، وديبورا سولي، وأناند إسواران، من معهد ماساتشوستس للتقنية MIT في مدينة بوسطن الأمريكية، حول إجابة الأسئلة التالية: كيف يمكن لشركة أن تصبح أكثر مرونة وابتكارا دون تنفير موظفيها أو تدمير أفضل ممارساتها الحالية؟ وماذا يتطلب وجود ثقافة رقمية في المنظمة؟ وخلصت الدراسة إلى أن الثقافة الرقمية في المنظمات ترتكز على أربع قيم أساسية، وهي: التأثير والسرعة والانفتاح والاستقلالية. ويقوم عامل التأثير على تغيير العالم المحيط من خلال الابتكار المستمر، ويبرز عامل السرعة حيث تتحرك المنظمة بالسرعة المطلوبة بدلا من الانتظار والحصول على جميع الإجابات. ولا شك أن انفتاح المنظمة على نطاق واسع مع مصادر متنوعة للبيانات أمر ضروري مع أهمية تبادل النصح والمعلومات بدلا من الاحتفاظ بالمعرفة. وأخيرا، تمكين أفراد المنظمة بالاستقلالية، حيث يسمح لهم بمستويات عالية من السلطة، والقيام بما يجب به بدلا من الاعتماد على التنسيق مع القيادة أو السياسات الداخلية.
تحدد قيم الشركات الرقمية ممارساتها الأساسية بناء على التجريب السريع، والتنظيم الذاتي، واتخاذ القرارات القائمة على البيانات والعناية بالعملاء، ومراقبة النتائج. ولقد أبان البحث المذكور أن هذه الممارسات يعزز بعضها بعضا عندما يكون جميعها في مكانه الصحيح، ما يوجد ثقافة موحدة تمثل تعبيرا فعالا عن القيم الرقمية الأربع. لكن التحدي يكمن في زراعة ثقافة رقمية في المنظمة، أو بمعنى آخر، تطوير عناصر الثقافة الرقمية في المنظمة لتعزيز الابتكار دون التضحية بالنزاهة والاستقرار. في الواقع، إن السعي لتحقيق النزاهة والاستقرار في ثقافة الشركة لا يضر بمقاييس الابتكار والربحية ورضا العملاء. وبدلا من التخلي عن جميع الممارسات السابقة، يجب على الشركات التقليدية إنشاء ثقافة رقمية تعكس أفضل ما تختزنه في إرثها. وتبرز المبادئ الحقيقية لإنشاء الثقافة الرقمية داخل المنظمة من خلال بناء الممارسات التي تميز الشركات الرقمية، والحفاظ على الممارسات التي تعزز النزاهة والاستقرار، وإعادة توجيه واستخدام الممارسات المهمة التي اكتسبتها قبل الانخراط في العالم الرقمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي