الرسالة واضحة
الإرهاب هو التطرف والعنف، الذي يستهدف المدنيين، والأعيان المدنية، والمصالح الحيوية، بهدف إيجاد مناخ من الفوضى العارمة، والخوف، والرهبة، من أجل إخضاع المجتمعات لتقبل وضع فكري، واقتصادي، واجتماعي، وإشاعة حالة من البؤس، والتخلف الحضاري.
ما ظهر الإرهاب في بلد وتمكن منه إلا أوجد دولة فاشلة تغلغلت فيها جميع أنواع الجريمة، وهذا هو الهدف النهائي للإرهاب، بحيث تصبح الدول مكانا خصبا لتجمع المجرمين، والفارين من العدالة، ولهذا كانت السعودية من أوائل الدول التي حاربت الإرهاب، وأكدت أنه لا لون له ولا دين، بل ميليشيات من الإجرام التي يجب التصدي لها بحزم.
الأمم المتحدة كانت قد أنشأت مكتبا لها لمكافحة هذه الظاهرة، وأطلقت استراتيجية من أجل ذلك، وقد استبشر العالم بإصدار مجلس الأمن الدولي قرارا صنف فيه ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية، بعد أن كشفت السعودية حقيقتها الإرهابية أمام العالم، الأمر الذي كان من المفترض أنه سيحد من تدفق الأسلحة لجميع أفراد الجماعة الإرهابية بعد أن كان حظر إيصال الأسلحة مقتصرا في السابق على أفراد وشركات محددة، لكن رغم ذلك فإن تدفق الأسلحة النوعية لم يزل مستمرا، من إيران التي ترعى هذه الميليشيات، وهو الأمر الذي يضع العالم أمام مسؤولياته.
لقد كانت السعودية من أكثر الدول حزما مع الإرهاب بجميع أشكاله، وصوره، وتعمل على كشف وفضح الإرهابيين أمام العالم، هو ما جعلها هدفا دائما للعمليات الإرهابية التي تتصدى لها القطاعات العسكرية بكل جدارة واقتدار وحزم.
جماعة الحوثي الإرهابية وجهت هجماتها ضد المدنيين، والمصالح الحيوية، ولم تراع حرمة ذلك، لكن كانت الدفاعات السعودية لها بالمرصاد، ما أفشل مخططاتها في إرهاب الآمنين.
ومع تراخي العالم أجمع في مواجهة تصرفات الحوثي، والدول الداعمة له، فقد وجه أسلحته وعدوانه على قطاع الطاقة في السعودية أملا في إحداث خلل في قدرات البلاد، والتزاماتها أمام العالم بشأن سلامة إمدادات الطاقة، وهذا ما حدث سابقا من هجمات له في بعض المواقع المختصة بالطاقة، نتجت عنها حرائق وتضرر في عمليات الإنتاج وتمت السيطرة عليها لاحقا، وفي تلك الأثناء لم تصل أسعار النفط العالمية إلى هذه المستويات الحالية، ولم تكن الأسواق تتعرض لأزمة كالتي تتعرض لها الآن جراء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وما نتج عنها من ارتفاع في أسعار النفط العالمية.
لذا ومع الهجمة الإرهابية على إمدادات النفط عام 2019، التزمت السعودية طوعا بتعويض جزء من الانخفاض لعملائها من خلال المخزونات، والعمل بسرعة كبيرة على إصلاح الخلل، والعودة إلى مستويات الإنتاج السابقة، وقد تم ذلك في غضون أيام معدودة، ما أذهل الإرهاب الحوثي ومن يقف وراءه، وأثبت عجزهم التام عن الإضرار الاقتصادي بالسعودية.
لكن الإرهاب الحوثي عاد اليوم إلى الأسلوب نفسه وبالدعم الخارجي من إيران ذاتها، لصب إرهابه على منصات الإمدادات النفطية في السعودية، من خلال استهداف منشآت نفطية، ما يؤكد مواصلته إحداث فوضى في أسواق العالم تزامنا مع الأزمة العالمية.
ورغم قدرة السعودية على إحباط هذه المحاولات، إلا أن استمرار الدعم الخارجي للحوثي يعني استمرار التهديد لإمدادات الطاقة العالمية، وهو ما يجعل أمن هذه الإمدادات مسؤولية عالمية مشتركة، فالآثار الناتجة عن هذه الهجمات ستصيب العالم أجمع، وتدفع الأسعار نحو قمم قياسية جديدة.
وفي ضوء الظروف الجيوسياسية العالمية الصعبة حاليا صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية بأن السعودية لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية من الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، وهذا التصريح واضح الدلالة بشأن خطورة الوضع، واستمرار إيران في عدم الانصياع لقرارات مجلس الأمن بتصنيف الحوثي جماعة إرهابية، والاستمرار في تزويد هذه الجماعة الإرهابية بتقنيات الصواريخ الباليستية، والطائرات المتطورة دون طيار، التي تستهدف بها مواقع إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما في المملكة.
ولا شك في أن استمرار هذا التهديد سيمتد إلى أمن واستقرار إمدادات الطاقة، وبالتالي الأسعار، ومؤشرات التضخم العالمية، والأسواق العالمية ككل.
ومعلوم أنه رغم الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلا أن هناك التزاما عالميا بأمن الطاقة، وإمداداتها، لكن هذه الجماعة الإرهابية الفاشلة، والدولة التي تستفيد منها لا تعي تماما الآثار العالمية الخطيرة لهذه التصرفات، ولهذا فإن خطاب السعودية اليوم للعالم تحمل فيه الجميع تلك المسؤولية المشتركة، وأنه لا بد من حماية الاقتصاد العالمي من هذه الأعمال الإجرامية الحمقاء، التي تضر المجتمع الإنساني بأسره، وتهدد معيشته.