المزارعون يشعرون بالحرارة الناجمة عن تغير المناخ
تهاجر ماجدالينا من تكساس إلى أوهايو من أجل موسم الحصاد منذ 45 عاما. إنها حياة صعبة. أثناء جمع المحاصيل، عانت المرأة البالغة من العمر 61 عاما الصداع والدوخة والطفح الجلدي والقيء والضعف والإرهاق - وأصبحت نوبات الإجهاد الحراري أكثر تواترا على مر الأعوام.
تقول، "بعد أيام طويلة من ارتفاع درجات الحرارة، هناك كثير من الآثار التي يمر بها جسمك، وهي تحدث كل يوم". أضافت، "هذا طبيعي بالنسبة إلينا". لكن، حتى عندما تشعر بالمرض، في الأغلب ما تستمر ماجدالينا في العمل، وإلا فإن أجرها - سواء بالساعة أو في نهاية الشهر- سيتأثر.
تجربة ماجدالينا هي مثال لمشكلة عالمية. تغير المناخ يعني أن عمال المزارع في جميع أنحاء العالم معرضون بشكل متزايد لمخاطر الطقس القاسي. المنظمون وأصحاب العمل يلاحظون ذلك، على الرغم من أن الأوان قد فات على بعض العمال. وجد تقرير صدر العام الماضي عن "إنفستقيت ميد وست"، وهي خدمة إخبارية غير هادفة إلى الربح تركز على الأعمال التجارية الزراعية، أن ما لا يقل عن 65 من عمال المزارع في الولايات المتحدة ماتوا لأسباب تتعلق بالحرارة في الفترة بين 2002 و2021.
تقول مايرا رايتر، مديرة مشروع السلامة والصحة المهنية في مجموعة فريم وركر جستس للحملات، "يؤدي عمال الزراعة وظائف تتطلب جهدا بدنيا شديدا في ظروف شديدة الحرارة والرطوبة طوال معظم العام". أضافت، "نحن نعلم أن هذا يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة بما في ذلك مشكلات الكلى (...) وضربة شمس، حتى الموت".
وفقا لعدد من الدراسات، يتم تضخيم هذه المخاطر بسبب تغير المناخ. أظهرت البيانات من برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي أخيرا أن الأعوام السبعة الماضية كانت الأكثر سخونة في السجل الحديث.
تقول رايتر، "تؤثر المشكلة في أجزاء كبيرة من الولايات المتحدة. لا توجد منطقة في الدولة لن تتأثر مع تسارع تغير المناخ". تشير تقديرات دراسة أجرتها مجلة "إنفايرمنتال ريسيرش ليترز" في 2020، إلى أنه وفقا للتوجهات الحالية، سيتضاعف متوسط عدد أيام العمل غير الآمنة في كل صيف من مواسم الزراعة في الولايات المتحدة بحلول منتصف القرن - وثلاثة أضعاف بحلول 2100.
المناطق الأخرى ستكون أسوأ. حددت منظمة العمل الدولية أن جنوب آسيا وغرب إفريقيا من المرجح أن يكونا الأكثر تضررا من ظاهرة الاحتباس الحراري.
الآثار الناجمة عن ذلك أصبحت محسوسة بالفعل. قالت رينجيتا جواوالا، 32 عاما، عاملة في مزارع الشاي في ولاية آسام الهندية، "لقد رأينا تأثير تغير المناخ في العمال. بسبب الإجهاد الحراري، أصبحت أجسامنا أضعف ونواجه مزيدا من المشكلات الصحية".
خلال موسم الحصاد، تقضي جواوالا كل نوبة كاملة وهي تعمل مباشرة تحت أشعة الشمس دون الحصول على كمية كافية من الماء. تقول، "عندما يكون الجو حارا حقا، نرى كثيرا من حالات الاغماء يوميا بسبب الجفاف". في محاولة لمعالجة هذا الأمر، ساعدت جواوالا على تشكيل لجنة مياه الصرف الصحي والصحة للمرأة، التي وضعت خريطة للوصول إلى المرافق وقدمت اقتراحا إلى الإدارة للتفاوض للحصول على مزيد من الصنابير.
كثير من الدول والمناطق سنت تشريعات للحماية من الحرارة، حيث اعتمدت كاليفورنيا أول معيار أمريكي للأمراض الناجمة عن الحرارة للعاملين في الهواء الطلق في 2005 - وهو إجراء تم تعزيزه منذ ذلك الحين.
تقول تيريزا أندروز، أخصائية التعليم والتوعية في المركز الغربي للصحة والسلامة الزراعية في جامعة كاليفورنيا، ديفيس، "تعد كاليفورنيا رائدة في هذا النوع من اللوائح التنظيمية لحماية العمال".
يقدم المركز - الذي يتلقى تمويلا فيدراليا من المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية، وكذلك مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها - تدريبا للمشرفين وأماكن العمل للوقاية من الأمراض الناجمة عن الحرارة وتقليل المخاطر الصحية الناتجة عن دخان حرائق الغابات. التوصيات الرئيسة لمواجهة الإجهاد الحراري هي ببساطة توفير فترات راحة كافية وماء وظل.
تشمل الإجراءات التي نفذتها المزارع استخدام الجرارات لنقل الهياكل التي توفر الظل حول الحقول، وتغيير أوقات النوبات لتجنب الجزء الأكثر سخونة من اليوم، وتذكير العمال بشرب الماء - من خلال جعل المشرفين ينفخون صافرة، مثلا. يمكن لأصحاب العمل أيضا تفعيل "نظام الفريق الثنائي"، بحيث ينتبه زميلا العمل للعلامات المبكرة للإجهاد الناجم عن الحرارة.
تقول أندروز، "أعتقد أن هناك وعيا أكبر من جانب العامل ومزيدا من الحلول العملية من جانب المزارعين". تؤمن أن إدخال التنظيم الحكومي وممارسات العمل الأفضل قد أحدثت فرقا. انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الحرارة في كاليفورنيا بشكل كبير منذ 2005 - على الرغم من أن بعض عمال المزارع، القلقين بشأن الأمن الوظيفي أو وضعهم كمهاجرين، لا يزالون يخشون إثارة مخاوف أصحاب العمل.
مزيد من قوانين الحماية للعمال في جميع أنحاء الولايات المتحدة قد تكون قيد التنفيذ ايضا. قالت إدارة الرئيس بايدن في أيلول (سبتمبر) الماضي إنها ستزيد من الجهود لمعالجة مخاطر الحرارة في مكان العمل، وبدأت عملية وضع القواعد لمعيار فيدرالي بشأن مخاطر الحرارة على العمال.
في حين أن مثل هذه التحركات يمكن أن تساعد على تقليل الوفيات، إلا أن النشطاء حذروا من أنهم قد لا يستطيعون منع الضرر التراكمي الذي تسببه درجات الحرارة المرتفعة. تقول منظمات دفاعية، بما في ذلك رابطة عمال المزارع في فلوريدا، إن الأطباء قد لا يكونون على دراية بالأضرار التي تلحق بالصحة نتيجة العمل في الحر لأعوام عديدة أو يفشلون في التعرف عليها وعلى علاقتها بالمشكلات الصحية، بما في ذلك السكتات الدماغية والوفاة المبكرة.
دراسة أجرتها مجلة "الطب المهني والبيئي" في 2018 وجدت أن ثلث العمال الزراعيين في فلوريدا الذين شملهم الاستطلاع يعانون إصابة حادة في الكلى في يوم عمل واحد على الأقل خلال صيف 2015 و2016.
تقول جيني إيكونوموس، منسقة برنامج سلامة مبيدات الآفات والصحة البيئية في رابطة عمال المزارع في فلوريدا، "هذه حالة ظلم على بعض الأشخاص الذين يقومون بأصعب عمل في بلدنا، والعمل الذي يغذي الأمة". أضافت، "هناك الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف (...) من عمال المزارع الذين يعانون أثارا صحية طويلة الأمد من التعرض المستمر للحرارة الشديدة".