كوفيد أقل فتكا من الإنفلونزا في إنجلترا

كوفيد أقل فتكا من الإنفلونزا في إنجلترا
تراجعت نسبة وفيات الأشخاص الذين يصابون بكوفيد-19 في إنجلترا إلى ما دون نسبة الوفيات بالأنفلونزا الموسمية.

أدى مزيج من ارتفاع مستويات المناعة وانخفاض حدة المتحور أوميكرون إلى جعل كوفيد - 19 أقل فتكا من الإنفلونزا بالنسبة إلى الأغلبية العظمى من الناس في إنجلترا، وفقا لتحليل من "فاينانشيال تايمز" للبيانات الرسمية.
لكن السرعة التي يصيب بها أوميكرون الناس لا تزال تدفع العدد الإجمالي للوفيات هذا الشتاء والتي كان سببها الأساسي مرضا تنفسيا رئيسيا إلى 9,641 شخصا منذ الأسبوع الأول من كانون الثاني (يناير)، بزيادة 50 في المائة عن موسم الإنفلونزا المعتاد على الرغم من انخفاض مستويات الاختلاط الاجتماعي، حسب أرقام مكتب الإحصاء الوطني.
شكلت الدرجة العالية من الحماية المناعية من اللقاحات والعدوى السابقة في أوساط سكان إنجلترا الأساس لقرارات الحكومة لإنهاء العزل الذاتي المفروض قانونا الشهر الماضي وتقليص الفحوص المجانية اعتبارا من 1 نيسان (أبريل) كجزء من خطتها "للتعايش مع كوفيد".
على الرغم من ذلك، قال الخبراء إن الزيادة الأخيرة في حالات دخول المستشفيات – المحتمل أن تكون مدفوعة بانخفاض السلوك الحذر بعد إلغاء القيود أو تضاؤل الحماية من الجرعة المعززة عند الفئات العمرية الأكبر سنا – أكدت على مخاطر استراتيجية الحكومة.
قال الطبيب راغب علي، مشارك أقدم في البحث السريري في علم الأوبئة في جامعة كامبريدج: "هل أوميكرون هو نفسه الإنفلونزا؟ كلا. لكن اللقاحات جعلت المخاطر على الفرد متشابهة بشكل كبير". مضيفا أن هذا جعل "من غير المرجح" حدوث "ارتفاع كبير" في حالات دخول المستشفيات أو الوفيات طالما ظل أوميكرون السلالة المهيمنة.
كما تراجعت نسبة وفيات الأشخاص الذين يصابون بكوفيد - 19 في إنجلترا إلى ما دون نسبة الوفيات بالإنفلونزا الموسمية، التي يبلغ معدل الوفيات بسببها 0.04 في المائة، وذلك لأول مرة خلال الجائحة، وفقا لحسابات "فاينانشيال تايمز".
انخفض معدل الوفيات الناجمة عن الإصابة بكوفيد - 19 بأكثر من عشرة أضعاف من أكثر بقليل من 1 في المائة في كانون الثاني (يناير) في 2021 إلى 0.1 في المائة في تموز (يوليو) مع بدء حملة اللقاحات في المملكة المتحدة، وأدى ظهور أوميكرون إلى حدوث انخفاض بثلاثة أضعاف.
فكل 100 ألف إصابة بأوميكرون، تؤدي إلى 35 حالة وفاة، في حين يؤدي العدد المعادل للإصابة بالإنفلونزا إلى 40 حالة وفاة، كما أظهرت البيانات. حتى في أوساط من تزيد أعمارهم عن 80 عاما، حيث لا تزال نحو واحدة من بين 200 إصابة بأوميكرون تؤدي إلى الوفاة، فإن هذا الرقم الآن أقل من العدد المعادل للإنفلونزا.
قال بيتر أوبنشو، بروفيسور الطب التجريبي في كلية إمبريال في لندن، إن استراتيجية الحكومة المتمثلة في علاج كوفيد - 19 على نحو مشابه للإنفلونزا من خلال الاعتماد على رسائل الصحة العامة والفحوص الموجهة، بدلا من المداخلات الأكبر، كانت "محفوفة بالمخاطر" لكنها حتى الآن "تسير وفقا للخطة".
قال أوبنشو: "إذا ظلت مناعتنا مرتفعة، فإن معدل الوفيات بالعدوى سيظل منخفضا". لكنه أضاف أنه إذا تسبب ضعف المناعة أو متحور جديد في حدوث مشكلات، "فلدينا الآن تأخيرات مضمنة في النظام". أضاف: "إن تقليل الفحوص يعني أن الأمر سيستغرق وقتا لإعادة تفعيلها".
ذكر بيان داونينج ستريت يوم الأربعاء: "ما زلنا نرى فعالية اللقاحات، ويبدو أن أوميكرون أكثر اعتدالا بالنسبة إلى معظم الناس".
بعد الانخفاض في الشهرين الماضيين منذ ذروة موجة أوميكرون، بدأت حالات دخول المستشفيات بسبب كوفيد - 19 بالارتفاع مرة أخرى في جميع أنحاء المملكة المتحدة. تم تسجيل 8,153 حالة دخول المستشفيات في إنجلترا في الأسبوع المنتهي في 7 آذار (مارس)، بزيادة 21 في المائة عن الأسبوع الذي سبقه.
يتم علاج أكثر من خمسي مرضى كوفيد - 19 في مستشفيات إنجلترا في المقام الأول لمسببات أخرى، حيث يتم تثبت الإصابة عرضيا عند دخول المستشفى.
مثّل الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح 15 في المائة من البالغين من حالات دخول المستشفيات في جميع أنحاء إنجلترا بين أواخر كانون الثاني (يناير) وأواخر شباط (فبراير)، وفقا لبيانات وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، بالرغم من أنهم يمثلون 9 في المائة فقط من السكان البالغين في بداية الفترة.
قالت كريستينا باجيل، بروفيسور البحث العملي في كلية لندن الجامعية وعضو مجموعة الخبراء العلميين المستقلة، إن قابلية انتقال أوميكرون السريعة تعني "أن تهديد كوفيد لا يزال غير مساو للإنفلونزا". ينطبق ذلك بشكل خاص لأن المتحور الفرعي بي أيه 2، الذي يعد معديا أكثر بنحو 30 في المائة من أوميكرون الأصلي، كان مهيمنا في المملكة المتحدة، كما أضافت باجيل.
عزت باجيل الزيادة الأخيرة في حالات دخول المستشفيات إلى مزيج من تضاؤل المناعة من اللقاحات، وانتشار المتحور بي أيه 2 وتوقف معظم إجراءات كوفيد - 19 الاحترازية ما منح الفيروس فرصة أكبر لإصابة الناس والتسبب في المرض الشديد. توقعت باجيل: "سأفاجأ حقا إذا أصبح لدينا موجة جديدة هائلة. لكن لن أفاجأ إذا انتهى بنا الحال كما حصل مع دلتا حيث علقنا عند نسبة عالية لأشهر متتالية".
على الرغم من أن اللقاح يحد من قابلية أوميكرون للتسبب في وفاة، إلا أن طبيعته سريعة الانتشار تعني أن العدد الإجمالي للوفيات التي كان سببها الأساسي إما كوفيد - 19، وإما الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي لا يزال أعلى بنسبة 50 في المائة منذ انتشار أوميكرون في أوائل كانون الأول (ديسمبر) ما كان عليه في الفترة نفسها خلال موسم الإنفلونزا الاعتيادي. كما كان إجمالي الوفيات الناجمة عن أمراض الجهاز التنفسي أعلى بنسبة 30 في المائة حتى خلال مواسم الإنفلونزا السيئة تاريخيا، مثل 2014 إلى 2015 و2017 إلى 2018.
يمثل هذا انخفاضا حادا مقارنة بموجة المتحور ألفا في الشتاء الماضي، عندما كان هناك نحو سبعة أضعاف عدد الوفيات الناجمة عن أي من التهابات الجهاز التنفسي الثلاثة، لكنه مع ذلك يثبت أن فيروس كورونا لا يزال يضيف إلى عبء أمراض الشتاء.
قال علي من جامعة كامبريدج إنه الآن بعد أن أصبح خطر الإصابة بكوفيد - 19 والإنفلونزا "في المستوى نفسه"، كان من "المنطقي" للحكومة" تحقيق التوازن الصحيح بين الحفاظ على حريات الأشخاص وحماية الأشخاص الأكثر ضعفا".
حذر البروفيسور جوليان هيسكوكس، رئيس قسم العدوى والصحة العالمية في جامعة ليفربول، من "التهاون" بشأن انخفاض تهديد خطر كوفيد، مضيفا أنه ينبغي توسيع نطاق متلقي الجرعة المعززة الإضافية في الربيع من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 75 عاما والأشخاص الذين يعانون نقص المناعة إلى جميع من تزيد أعمارهم على 50 عاما.
"نريد تجنب الارتباك مع الجرعة المعززة الإضافية بين الحين والآخر ومن ثم الشعور بالتهديد". كما قال هيسكوكس، الذي حذر من أن "كل هذا يمكن أن يكون نظريا إذا ظهر متحور جديد".

الأكثر قراءة