جائحة المعلومات الزائفة

المعلومات الزائفة أو المضللة ليست ظاهرة جديدة فقد عرفت قبل ظهور الإنترنت بعشرات الأعوام، حيث شهد منتصف القرن الـ19 انتشار دودة في حجم الإصبع شمالي شرق الولايات المتحدة، عرفت باسم دودة الطماطم ذات القرن الشرجي، صاحب ظهورها تقارير مرعبة أن ضررها تعدى الطماطم وانتقل إلى البشر، ما تسبب بحالات تسمم وصلت حد الوفاة ونشرت الصحف تحذيرا يفيد بأن فتاة توفيت بعد صراع مع هذا الكائن، ليظهر الطبيب فولر ويحذر منها بقوله، إن الدودة سامة كالحية ذات الأجراس وإنه على علم بثلاث وفيات لها علاقة بسمها.
وعلى الرغم من أن هذه الدودة تفتك بنبات الطماطم في غضون أيام إلا أنها في الواقع غير ضارة بالبشر. ولم يكن هذا الأمر خافيا على علماء الحشرات، إلا أن رواية الطبيب فولر انتشرت مع أن الحقيقة كانت متاحة بسهولة.
ويرجع السبب إلى أن البشر يتعلمون عبر التفاعل الاجتماعي، فنحن نطور معظم معتقداتنا من خلال شهادة الآخرين الموثوق بهم كأساتذتنا وآبائنا وأصدقائنا. هذا النقل الاجتماعي للمعرفة يكمن في صميم الثقافة والعلم. لكن كما تبين لنا قصة الدودة، تعاني قدرتنا على التعلم نقطة ضعف هائلة، ألا وهي أن الأفكار التي ننشرها تكون في بعض الأحيان مضللة.
وتعج وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية بأمثال الدكتور فولر، فمنهم من يدعي أن لا حاجة إلى استخدام المطهرات ولا الصابون في غسيل الأيدي والاكتفاء بالماء، فهو أعظم مطهر وآخر يدعي علاج الحروق بالماء والملح.
والأخبار الزائفة هي إما معلومات مضللة عمدا أي أن الأشخاص الذين ينشرونها يعرفون أنها كاذبة للتلاعب بالرأي العام وتوجيهه لتحقيق أهدافهم، وإما أخبار تحمل جزءا من الحقيقة، لكنها غير دقيقة في مجملها مثل ما يفعل طالبو الشهرة دون مراعاة لما قد يترتب عليها من أضرار صحية ونفسية واجتماعية، والسؤال الذي يردده الجميع، كيف أعرف أن هذه الأخبار زائفة؟، وهنا يأتي دور العلماء ومتقصي الحقائق المختصين الذين منحونا مجموعة من الطرق التي تساعد على اكتشاف الأخبار الزائفة، ومنها التحقق من المصدر ومن ثم التحقق من الكاتب إذا كان شخصا حقيقيا وذا مصداقية، التحقق من المصادر الأخرى هل نشرت الخبر أم لا وهل هي حسنة السمعة؟، والأهم أن يكون لديك عقلية نقدية تتفحص الخبر وتعرف الهدف من وراء نشره والتحقق من التعليقات عليه والصور المصاحبة له، كما يمكنك استخدام مواقع إلكترونية متخصصة في التحقق من الوقائع، مثل: سنوبس، فاكت شيك وبوليتي فاكت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي