الحرب الروسية الأوكرانية .. صافرة إنذار للمستثمرين في تايوان
يسعى المستثمرون الدوليون إلى التحوط من احتمال نشوب صراع عسكري بين الصين وتايوان، حيث أدى التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا إلى إعادة تقييم المخاطر في واحدة من أخطر بؤر التوتر الجيوسياسي في العالم.
في حين أن حدوث هجوم صيني على تايوان لا يزال يعد "خطرا ضئيل الاحتمال" في أوساط المستثمرين، فإن المخاوف المتزايدة بشأن الهجوم يؤكدها مؤشر جولدمان ساكس الذي يتتبع التوترات عبر مضيق تايوان، الذي سجل مستوى قياسيا في الآونة الأخيرة.
قال تيم موي، كبير استراتيجيي الأسهم الآسيوية في "جولدمان ساكس"، إنه بعد أزمة أوكرانيا "يضع إجماع الرأي على معرفة مستوى أعلى من القلق بشأن التوترات عبر المضيق - ليس من الغباء التفكير فيها".
تركز استراتيجيات التحوط في الغالب على التنويع بعيدا عن صناعة أشباه الموصلات في تايوان وموازنة الانكشاف على عملة تايوان.
قال رئيس قسم التنفيذ في آسيا في بنك استثماري في وول ستريت، إن المستثمرين "يريدون معرفة ما هو المتاح لهم في صندوق الأدوات"، مضيفا أن التدخل العسكري الروسي أثار مزيدا من الاستفسارات من العملاء حول عمليات التحوط في تايوان.
تدعي الصين أن تايوان جزء من أراضيها ولم تستبعد استخدام القوة في سبيل تحقيق وحدة البلد. قالت بكين إن مطالباتها بالأراضي التايوانية "لا يمكن مقارنتها" بالوضع بين روسيا وأوكرانيا.
لكن حرب روسيا وأوكرانيا كانت بمنزلة صافرة إنذار للمستثمرين. قال تشون هيم تشيونج، المحلل الاستراتيجي في بنك أوف أمريكا، إن عدم اليقين الجيوسياسي كان "المحرك الأكبر للتدفقات خارج المحافظ" من سوق الأسهم التايوانية، التي بلغت 14.6 مليار دولار هذا العام وهي قريبة بالفعل من معادلة الإجمالي لـ2021 بأكمله.
"يشعر المستثمرون، على نحو متزايد، بالقلق إزاء التداعيات الجيوسياسية الواسعة للحرب، خاصة بالنسبة إلى تايوان"، حسبما قال.
ستركز استراتيجيات التحوط من الأسهم التايوانية على زيادة الانكشاف للمنافسين لشركة تي إس إم سي، وهي أكبر منتج في العالم لرقائق المعالجات التي تزود مجموعات التكنولوجيا بما في ذلك" أبل"، حسبما قال محلل مقيم في سنغافورة يعمل لدى صندوق أوروبي.
قال المحلل، "إن السبب وراء الشراء في تايوان إلى حد كبير هو صناعة أشباه الموصلات وهذا أساسا يأتي من شركة تي إس إم سي". لمواجهة الخطر على شركة تي إس إم سي بسبب الغزو، قال الشخص نفسه إن المستثمرين سيحتاجون إلى الانكشاف على شركة سامسونج وشركة إنتل، المنتجتين المنافستين للرقائق المتطورة.
كان من المتوقع أيضا أن تصبح العملة التايوانية، التي انخفضت 2.6 في المائة مقابل الدولار الأمريكي هذا العام، محورا لاستراتيجيات التحوط، بعد أن تحولت من كونها "ملاذا وطنيا آمنا إلى بديلا للمخاطر الجيوسياسية"، وفقا لتشون من بنك أوف أمريكا.
لقد أصبحت مسألة كيفية التحوط من مخاطر تايوان أكثر وضوحا حتى قبل الحرب الروسية الأوكرانية. لكن التهديد بتعطيل صادرات الحبوب والطاقة من البلدين أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، ما يسلط الضوء على احتمال حدوث تداعيات مالية متتالية عندما يتفاقم الصراع الجيوسياسي المستمر منذ فترة طويلة.
قال المحللون إن المستثمرين قد يسعون أيضا إلى التحوط من خلال الشراء في شركات غير تايوانية أو صينية تشارك في سلسلة توريد الرقائق، خاصة الشركات الأمريكية والأوروبية المصنعة للمعدات التي تستخدم في تصنيع أشباه الموصلات - وستكون المجموعتان الهولنديتان" أيه إس إم إل" و"أيه إس إم إنترناشونال "من المستفيدين الرئيسين.
قال المحلل من سنغافورة أيضا، "إذا كنت ستستنسخ سلسلة التوريد، فمن المحتمل جدا أن تكون شركات المعدات هي التي ستستفيد من زيادة الإنفاق". وأضاف أن المخاطر نفسها ستحفز بكين بشكل أكبر على زيادة جهودها المستمرة منذ أعوام لتقليل اعتمادها على تكنولوجيا رقائق الحاسوب من الخارج.
يتفق الخبراء على أن فرص نشوب صراع فوري واسع النطاق في تايوان ما زالت بعيدة. قال أندرو جيلهولم، رئيس قسم التحليل المختص بالصين في شركة كونترول ريسكس الاستشارية، إنه من غير المرجح أن تسيطر بكين على تايوان عسكريا دون حافز أو ذريعة "قوية للغاية".
قال إن الصين، من بين أسباب أخرى، "تفتقر إلى حدود برية أو جماعات مسلحة متعاطفة معها في تايوان، وعليها أن تأخذ على محمل الجد احتمال تدخل عسكري أمريكي".
مع ذلك، هناك سبب يدعو للتوقع بأن يشتد التوتر بين بكين وواشنطن، حيث تراقب الصين حرب أوكرانيا من كثب.
قال يون صن، خبير السياسة الخارجية للصين في مركز ستيمسون، وهو مركز أبحاث أمريكي، "إذا كان كل ما يتعين عليهم دفع ثمنه في حالة السيطرة العسكرية على تايوان هو العقوبات المالية والاقتصادية، فإن الصينيين سيقومون بذلك صبيحة غد".
لهذا السبب، قال المحللون إن استفسارات المستثمرين بشأن تايوان كانت تتزايد حتى قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
قال محلل مقيم في هونج كونج يعمل في صندوق أمريكي كبير في كانون الثاني (يناير)، "لدي عدد من عملاء الاستثمار في مراكز شراء فقط يقومون ببناء تحوطات في محافظهم الاستثمارية تستند إلى سيناريو 'الصين تسيطر على تايوان'(...) إن التأثير في المحافظ الآسيوية من مثل هذا الحدث سيكون بعيد المدى".