هل ستتحول استراتيجية صفر كوفيد الصينية إلى التعايش مع كوفيد؟
يكافح بر الصين الرئيس لاحتواء أكبر تفش لفيروس كورونا منذ انتشار الوباء في ووهان قبل عامين، حيث يختبر متحور أوميكرون استراتيجية عدم التهاون مطلقا التي يتبعها الرئيس شي جين بينج ويعرض شنغهاي لخطر الإغلاق.
تشانجتشون، عاصمة مقاطعة جيلين الشمالية الشرقية التي يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة وقاعدة تصنيعية مهمة، تم الأمر بإغلاقها الجمعة بعد الإبلاغ عن 23 حالة جديدة، وهي الأحدث في سلسلة من الإجراءات الصارمة على مستوى المدينة في الأشهر الأخيرة.
أفادت السلطات الصحية أن أعداد الحالات اليومية قد تضاعفت ثلاث مرات في الأسبوع الماضي، ما أدى إلى إضافة أكثر من 1100 حالة تقريبا في 17 منطقة وإرغام المسؤولين في بعض من المدن على إنشاء مستشفيات مؤقتة للطوارئ.
أعاد الارتفاع الأخير في عدد الحالات في الصين تركيز الانتباه على قرار شي بعدم الانحراف عن استراتيجية صفر كوفيد المتمثلة في الحدود المغلقة بإحكام - كلما تم اكتشاف إصابة - وعمليات الإغلاق على مستوى المدينة والفحوص الجماعية والتتبع الدقيق للمخالطين.
في حديثه مع صحافيين بعد اختتام الجلسة البرلمانية للصين الجمعة، لم يرد رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانج على أسئلة حول المدة التي تعتزم الحكومة فيها بالالتزام باستراتيجية صفر كوفيد.
قال لي: "سنواصل جعل استجابتنا أكثر علمية وأكثر استهدافا"، مضيفا أن بكين ما زالت مصممة على "حماية حياة الناس، والحفاظ على العمل والحياة الطبيعية، وضمان أمن سلاسل التصنيع والإمداد".
هذه السياسة، التي ينسب إليها الفضل في قمع معدل الوفيات جراء الوباء في الصين، استمرت على الرغم من تسليم السلطات أكثر من ثلاثة مليارات جرعة من لقاح كوفيد - 19 إلى 1.4 مليار نسمة.
تظل أعداد الحالات في الصين منخفضة وفقا لجميع المقارنات الدولية تقريبا. أبلغت نيوزيلندا، الدولة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، عن أكثر من 20 ألف إصابة جديدة الجمعة، في حين قالت كوريا الجنوبية إن هناك 280 ألف حالة إصابة من بين سكانها الذين يبلغ عددهم 52 مليونا.
بينما يعاد فتح الكثير من الدول في جميع أنحاء العالم، فإن نهج بكين يعكس أوجه القصور في نظام الرعاية الصحية في الصين، كما قال خبراء الصحة، الذين أشاروا إلى الفعالية المنخفضة نسبيا للقاحات المنتجة محليا في البلاد.
شنغهاي، إحدى أكبر المدن في الصين والمركز المالي الدولي المهم، أمرت المدارس الجمعة بالانتقال إلى التعليم عن بعد وعلقت مدارس رياض الأطفال، ما أثار مخاوف بين سكانها من اتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة.
كما حث مسؤولو الصحة في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 26.5 مليون نسمة على أخذ الجرعات المعززة وطلبت بعض الشركات من الموظفين العمل من المنزل.
مع تركيز شي على تأمين استمراره لولاية ثالثة، قال محللون في "نومورا" إن احتمال تغيير الصين لنهجها هذا العام قد تضاءل. على الرغم من ارتفاع التكاليف الاقتصادية و"الإشارات العرضية من كبار خبراء الصحة العامة إلى تحول نهائي إلى 'التعايش مع كوفيد'".
قال محللو المصرف: "استراتيجية صفر كوفيد، أظهرت القوة المؤسسية للحزب الشيوعي الصيني الحاكم وسمحت للمسؤولين بالثناء على النموذج الصيني المنتصر. التخلي عن الاستراتيجية الآن يمكن أن ينظر إليه على أنه إقرار بأن الاستراتيجية لم تنجح في المقام الأول".
يخضع هذا النهج أيضا لفحص مكثف في هونج كونج، حيث سجلت الأراضي الصينية أكثر من 550 ألف إصابة منذ أن بدأت الموجة الأخيرة من الإصابات في أواخر كانون الأول (ديسمبر) - خمسة أضعاف الإصابات المسجلة، التي يبلغ عددها 112 ألفا، في بر الصين الرئيس خلال الجائحة بأكملها.
كانت مستشفيات هونج كونج مكتظة، وغرف الجنائز ممتلئة، ومحال البقالة مجردة من كل شيء بسبب شراء الناس بدافع الذعر. تم تسجيل نحو ثلاثة آلاف حالة وفاة، معظمهم من كبار السن والذين لم يتلقوا اللقاح في دور الرعاية. أشار المحللون إلى أن المدينة لديها أعلى معدل وفيات يومية للفرد في العالم.
لقد أجبرت بكين حكومة هونج كونج على تبني استراتيجية "صفر كوفيد ديناميكية" بعد أن أعطت كاري لام، رئيسة السلطة التنفيذية في هونج كونج، الأولوية لإعادة فتح حدود المدينة مع الصين على بقية العالم.
انخفض عدد الحالات اليومية في هونج كونج إلى 31 ألفا من 55 ألفا الأسبوع الماضي. لكن سكان المدينة البالغ عددهم 7.4 مليون نسمة، الذين يعيشون في ظل إجراءات صارمة للتباعد الاجتماعي لأشهر، لا يزالون قلقين من احتمال حدوث إغلاق على مستوى المدينة والتهديد بأن أي شخص تثبت نتيجة فحصه إيجابية سيتم احتجازه في منشأة حكومية للحجر الصحي.