رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


لا اجتهادات في الحقوق

تمضي المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين نحو فضاء أرحب من تعزيز الشفافية، وحماية حقوق الإنسان، حيث يتضح ذلك من خلال موافقة مجلس الوزراء على نظام الأحوال الشخصية، بعد أن استكمل دراسته في مجلس الشورى.
ولا شك أن نظام الأحوال الشخصية يأتي في وقت أحوج ما تكون السعودية إليه، خاصة مع التطورات الكبيرة في سوق العمل، وتنامي مشاركة المرأة في جميع نواحي الحياة، فلقد ظلت العلاقات الأسرية مناط كثير من التأويل، والاختلاف في وجهات النظر بخصوص حقوق كل طرف فيها سواء الزوج، أو الزوجة، أو الأبناء.
ويعود هذا الخلاف إلى تفاوت واسع في الفتاوى ذات العلاقة، خاصة عندما تتعقد العلاقات، وتتشابك تماما، أو عندما يصبح الخلاف سيد الموقف وأسبابه أكثر تشابكا، ما يوسع السلطة التقديرية للقاضي، ويزيد من تباين الأحكام القضائية في هذا الشأن.
ولقد ظلت مسألة نظام الأحوال الشخصية في السعودية مثار جدل، رغم وجود أحكامها في القرآن الكريم والسنة المطهرة، لكن الواقع أثبت أن كثيرا من أفراد المجتمع قد لا يفهم المراد من النص تماما، أو مدى تطابقه على الحالة القائمة.
ومع كون القرآن الكريم هو دستور السعودية ومنه تستنبط الأحكام كافة، فإن النظام في حد ذاته لا يخرج عن كل ما ورد في الشريعة الإسلامية، ومقاصدها، لكنه وضع أحكام الأسرة في نظام شامل مرقم بمواد، بما يمنح جميع أفراد المجتمع بجميع خلفياتهم المعرفية الفهم الكافي، واللازم للحقوق، والمسؤوليات المترتبة على الزواج، والأسرة، فكل فرد يعرف تماما ما له وما عليه.
نظام الأحوال الشخصية الصادر لا يختلف كمفهوم عن كتب الفقه، التي تحدد الأحكام التي وردت في القرآن والسنة النبوية، لكن الفرق هنا أن نظام الأحوال الشخصية فصل في الأحكام ولم يجعل هناك خلافات، ولا رأيا راجحا، ولا مفاهيم تصعب قراءتها، وفهمها إلا من خلال مختص، فهو نظام سهل محدد المواد واضح الأحكام، آخذ بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة.
كما أن النظام بحد ذاته يشكل نقلة نوعية كبرى في جهود صون، وحماية حقوق الإنسان، واستقرار الأسرة، وتمكين المرأة، وتعزيز الحقوق، وهو ثاني مشاريع منظومة التشريعات المتخصصة الأربعة صدورا، التي أعلن عنها سابقا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهي نظام الإثبات، ونظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، فنظام الأحوال الشخصية يوضح الأحكام في حالات الزواج، وحالات الطلاق، للمواطنين الذين يحملون الجنسية السعودية، وأيضا تفاصيل الوصاية، والولاية، وأحكام الولي وكل يتفرع من أسباب الفرقة بين الزوجين.
كما يهتم نظام الأحوال الشخصية بحقوق الزوجين عند الزواج، وتفاصيل أخرى عن العلاقات الاقتصادية الزوجية مثل النفقة، وراتب الزوجة، والمهر وحتى الهدايا قبل الزواج للمخطوبة، وأيضا أمور ذات أهمية بالغة مثل سن الزواج، وتوثيق عقد الزواج، وحق الزوجة في تنفيذ الطلاق، فهو نظام شامل يقلل التفاوت في الأحكام بشأن قضايا كانت تمثل مشكلات معقدة بلا حل، وتستغل من قبل البعض لعضل المرأة في حقوقها.
ومن المعلوم أن نظام حماية الكبير قد صدر مطلع هذا العام، وهو الذي يوضح حقوق كبير السن في الأسرة، ومن يعوله، والمسؤوليات المترتبة على ذلك، ومع صدور نظام الإثبات أيضا فإنها جميعا ترسم صورة واضحة لما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان من اهتمام بالغ بحفظ الأسرة، وجميع أفرادها، وحفظ الحقوق بشكل عام، وترسيخ مبادئ العدالة، والشفافية، وحقوق الإنسان، مهما كان سنه، ووضعه، وحالته، وأن ذلك هو المسار الصحيح لتحقيق وضمان استدامة التنمية الشاملة، وتحقيق مفاهيم جودة الحياة التي تستهدفها رؤية المملكة 2030.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي