الصين تغذي نفوذها في سريلانكا بتمويل المشاريع البحرية
سئم كانداسامي كالاموهان من سفن الصيد التي زعم ورفاقه الصيادون أنهم عبروا بها في المياه السريلانكية الشمالية من الهند، على بعد نحو 50 ميلا، ما أدى إلى تدمير شباكهم الخاصة بصيد الروبيان واستنزاف إمداداتهم من التونة والحبار.
لذلك في العام الماضي، انضم إلى صناعة ناشئة سريعة النمو، تنمية زراعة البحر. حيث يقوم بتزويدها من مزرعة سمكية قريبة يملكها الصينيون، ويقوم بتنمية المخلوقات اسطوانية الشكل التي تعيش في قاع البحر في مزرعته المائية لتصديرها إلى الصين، حيث يباع هذا الطعام الشهي مقابل مئات الدولارات للكيلوجرام الواحد.
قال كالاموهان، البالغ من العمر 48 عاما، الذي كان سابقا يمتلك قاربي صيد صغيرين، "بسبب سفن الصيد الهندية، هناك كمية أقل من الأسماك في البحر. أردت أن أبدأ شيئا بنفسي وهذا عمل تجاري مربح للغاية".
قال إم ثيفاجاران، رئيس جمعية مزارعي خيار البحر في جافنا، إن عدد المزارع ارتفع من نحو 40 إلى 250 مزرعة في العام الماضي، حيث المياه الشمالية الضحلة ملائمة تماما لزراعة خيار البحر. على الرغم من حجمها المتواضع، إلا أن المشاريع أشعلت بشكل غير متوقع منافسة قوة متنامية بين الهند والصين في البلاد الجزيرية الاستراتيجية التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة.
كان شمال سريلانكا، الذي عانى حربا أهلية استمرت 26 عاما وانتهت في 2009، منذ فترة طويلة قريبا ثقافيا وجغرافيا من الهند، حيث يعيش شعب التاميل على جانبي مضيق بالك. على الرغم من تحقيقها إنجازات دبلوماسية واقتصادية واسعة النطاق في سريلانكا، إلا أن الصين ظلت إلى حد كبير بعيدة عن الشمال.
لكن الاهتمام الصيني الأخير بالمنطقة زاد من التوترات بين بكين ونيودلهي، المتورطتين أيضا في مواجهة عسكرية على حدودهما في جبال الهيمالايا على بعد ألفي ميل.
في كانون الأول (ديسمبر)، قام السفير الصيني شي جين هونج بجولة نادرة إلى المنطقة، حيث زار الشركات الصينية بما في ذلك مرزعة خيار بحري، ووزع حصص إعاشة على الصيادين المتضررين من سفن الصيد الهندية. أثارت الزيارة قلق نيودلهي عندما أطلق الوفد طائرة دون طيار لتحلق في إحدى أقرب النقاط للساحل الهندي.
مع ذلك، يرى كثير من السكان المحليين العلاقات مع الصينيين على أنها فرصة مربحة في منطقة مهملة.
قال أنجاجان راماناثان، النائب عن مدينة جافنا الشمالية، والمتحالف مع حكومة الرئيس جوتابايا راجاباكسا، "إننا نرحب بمن يهتم بالاستثمار وإيجاد فرص العمل وجني العوائد أيضا. جذبت جافنا انتباه كثير من الأشخاص (...) ونحن بحاجة إلى الخبرات والتكنولوجيا الصينية".
قال آنالينجام آناراسا، رئيس اتحاد مصائد الأسماك في جافنا، "شعبنا جائع، ولا نمانع فيمن يساعدنا، سواء كان ذلك الهند أم الصين. الصين أدركت متاعبنا وقدمت المساعدة".
لدى سريلانكا علاقات مع الهند والصين تعود إلى مئات الأعوام. حيث تتنافس كل من دلهي وبكين بشدة على النفوذ عبر ممارسة الضغط، وتقديم القروض وبيع الأسلحة. التنافس بينهما في سريلانكا "هو الأكثر شفافية وضراوة" من بين البلاد قريبة، كما قال أحد الدبلوماسيين. "خلال العام الماضي، تطور التنافس بطريقة جذرية".
انطلقت الاستثمارات الصينية من خلال مبادرة الحزام والطريق الخاصة بها. أصبحت الصين واحدة من أكبر مقرضي سريلانكا، مع ما لا يقل عن 3.5 مليار دولار من القروض المستحقة، وتسيطر على ميناء هامبانتوتا على ساحلها الجنوبي، بالقرب من بعض خطوط الشحن البحري الأكثر ازدحاما في العالم.
اتهم النقاد القروض الصينية بدفع سريلانكا إلى أزمة ديون تكافح للخروج منها، وطلبت سريلانكا الشهر الماضي من الصين إعادة هيكلة ديونها. ردت الهند بهجوم دبلوماسي مضاد، حيث قدمت نحو مليار دولار من المساعدة واستضافت وزير خارجية سريلانكا هذا الشهر.
كان بعض المراقبين متشككين في قدرة الصين على تحويل انتشارها الأخير في شمال البلاد إلى النشاط واسع النطاق الذي حققته في أماكن أخرى.
كان شمال سريلانكا مركز الحرب المدمرة التي حارب فيها الانفصاليون التاميل من أجل الاستقلال عن الأغلبية السنهالية في الجزيرة. وقتل ما يصل إلى 100 ألف شخص قبل سحق مقاتلي التاميل في عملية قادها قائد الجيش آنذاك جوتابايا.
لا يزال الشمال من بين أقل المناطق تطورا في سريلانكا، ويستنكر السكان المحليون عدم وجود استقرار سياسي بعد الصراع. هناك أيضا استياء عميق تجاه الصين، التي دعمت حكومة راجاباكسا، التي كان يقودها آنذاك ماهيندا شقيق جوتابايا، خلال الصراع.
قال بي ماثان، رئيس اتحاد صيادي الأسماك في مدينة باسايور القريبة، الذي نظم احتجاجات ضد الاستثمارات الصينية، "طالما أنا الرئيس، لن يتم السماح للصينيين بالقدوم إلى هنا".
كما تدخلت الهند أيضا لإبقاء الصين بعيدة. قبل فترة قصيرة من زيارة السفير، أعلنت الصين أن الهند نجحت في ممارسة الضغط من أجل تعليق مشروع للطاقة المتجددة أمام ساحل جافنا بسبب المخاوف الأمنية.
لكن الهند تواجه استياء أيضا، أكثره صادر عن الصيادين المحليين الذي يتهمون سفن الصيد التابعة لها بتدمير سبل عيشهم. في الأشهر الأخيرة، تصاعد النزاع المستمر منذ أعوام مع اعتقال عشرات الصيادين الهنود من قبل سريلانكا ومقتل شخصين سريلانكيين في اشتباكات في البحر.
قال إس باكيكاران، صياد روبيان (26 عاما)، في احتجاج في جافنا، "كيف يمكننا البقاء على قيد الحياة إذا أتى هؤلاء الأشخاص وأخذوا ما نحتاجه إليه لكسب لقمة العيش؟ يأتي الهنود بمنتهى الحرية، يسرقون سمكنا ويذهبون".
وفي حين كان يجري حصاد خيار البحر البري لمدة طويلة في المنطقة، تسارعت الزراعة الموجهة للتصدير في العام الماضي. يتم شحن النباتات، التي يمكن أن تنمو إلى الحجم الكامل في غضون أشهر، إلى هونج كونج وسنغافورة ويتم بيعها في بر الصين الرئيس، حيث تعد ذات قيمة عالية لجلدها المطاطي وأحشائها الطرية.
تقدم ما لا يقل عن 400 صياد آخر بطلبات للحصول على تصاريح لإنشاء مزارع خيار البحر، كما أن مزرعة خيار البحر في جوي لان المملوكة للصينيين أكثر ازدحاما من أي وقت مضى.
لكن ستيفن جونج، أحد الشركاء، منذهل من الضجة الجيوسياسية. جونج، من تايوان ويعيش في سريلانكا منذ ثلاثة عقود، يدير المزرعة مع كثير من الشركاء والمستثمرين الآخرين من بر الصين الرئيس.
لم يحقق مربو خيار البحر ربحا بعد، وفي بعض الأحيان يعيشون لأشهر في كوخ متواضع على الواجهة البحرية حيث يربون خيار البحر الصغير. لكن جونج يشعر بالتفاؤل، مع قاعدة العملاء سريعة النمو والطلب القوي من الصين.
قال، "يعلم الجميع أن لدى سوق خيار البحر في الصين إمكانات عالية. كان هناك تضحيات كثيرة (...) يمكنني أن أرى مستقبل هذا الاستثمار وأنا واثق جدا بشأنه".