"نتفليكس" تكافح مع طموحاتها في الهند
عندما تم إطلاق منصة نتفليكس في الهند في 2016، رحبت بوليوود بعرابة البث بحفاوة. قال مسؤول تنفيذي في استوديو نتفليكس، "نظر المنتجون إلى نتفليكس وكأنها دجاجة ستبيض ذهبا".
مع ذلك بعد أكثر خمسة أعوام، تبدو طموحات شركة نتفليكس للحصول على 100 مليون مشترك من الهند ثقة زائدة.
اليوم، تمتلك "نتفليكس" 5.5 مليون مشترك فقط في الهند، وفقا لشركة الأبحاث والاستشارات ميديا بارتنرز آسيا. في المقابل، تقدر "ميديا بارتنرز آسيا" أن منصة أمازون برايم فيديو لديها 16 مليون مشترك ومنصة ديزني بلص هوت ستار لديها 50 مليون مشترك، المنصتان المنافستان لـ"نتفليكس" - وتعزز مركز "ديزني بلص هوت ستار" عبر امتلاك حقوق بث مباريات الكريكت في الدوري الهندي الممتاز.
لا تفصح "نتفليكس" عن عدد المشتركين حسب البلد لكن عدم الرضا بشأن تقدمها في الهند كان واضحا خلال تقرير هاتفي بشأن الأرباح الشهر الماضي. قال ريد هاستينجز الرئيس التنفيذي، إنه في "كل سوق رئيسة أخرى، تدور عجلة الموازنة بشكل جيد. ما يحبطنا هو سبب عدم نجاحنا في الهند".
الهند تتجنب "نتفليكس" في وقت أدى فيه تباطؤ نمو المشتركين في أماكن أخرى إلى جعل الأسواق الناشئة حاسمة في استراتيجية نموها الشاملة. في الأرباع الأخيرة، تباطأ نمو مشتركي المجموعة، مقرها كاليفورنيا، الذي كان ممتازا في يوم من الأيام في الولايات المتحدة، أكبر أسواقها، حيث كانت تقاوم منافسة جديدة. انخفضت أسهم "نتفليكس" نحو 37 في المائة منذ بداية العام.
للحفاظ على زيادة أعداد المشتركين، توسعت "نتفليكس" بقوة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا، حيث استثمرت بكثافة في البرامج الناطقة باللغات المحلية. في الهند، أنفقت 400 مليون دولار بين 2019 و2020 على الإنتاج المحلي.
قال جريج بيترز، رئيس العمليات في نتفليكس، "نحن متفائلون تماما بأن الهند لا تختلف اختلافا جوهريا بطريقة ما".
لكن يشير محللون إلى أن "نتفليكس" كانت بطيئة في معالجة كثير من المسائل الخاصة بالهند، من التسعير والتوزيع، إلى أهمية إعداد مزيد من المسلسلات الناطقة باللغات المحلية مثل التاميل.
وفقا لأحد المخضرمين في الصناعة، كان نهج "نتفليكس"، "أشبه ما يكون بقول 'بنيت شبكة أنابيب المياه للعالم بأسره، أحتاج فقط إلى فتح الصنبور في الهند'، بدلا من وضع استراتيجية للهند".
الأهم من ذلك، "نتفليكس" لم تحدد جمهورها المستهدف في الهند، وفقا لثلاثة خبراء هنديين في صناعة الترفيه يعملون حاليا أو عملوا في السابق مع الشركة. قال المدير التنفيذي في الاستوديو، الذي طلب عدم ذكر اسمه حتى لا يقوض علاقات العمل، "إذا قالت نتفليكس إن الـ100 مليون مشترك القادمين سيأتون من الهند -عدد السكان 1.4 مليار-، فأنت بحاجة إلى معرفة أي 100 مليون".
قالت "نتفليكس"، "إننا فخورون بما حققناه في الهند(...)هدفنا في النهاية هو تقديم مجموعة متنوعة من المسلسلات والأفلام عالية الجودة التي تجلب المتعة لمحبي الترفيه حول العالم".
على الرغم من أن صناعة الترفيه الضخمة الناطقة بالهندية واللغات المحلية في الهند حققت نجاحا تلو الآخر، فإن المحتوى الأصلي لم يفز بأعداد كبيرة من المشاهدين على منصة نتفليكس في البلاد.
أظهرت أحدث البيانات من "ريد سير"، شركة مزودة للأبحاث، أنه في كانون الثاني (يناير) الماضي 4 إلى 6 في المائة فقط من البرامج التي أعدتها منصة بث التي تمت مشاهدتها في الهند كانت من "نتفليكس". بينما حققت "ديزني بلص هوت ستار" 45 إلى 47 في المائة من تلك الفئة.
مع ذلك، حققت "نتفليكس" بعض النجاحات الكبيرة في أعمالها الأصلية. تقول، دون إعطاء تفاصيل، إنها حققت أعداد مشاهدات عالية لمسلسل التشويق والعنف سيكرد جيمز، وحصلت على إشادة النقاد لدراما البؤس ليلى وحصلت على جائزة إيمي لمسلسل دلهي كرايم.
كان أكثر أفلامها الهندية مشاهدة هو هاسين ديلروبا، وهو فيلم تشويق رومنسي. في أيلول (سبتمبر)، قال هاستينجز إن "نتفليكس" أنهت إنتاج 70 عملا هنديا أصليا، ولديها 90 عملا آخر في طور الإعداد.
"نحن نستثمر أيضا في قصص أكثر تنوعا في جميع أنحاء البلاد، لنسعد الأعضاء الذين يتحدثون لغات مختلفة"، حسبما قالت "نتفليكس".
لكن العروض المثيرة ما زال عليها أن تولد مسلسلات ناجحة تستمر في العرض لفترات طويلة بأسلوب المسلسل الإسباني موني هايست في الهند - لم يتجاوز مسلسل سيكرد جيمز عرض الجزء الثاني - ويشير تحليل البيانات من "أوميديا" إلى أن المسلسلات الأجنبية تفوقت في جداول المشاهدة البيانية على "نتفليكس" في الهند في الربعين الماضيين. علقت "نتفليكس" الآن خططا لافتتاح أول منشأة مملوكة بالكامل لمرحلة ما بعد الإنتاج في مومباي.
في المقابل، قال مراقبو الصناعة، إن "أمازون" كانت أسرع في الدخول إلى اللغات الإقليمية وقدمت مزيدا من المحتوى، بينما لبت "ديزني بلص هوت ستار" احتياجات جمهور السوق بشكل أكثر نجاحا بسبب حصولها على حقوق بث مباريات الدوري الهندي الممتاز، وكذلك المسلسلات التلفزيونية.
بينما رحبت بوليوود بأموال "نتفليكس"، اشتكى أحد مسؤولي الإبداع لمرحلة ما قبل الإنتاج من "تدخل الشركة المفرط في العملية الإبداعية"، مضيفا أن النتيجة، في بعض الأحيان، كانت "نمطية". اشتكى مسؤول تنفيذي آخر من أن "نتفليكس" طلبت من الاستوديو الخاص بها تعيين مدير برامج ومخرجين لمسلسل واحد - وهو أسلوب إنتاج أمريكي.
قال أحد المخضرمين في الصناعة، الذي يعمل مع إحدى منصات البث المنافسة لنتفليكس، "ما كان يحدث خلف الكواليس هو أن جميع أصحاب المواهب عالية الجودة (...) كانوا يبتعدون".
في الوقت نفسه، في بلد يتمتع فيه العملاء ببعض أرخص البيانات في العالم، كان تسعير "نتفليكس" مرتفعا وشراكات التوزيع محدودة، كما قال ميهير شاه، نائب رئيس "ميديا بارتنرز آسيا".
مقارنة بـ"أمازون" و"ديزني بلص هوت ستار"، قال شاه، "بالنسبة إلى سوق واعية للقيمة بشكل عال، فإن نتفليكس (...) عند نقطة سعر باهظة الثمن. إذا كانت تكلفة البيانات لديك تراوح بين اثنين إلى 2.50 دولار، وأضفت خدمة بث سعرها يراوح بين خمسة دولارات إلى سبعة دولارات مثلا، فإن ذلك لا يتناسب".
تعمل "نتفليكس" على تغيير نهجها وفي كانون الأول (ديسمبر) خفضت أسعار الاشتراك الشهري في الهند، في بعض الحالات تصل إلى 60 في المائة. أرخص عرض، للهاتف المحمول فقط، يكلف الآن 149 روبية "1.99 دولارا" شهريا، في حين أن الخيار الأكثر تميزا هو 649 روبية. لكن لا يزال هذا أعلى بكثير من منافستها "ديزني بلص هوت ستار"، التي تفرض رسوما بـ49 روبية فقط مقابل تطبيقها الخاص بالهاتف المحمول، أو 299 روبية مقابل باقة الاشتراك الممتازة.
قالت نتفليكس، "جعلت خطط التسعير التي تم إعلانها أخيرا خدمتنا في متناول يد المستهلكين في الهند".
قال شاه إن تخفيض الأسعار سيسمح لـ"نتفليكس" "بالتقدم وإقامة شراكة أعمق مع شركات الاتصالات" - وهي استراتيجية نجحت مع "أمازون" و"ديزني"، اللتين كانتا متاحتين منذ فترة طويلة كجزء من حزم البيانات أو حزم الاشتراك التلفزيوني.
توفر شركة جيو، أكبر مزود لاتصالات الهاتف المحمول في الهند، منصة نتفليكس الآن كجزء من حزم الدفع الآجل لبيانات الجوال، إلى جانب "أمازون" و"ديزني". في التلفزيون، أعلنت شركة تاتا بلاي، "تاتا سكاي" سابقا، أخيرا أنها أضافت منصة نتفليكس إلى باقات "بينج".
من بين شركات الإعلام الأمريكية الكبرى، حققت "ديزني" أكبر قدر من النجاح في الهند. مع ذلك، قد تتعرض هيمنتها للتهديد إذا فاقت إحدى المنصات مزايدتها على حقوق بث مباريات الدوري الهندي الممتاز في الأسابيع المقبلة. من المتوقع أن يقدم مشروع إعلامي تملك فيه حصة الأغلبية "ريلاينس إندستريز" أكبر شركة مدرجة في الهند، عرضا، وكذلك شركتا أمازون وسوني - زي.
على الرغم من إحباطات "نتفليكس" في الهند، تأمل بوليوود في أن تبقى وتنفق الأموال.
قال أحد مديري البرامج الذي يعمل حاليا مع "نتفليكس"، "قد لا يكون لدى نتفليكس أعداد مشتركين بحجم أعداد هوت ستار بعد"، مضيفا أنها كانت تجربة إيجابية. "لكن ما لم تكن من الأشخاص الذين يمكنهم الاختيار والانتقاء (...) 99.9 في المائة من الناس في الصناعة سيحبون العمل مع نتفليكس".