لماذا تزداد العلاقة حدة بين أرباب العمل والموظفين؟

لماذا تزداد العلاقة حدة بين أرباب العمل والموظفين؟
لماذا تزداد العلاقة حدة بين أرباب العمل والموظفين؟

مثل كثير من محاضري الجامعات الشباب، يعيش كارل في حالة من عدم اليقين المستمر. بصفته معيدا في قسم السياسة في جامعة في لندن، لا يعلم إذا ما كان سيعمل أم لا حتى شهر قبل بداية كل فصل دراسي، عندما يعطى جدولا من بضع ساعات التدريس المدفوعة كل أسبوع.
لتدبير أمور معيشته، غالبا ما يجمع الشاب البالغ من العمر 32 عاما وظائف التدريس لفصول دراسية متعددة، نادرا ما يكون الوقت في كل عقد كافيا للتحضير المناسب للمحاضرات أو تصحيح عمل الطلاب أو تقديم الملاحظات، لذا فإن كثيرا من العمل غير مدفوع الأجر.
قال "الحقيقة هي أنه إذا كانت الجامعة تعمل بالساعات التي تم التعاقد معنا على أساسها فلن تكون قادرة على العمل والجميع يعلم ذلك. هناك قدر كبير من انعدام الأمان، لا نعلم إذا ما كنا سنحصل على عمل العام المقبل".
كارل، الذي طلب أن يتم التعريف به باسم مستعار، هو واحد من آلاف الموظفين في عشرات جامعات في المملكة المتحدة، الذين يشاركون في ثلاثة أسابيع من الإضرابات بسبب الأجور وخفض المعاشات التقاعدية وظروف أماكن العمل. هذا الإضراب هو أحد أكثر الإضرابات شهرة وتعطيلا الآن في المملكة المتحدة.
لكن الموظفين في الجامعات ليسوا وحدهم، في أحد الإضرابات الأخيرة لهيئة التدريس في جامعة سيتي لندن انضم موظفو الأمن إلى المحاضرين والأساتذة في صفوف الاعتصام، ممثلين من نقابات مختلفة تماما. لم يكن ما وحدهم فقط المطالبة المكبوتة بأجور أعلى وبيئة عمل أكثر أمانا، بل الشعور بالظلم الذي يغذي أكثر مواسم المساومة على الأجور مجابهة في الدولة منذ أعوام.
على مدار العامين الماضيين توقفت الإضرابات على نطاق واسع، حيث ركزت النقابات طاقتها لإنقاذ الوظائف المهددة جراء عمليات إغلاق فيروس كورونا. لكن في 2022، مع صراع أرباب العمل مع نقص الموظفين والتضخم بالفعل عند أعلى مستوى له منذ 30 عاما، فإن الموظفين العاملين في مجموعة كبيرة من القطاعات من وسائل النقل إلى النظافة إلى التعليم، في الصفوف الأمامية وفي مكاتب الموظفين ذوي الياقات البيضاء، يتوقفون عن العمل.
الثلاثاء الماضي، أغلق إضراب، احتجاجا على إصلاحات المعاشات التقاعدية، كامل مترو أنفاق لندن. صوت نحو ثلاثة آلاف موظف في مصانع "إيرباص" في ويلز وجلوسيسترشاير للمشاركة في الإضراب حول الأجور بدءا من آذار (مارس)، مثلما فعل عمال في فرع قريب تابع لشركة جي إيه أفياشين سيستيمز. كان سائقو شاحنات القمامة والحافلات في أجزاء كثيرة من البلاد يطالبون وينجحون في الحصول على زيادات كبيرة في الأجور، بعد مشاهدة ارتفاع أجور سائقي الشاحنات ذوي المهارات المشابهة.
عمال النظافة الذين تم جلبهم من الخارج والذين تكثفت أعباء عملهم خلال الجائحة، مع حصولهم على مكافآت قليلة، توقفوا عن العمل للاحتجاج في المستشفيات ومحطات السكك الحديدية ومكاتب "فيسبوك" في لندن. من المرجح أن يكون هناك اضطراب واسع النطاق في قطاع السكك الحديدية، حيث تضع النقابات خططا لإضراب وطني إذا انهارت المحادثات مع مشغلي القطارات وشبكة السكك الحديدية حول إعادة هيكلة كبرى للصناعة.
موظفو المكاتب غاضبون أيضا، 1500 معلم في مجموعة جيرلز داي سكول ترتست - مجموعة من 23 مدرسة خاصة وأكاديميتين في جميع أنحاء إنجلترا وويلز - يحتجون في نزاع حول المعاشات التقاعدية، ويهدد موظفو هيئة السلوك المالي بالإضراب، حيث شعروا بالغضب من خطة التحول التي ستخفض بشكل فعال من أجور كثير منهم.
قال دانيال شانون هيوز، وهو ممثل فرع لنقابة يونيسون العمالية، التي تمثل موظفي الأمن والدعم والعاملين في القطاع العام "يعمل الناس لدرجة تفوق ما هو متوقع منهم في وصف وظائفهم. حتى قبل أن يبدأ التضخم في التزايد بمعدل سريع شهد أعضاؤنا تخفيضات في الأجور بالقيمة الحقيقية لأكثر من عقد. وصل الأمر إلى مرحلة ينبغي أن تقول فيها لقد طفح الكيل، لا يمكن أن يستمر الوضع على هذا النحو. وقد وصلنا إلى هذه المرحلة".
يرى بعض عودة الإضرابات إشارة إلى أن الموظفين العاملين يستخدمون قوة مساومة جديدة، ولا سيما في القطاعات التي تواجه نقصا حادا في العمالة وفي حاجة ماسة إلى التمسك بالموظفين.
تظهر البيانات التي تم جمعها بواسطة "إندييد"، موقع للبحث عن الوظائف عبر الإنترنت، أن معدلات الأجور المعلن عنها لوظائف القيادة والتصنيع والبناء ارتفعت نحو 8 في المائة خلال العام الماضي، في حين ارتفعت الأجور المعلن عنها حتى في قطاع الرعاية منخفض الأجر دائما 6.6 في المائة. بالنسبة إلى بعض الوظائف التي تتطلب مهارة، كان نمو الأجور المعلن عنها من أرقام زوجية، من الطهاة إلى عمال اللحام والرسامين وعمال التعبئة في المستودعات وممرضي الصحة العقلية.
قال جاك كينيدي، خبير اقتصادي في موقع "إندييد"، "الموظفون في بعض المهن في وضع يسمح لهم بالمساومة للحصول على أجور أعلى لتأمين أنفسهم من ضغوط تكلفة المعيشة".
لكن بالنسبة إلى معظم الناس، فإن التضخم يرتفع بمعدل أسرع بكثير من الأجور. أظهرت أحدث البيانات الرسمية أن الأجور المنتظمة، باستثناء المكافآت، كانت أعلى 3.7 في المائة فقط من العام السابق في الأشهر الثلاثة حتى كانون الأول (ديسمبر)، شبيهة بمعدلات ما قبل الجائحة. من حيث القيمة الحقيقية، انخفض متوسط الأرباح، ومن المتوقع أن يزداد الضغط في الأشهر المقبلة حيث تدفع أسعار الطاقة التضخم إلى أعلى مستوياته منذ 30 عاما.
هذا الضغط على المستويات المعيشية هو أحد العوامل التي تغذي الغضب في أوساط العمال الرئيسين، الذين واجهوا مطالب غير اعتيادية في المراحل الأولى من الجائحة، حيث لا ترغب أغلبية أرباب العمل الآن في تقديم صفقات أجور تتماشى مع التضخم، لأنهم يواجهون ضغوط التكلفة من جميع الجهات.
هذا يضيف إلى لحظة شديدة الخطورة في علاقات العمل، واختبارا للنقابات البريطانية في أشد فترات الاضطرابات العمالية منذ وضع قانون النقابات العمالية 2016 قيودا جديدة ومرهقة على أنشطتها.
يقول جيمس إيستوود، رئيس فرع نقابة الجامعات والكليات في جامعة كوين ماري لندن "منذ بضعة عقود حتى الآن، كانت هناك مستويات منخفضة نسبيا من النزاع الصناعي. ما بدأنا نشهده في الأعوام الأخيرة هو زيادة طفيفة وهجوم مضاد من أرباب العمل لمحاولة إيقاف ظهور النضالات العمالية".

النزاع على المعاشات التقاعدية

في الجامعات البريطانية، يتمثل جوهر الإضرابات في النزاع حول مزايا المعاشات التقاعدية التي يوفرها "برنامج التقاعد في الجامعات"، وهو برنامج المعاشات التقاعدية الرئيس الذي تقدمه جامعات وكليات المملكة المتحدة.
يعد كثير من الأعضاء الناشطين البالغ عددهم 200 ألف عضو هذه المزايا أجورا مؤجلة تعوض عن تقديم الأوساط الأكاديمية ما هو أقل من حيث الأجور والأمان الذي يقدم في أماكن أخرى.
يواجه الأعضاء الآن تخفيضا محتملا بنسبة 35 في المائة لمعاشاتهم التقاعدية المضمونة، في إطار التخفيضات التي تدخل حيز التنفيذ بدءا من نيسان (أبريل)، وفقا لحسابات النقابة، بعد أن حدد تقييم تم إجراؤه في آذار (مارس) 2020 عجزا يراوح بين 14 مليار جنيه استرليني و18 مليار جنيه استرليني في المالية العامة للبرنامج. سيتم تطبيق التخفيضات فقط على المزايا الجديدة ولن تؤثر في مزايا المعاشات التقاعدية المستحقة بالفعل.
جادلت نقابة الجامعات والكليات في أن التقييم يقدم نظرة متشائمة لماليات البرنامج، وأنه ينبغي للجامعات أن تكون قادرة على دفع فاتورة ميزات العاملين. على الرغم من تعافي أصوله إلى مستويات ما قبل الجائحة منذ ذلك التقييم، صرح "برنامج معاشات الجامعات" بأن التخفيضات ضرورية بسبب ارتفاع تكلفة تمويل المعاشات التقاعدية، وبسبب الوعود الجديدة المتعلقة بالمعاشات التقاعدية. قالت منظمة يونيفيرسيتيز يو كيه، التي تمثل القطاع، "إنه دون تغيير ستصبح المعاشات التقاعدية غير مقدور عليها بالنسبة إلى الأعضاء وأرباب العمل".
قال جو جرادي، الأمين العام لنقابة الجامعات والكليات، "إن الإضراب كان مدفوعا بالنفور التام من الأعضاء ورغبتهم في حماية ما هو حقهم"، مجادلا بأن رؤساء الجامعات يهاجمون بلا داع المعاشات التقاعدية ويتسببون في الإضراب كحدث سنوي".
لكن النزاع يتعدى المعاشات التقاعدية ليشمل بيئة العمل ككل في القطاع. في سلسلة من الإضرابات التي تم التصويت عليها بشكل منفصل، تطالب النقابة أيضا بزيادة الأجور، واتخاذ إجراءات بشأن فجوات الأجور بين الجنسين والعرق، ووضع حد للعقود غير المستقرة وقصيرة الأجل وعقود العمل التي تخلو من تحديد ساعات عمل الموظف التي أصبحت متوطنة في هذا القطاع.
تقدر نقابة الجامعات والكليات أن الموظفين قد تعرضوا لخفض الأجر الحقيقي 25.5 في المائة في المتوسط على مدى الـ13 عاما الماضية، بينما يعمل نحو 90 ألف موظف أكاديمي وذوي صلة بالعمل الأكاديمي بعقود غير آمنة.
ردا على ذلك، قال اتحاد أرباب العمل في الجامعات والكليات "إن أكثر من نصف أعضاء هيئة التدريس تلقوا زيادة في الأجور تراوح بين 1.5 و4.5 في المائة هذا العام، وإن القطاع يقلل من اعتماده على العقود محددة المدة".
عندما ضربت الجائحة في آذار (مارس) 2020، قلص أعضاء النقابات من الإضرابات. لكن خلال عامين شاقين عمل فيهما الموظفون بعقود دوام جزئي لساعات إضافية من أجل نقل التعليم عبر الإنترنت ودعم الطلاب، في حين عانوا من أجل إجراء البحث المطلوب للتقدم الوظيفي في عالم أكاديمي لا يرحم، أصبحت الشكاوى التي جعلتهم يتوقفون عن العمل أكثر حدة.
قال إيستوود "لقد همشت تجربة الجائحة الموظفين بشكل أكبر. كان الناس يعملون بجد للتأكد من استمرارية العمل ولم يتلقوا أي اعتبار في المقابل. كان هناك شعور حقيقي بعدم الاحترام، لم يكن حسن النية متبادلا".
وأضاف إيستوود أن "الجامعات تتطلب هذه النوايا الحسنة على شكل ساعات إضافية يتم قضاؤها في تصحيح الأوراق أو دعم الطلاب أو تنظيم الفعاليات، من أجل تسيير شؤونهم اليومية"، وقال "إنها أمور لم يتم أخذها في الحسبان في نماذج عبء العمل لكنها مهمة لعمل الجامعة"، الآن، يقول أكاديميون "إن حسن نواياهم واستعدادهم لتقديم العمل المجاني قد نفد. يمكن أن تشمل الإجراءات الأخرى مقاطعة تصحيح أعمال الطلاب".
قال جرادي "لن نستبعد أي أمر. هناك كثير من الأمور التي يمكن للموظفين فعلها (...) إن أي فكرة للنية الحسنة لاستمرارية سير القطاع قضى عليها تماما وكلاء الجامعات الذين يواصلون فعل ذلك".
يأتي قرار تصعيد الإضرابات في جزء منه ردا على الموافقة، الأسبوع الماضي، على تخفيض المعاشات التقاعدية الذي أدى إلى هذه الموجة من الإضرابات، لكنه أيضا مدفوع بالغضب في بعض الجامعات التي هددت بوقف رواتب الموظفين المضربين لأشهر، إلى جانب ما قالت نقابة الجامعات والكليات إنه يصل إلى تعليق عمل الموظفين".
إضافة إلى وقف أجر أيام الإضراب، قالت بعض الجامعات بما في ذلك جامعة كوين ماري لندن وجامعة سيتي هذا الشهر، "إنه يمكنها خصم 100 في المائة من راتب الموظفين المضربين الذين لم يعيدوا جدولة المحاضرات التي ألغيت أثناء الإضراب. يمكن أن يفرض سحب الأجر الكامل للفترة التي يعمل فيها الموظف وفقا لبنود عقده دون زيادة، أو إجراء احتجاجي لا يرقى إلى مستوى الإضراب، حتى أيار (مايو) على الأقل. هددت بعض الجامعات الأخرى بخصم جزء من الراتب".
قال اتحاد أرباب عمل الجامعات والكليات، الذي نصح الجامعات بتنفيذ التهديد، "إنها ليست فقط مخولة قانونيا، لكنها مضطرة إلى فعل ذلك بسبب واجبها تجاه الطلاب".
لكن النقابة تعد إعادة جدولة أنشطة أيام الإضراب بمنزلة تقويض للإضراب، ورفضت فعل ذلك. قالت جريتجي بارس، عضوة في نقابة الجامعات والكليات وباحثة قانونية في جامعة سيتي "إن إعادة جدولة المحاضرات تجعل الإضراب كله ضعيفا. نحن نرى في هذا تكتيكا لكسر الإضراب ونعتقد أنه قد تكون له تداعيات وطنية، ليس فقط داخل قطاع التعليم العالي، لكن على نطاق أوسع".
قالت جامعة سيتي في بيان "إنها ستحتفظ بالحق في خصم 100 في المائة من الأجر"، مضيفة "نحن نحترم حق أعضاء نقاباتنا العمالية المعترف بها في الإضراب، لكننا سنواصل بذل كل ما في وسعنا في إطار القانون للتخفيف من تأثير هذا الإضراب في تعليم طلابنا". من جهتها، قالت جامعة كوين ماري لندن "إنها ستطلب بشكل معقول أن ينفذ الموظفون واجباتهم التعاقدية".

التحديات التي تواجهها سلطة النقابات

يؤدي التهديد بوقوع مواجهة، مع احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات تستمر أشهرا وعدم دفع الجامعات رواتب مئات الموظفين لفترة غير محددة، إلى زيادة المخاطر، بينما يفكر مزيد من أماكن العمل في الإضراب.
يخشى أعضاء النقابات من أنها قد تشكل سابقة لمزيد من ردود الفعل التأديبية من أرباب العمل، حيث أدت الضغوط الاقتصادية إلى مزيد من الإضرابات. قال إيستوود "إنها تكتيكات سرية، مصممة لمنع العودة إلى الوقت الذي يمكن فيه للموظفين الإضراب للدفاع عن شروطهم".
تمثلت ردود أرباب العمل التي يصعب توقعها تحديا للنقابات الكبرى في المملكة المتحدة. تعهد قادة جدد بإعطاء الأولوية لمصلحة الأعضاء في أماكن العمل بدلا من التورط في السياسات الحزبية، لكن العقبات التي تعترض الإضراب أصبحت أكثر منذ 2016، عندما أقرت حكومة المحافظين تشريعات مثيرة للجدل شددت أحكام الاقتراع، بهدف التقليل من تعطيل الخدمات العامة.
أيضا قوة النقابات محدودة بسبب التراجع طويل الأمد في عضويتها وحضورها الضعيف في أجزاء كثيرة من قطاع الخدمات الذي يتركز فيه العمال ذوو الأجور المنخفضة.
ترشحت شارون جراهام، الأمينة العامة لنقابة "يونايت"، لمنصب الرئاسة ووعدت باتخاذ إجراءات عملية لمحاربة التخفيضات في الوظائف والدفاع عن الأجور. كما شرحت في بيان مفصل كيف تخطط لتحقيق ذلك، من بين ذلك عن طريق الإذن بالتصويت على الإضراب كلما فرضت تخفيضات في الأجور أو الشروط، والتدقيق في كل تسوية أقل من التضخم على مستوى عال، واستهداف أرباب العمل الرئيسين الذين ستحدد معاييرهم النموذج المتبع في القطاع.
قالت ميلاني سيمز، الأستاذة المختصة في العمل والتوظيف في جامعة جلاسكو، "إن هذا التركيز الجديد على مصدر الرزق، والتحسينات العملية كان بمنزلة تغيير واضح في اللهجة عن التركيز السياسي الحزبي والصفقات السرية التي حدثت في الماضي، لكنه سيستغرق وقتا لتمريره"، مع تحذيرها من أن تأثير النقابات كان واهنا في أجزاء كثيرة من اقتصاد المملكة المتحدة.
قالت في إشارة إلى زيادة الأجور التي حصل عليها عمال النظافة في المدينة بعد الإضرابات في تشرين الأول (أكتوبر)، "إذا صدف وكنت من جامعي القمامة في برايتون، فأنت بخير". لكن العاملين في القطاعات الأخرى منخفضة الأجر، مثل البيع بالتجزئة والضيافة، "قد يكونون في وضع مختلف تماما"، على حد قولها، لأن "القطاعات التي تعاني نقصا في اليد العاملة ليس لها تمثيل نقابي".
تظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن 26 في المائة فقط من موظفي المملكة المتحدة تغطيهم اتفاقيات المفاوضة الجماعية في 2017، التي تتفوق على الولايات المتحدة في ذلك، حيث كانت تغطية المفاوضة الجماعية قد بلغت 11.6 في المائة فقط، لكنها أقل بكثير من المستويات التي شوهدت في اقتصادات الاتحاد الأوروبي الرئيسة ومتوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ نحو 32 في المائة.
أعطى كيفين روان، رئيس التنظيم في مؤتمر النقابات العمالية، تحذيرا مشابها حول حدود سلطة النقابات، قال "في جميع مجالات الاقتصاد، نشهد جيوبا صغيرة نسبيا لإضراب مهم للغاية".
"لأن حدود الاقتراع جعلت من الصعب تنظيم إضرابات على مستوى البلاد في القطاع العام، فلن يؤدي ذلك بالضرورة إلى موجة كبيرة من الإضراب"، حسبما قال، لكنه أضاف "على الحكومة ألا تفترض أن موظفي الخدمة العامة سعداء برواتبهم أو عبء العمل الملقى عليهم".
لكن بالنسبة إلى كثير من العمال، الإضراب هو الملاذ الوحيد المتبقي لهم. انضمت جاكي، عاملة نظافة في قطاع السكك الحديدية، إلى الإضراب الذي وقع في ويستمينستر الأسبوع الماضي للمطالبة بأجور أعلى للساعة ورواتب أفضل عند المرض من شركة التعاقد الخارجي تشرشل. قالت "يجب أن أعمل 84 ساعة في الأسبوع كي أجلب مالا يكفيني".
على الرغم من مضي 14 عاما قضتها في هذه الخدمة، كما تقول، إلا أنها تلقت 80 في المائة فقط من أجرها المعتاد عندما أجبرت على أخذ إجازة من العمل لمدة ثلاثة أشهر بعد أن أصيبت بكوفيد، حيث تعتقد، أن العدوى انتقلت من راكب عطس في وجهها عندما كانت تنظف أحد القطارات.
أما الآن، على حد قولها، "فقد وجدت نفسها تبحث في محال السوبر ماركت في وقت متأخر من الليل عن طعام بسعر منخفض، لقرب انتهاء صلاحيته لتغطية نفقاتها"، وتقول "إن كثيرين من عمال النظافة عازبون، ولديهم أطفال. لا ينبغي لك فعل ذلك".

الأكثر قراءة