لا للإفطار

يتردد على مسامعك أينما تذهب وفي كل موقع عبارة، "مهما صار لا تفوت وجبة الإفطار"، و"الفطور أهم وجبة في اليوم"، وإنه "الشرارة التي توقد فتيل الحرق في جسمك". عبارات أصبحت قوانين ومسلمات عليك الإيمان بها دون التدقيق في منبعها أو إثباتها بالدراسات، لذا أتى في الأعوام الأخيرة عدد من العلماء و بعض أخصائي التغذية الذين يشككون بمثل هذه الأحكام والنظريات القديمة، والجميل أنهم لا ينكرونها جملة وتفصيلا، بل يقرون بأهمية بعض هذه القوانين مثل أهمية تناول الأطفال وجبة الإفطار حتى ولو كانت بسيطة قبل الذهاب للمدرسة، ويقرون بالدراسات التي تظهر أن الأطفال الذين يتناولون الفطور يحصلون على فائدة أكبر ويكونون أكثر تركيزا في الصف، ولكنهم في الوقت نفسه لا يرون صدق وقوع الضرر الصحي والسلوكي على الأشخاص الذين لا يتناولون وجبة الإفطار خصوصا البالغين منهم، والدليل استغناء كثيرين عن هذه الوجبة دون أضرار!
تقول ماريون نيسل، أستاذة التغذية في جامعة نيويورك، التي لم تتناول الإفطار منذ أعوام لأنها لا تشعر بالجوع في الصباح، في رأيي أن ماذا تأكل، وكم تأكل، أكثر أهمية لصحتك من متى تأكل!
وكتب عالم الأعصاب مارك ماتسو - العدو الأول لوجبة الإفطار- في مجلة "ذا لانيست" الطبية، "لا يوجد دليل واضح يظهر أن عدم تناول الإفطار أو الغداء أو كليهما معا غير صحي، كما أن المعلومات المتوافرة عن الحيوانات تظهر العكس تماما".
يتبين لك مما سبق أن الفطور غير إلزامي، بغض النظر عن جهود أنصار وجبة الإفطار في الدفاع عنه، وعلى الرغم من الاعتقاد السائد سابقا أن تخطي الوجبة الأولى من اليوم يقود إلى زيادة في الوزن، إلا أن عديدا من الدراسات الحديثة وجدت العكس، فالصيام أو تخطي بعض وجبات الطعام أو ما يعرف بالصيام المتقطع، أفاد كثيرا من الناس في فقدان الوزن، ومن أكثرها شعبية الامتناع عن الطعام لمدة 16 ساعة ثم تناول الطعام لمدة ثماني ساعات، أي من بعد الظهر 12 إلى الثامنة مساء، ما يعني التخلي عن وجبة الإفطار!
ووجد العالم ماتسون هورفاث أن الجوع يجعل الفئران أذكى، وأن مستوى ضغط الدم والقلب والأنسولين لدى الحيوانات التي تحرم من الطعام خلال أيام متعاقبة ينخفض، وأن قدرة الجسم على طرح السكريات من الدم تتحسن، أي أن كل الاشياء الجيدة تحدث. فإذا كنت ترى أن التخلي عن الفطور يؤدي إلى نقص الفيتامينات والمعادن، فاعمل بما يقوله ماتسون، "تناول الفطور في وقت الغد!".