ماذا يعني بناء مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة؟
في خبر مهم ومميز في تاريخ الاقتصاد الوطني والنتائج المثمرة للجهود الكبيرة الحكومية في تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني تم الإعلان عن تأجير أرض لشركة لوسد موتورز لصناعة السيارات في المملكة وكما جاء في الخبر: "أعلنت شركة إعمار المدينة الاقتصادية توقيع عقد إيجار تطويري مع شركة لوسيد المحدودة بقيمة 113.5 مليون ريال لاستئجار قطعة أرض صناعية في الوادي الصناعي في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لإنشاء وتشغيل منشأة لتصنيع وتجميع السيارات مع الخدمات المساندة كافة لمدة 25 عاما" وتميز هذا الخبر ليس فقط في استقطاب استثمار لصناعة سيارات فارهة في المملكة بل النتائج المباشرة وغير المباشرة لاستقطاب الاستثمارات النوعية في المملكة، إذ يتضمن مجموعة من التحولات للمملكة والمنطقة في كفاءتها في استقطاب الاستثمارات النوعية وتحولها إلى بيئة جاذبة لمثل هذه الاستثمارات.
الأسواق العالمية فيها منافسة شرسة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والاستثمارات النوعية بصورة خاصة، حيث لم تكن الصين فقط خيار المستثمرين بل الكثير من دول العالم يضع برامج ومشاريع استقطاب الاستثمارات الأجنبية أولوية اقتصادية ولذلك نجد اليوم دولا متعددة مثل الهند وإندونيسيا وفيتنام وتايلاند ودول أوروبا الشرقية تسعى إلى استقطاب الاستثمارات من مختلف الشركات إذ إن استقطاب الاستثمارات الأجنبية يعني أن هناك فرصة كبيرة للوظائف يدفع أجرتها بشكل غير مباشر المستهلك من مختلف دول العالم ولذلك فإن استقطاب الاستثمارات الأجنبية يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة.
السوق في المملكة تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث إن تكلفة أجور القوى العاملة الوطنية كبيرة، كما أن القطاع الصناعي يحتاج إلى وظائف مهارية ونوعية في تخصصات كثيرة ومختلفة، خصوصا في ظل التجربة الحديثة لقطاع السيارات الكهربائية التي تعد حاليا من أعلى درجات القطاع الصناعي النوعي باعتبار أنه يعتمد على أدوات متقدمة جدا خصوصا شركة مثل لوسد موتورز التي تقدم خيارات من السيارات الفارهة والمتطورة تقنيا.
نتائج هذا النوع من الاستثمارات تنعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد المحلي من عدة جوانب منها أن جزءا من منتجات هذه الشركة سيسوق محليا وبالتالي هذا يجعل عائد هذه الصناعة يعود بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني، كما أن هذه الصناعة مؤشر إيجابي للتطور الكبير في البنية التحتية والخدمات المميزة التي يمكن أن تكون عنصر جذب للاستثمار الأجنبي فتكلفة أجور القوى العاملة ليست كل شيء ووجود ميزة نسبية للمملكة كموقع استراتيجي يتوسط العالم خصوصا مع أزمات الشحن وسلسلة التوريدات وتكلفة الشحن أيضا باعتبار أن توسط المملكة للعالم سيقلل من تكلفة ومدة الشحن كما أن المملكة بما تزخر به من ثروة في النفط والغاز والمعادن وغيرها سيجعل ذلك لها ميزة نسبية للاستثمار داخلها.
من الآثار الإيجابية أن هذا سيحفز على بناء مهارات متقدمة لدى القوى العاملة الوطنية كما أنه سيكون البداية لاستقطاب مزيد من الشركات الأجنبية حول العالم خصوصا في الصناعات المتقدمة وتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي، وهذا بدوره سينعكس على جودة الوظائف للقوى العاملة الوطنية والتطور في قطاع التعليم والتدريب سواء من خلال المؤسسات التعليمية في القطاعين العام والخاص أو وجود مؤسسات تعليمية جديدة في السوق تقدم تعليما يتناسب مع احتياج السوق في المملكة.
استقطاب الاستثمار في القطاع الصناعي سيزيد من حجم الطلب على المحتوى المحلي خصوصا من المواد الأساسية والأولية، خاصة أن المملكة تعد أحد أهم منتجي البتروكيماويات في العالم كما أن ذلك سيزيد من الطلب على المعادن والمواد الأولية الطبيعية التي تزخر بها المملكة.
تدفق الاستثمارات الأجنبية سيكون له أثر في الاقتصاد الوطني في القطاعات الأخرى بصورة غير مباشرة مثل قطاع المقاولات والإنشاءات وقطاع الخدمات والقطاع العقاري ومعظم القطاعات الاقتصادية ما يؤدي إلى توفير مزيد من الوظائف للقوى العاملة الوطنية في تلك القطاعات إضافة إلى نجاح مزيد من الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في السوق كما سينعكس على القطاع المالي والسوق المالية بصورة واضحة سواء فيما يتعلق بالتمويل أو الاستثمار في السوق المالية.
من المهم في هذه المرحلة دراسة الاحتياجات المتوقعة للشركات التي تعتزم الاستثمار في المملكة لتوفير المحتوى الذي يناسب صناعاتها واحتياجاتها بصورة عامة، إضافة إلى أهمية تطوير البرامج التعليمية والتدريبية بما يتناسب مع هذه المرحلة
فالخلاصة أن قرار شركة صناعية متقدمة في صناعة السيارات الكهربائية بناء مصنع لها في المملكة يعد تطورا كبيرا باتجاه تحقيق رؤية المملكة نحو تنويع مصادر الدخل ما يتطلب العمل على تعظيم المنفعة الاقتصادية لاستقطاب مزيد من الاستثمارات النوعية من خلال العمل على دراسة احتياجات هذه الشركات وتطوير البرامج التعليمية والتدريبية بما يتناسب مع هذه المرحلة.