صدمة الحرب الروسية الأوكرانية تربك الأسواق الناشئة

صدمة الحرب الروسية الأوكرانية تربك الأسواق الناشئة
من آسيا إلى أمريكا اللاتينية انخفضت الأسهم والسندات والعملات انخفاضا حادا. تصوير: كين تشيونج "أسوشييتد بريس"

ذكر انهيار عملة الروبل الروسية المستثمرين في الأسواق الناشئة بأن أثر العدوى لا يزال يشكل خطرا.
من آسيا إلى أمريكا اللاتينية، انخفضت الأسهم والسندات والعملات انخفاضا حادا في الوقت الذي استيقظت فيه الأسواق على التدخل الروسي في أوكرانيا الخميس الماضي. واصلت بعض تلك الأسواق خسائرها الإثنين بعد أن أدت العقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي في عطلة نهاية الأسبوع إلى انخفاض الروبل إلى ما يصل إلى 29 في المائة.
قال كيفن دالي، مدير محفظة الديون في شركة أبردين ستاندرد إنفستمنتس: "إننا ندخل مرحلة جديدة حيث تتجنب الأسواق الناشئة المخاطر بشكل أوسع نظرا للصدمة التي أحدثتها روسيا خلال عطلة نهاية الأسبوع". أضاف: "انخفض المؤشر المجمع لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من نقطة إلى ثلاث نقاط (مئوية)"، في إشارة إلى أسعار السندات السيادية في المنطقة، التي انخفضت جراء التوجه للجودة عبر الأسواق العالمية.
يبدو أن ما تسمى بأحداث تجنب المخاطر، عندما يكبح المستثمرون التعرض للأسواق الأكثر خطورة، سيئة للأسواق الناشئة كمجموعة.
منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما اجتاحت أزمات الديون من آسيا إلى روسيا إلى أمريكا اللاتينية في موجات متتالية من العدوى، أنشأت كثير من الحكومات احتياطيات للصدمات الخارجية، مثل فوائض الميزانيات والحسابات الجارية والاحتياطيات الكبيرة من النقد الأجنبي. لكن الجائحة استنزفت تلك الموارد، ما ترك الكثير من الاقتصادات مكشوفة.
قال تيموثي آش من شركة بلو باي آسيت منجمينت إن التأثير الفوري للتدخل على الأصول الروسية الخميس الماضي كان "كارثيا". مضيفا: "أنا مذهول من أن الناس لم يعتقدوا أن (التدخل) سيحدث". انخفضت العملة والأسهم والسندات في البلاد انخفاضا حادا، ما أدى إلى انخفاض أصول الأسواق الناشئة الأخرى في الوقت نفسه تقريبا.
حققت الأسواق الروسية انتعاشا جزئيا قبل عطلة نهاية الأسبوع، لكن انهيار الروبل الإثنين جدد التوتر في الأسواق الناشئة. سيكون لتداعيات العقوبات واسعة النطاق على روسيا تأثير غير متوقع على البنوك والتدفقات المالية.
حتى قبل العقوبات، كان المستثمرون قلقين بشأن تأثير ارتفاع أسعار النفط والسلع الأخرى على التضخم والنمو. هذا يثير الكثير من المشكلات، ولا سيما في الوقت الذي يتسبب فيه نمو ناتج الأسواق الناشئة – وتقلص الفرق بين معدلات النمو في الاقتصادات الناشئة والمتقدمة – في إثارة قلق المستثمرين.
قال بهانو باوجا، كبير المحللين الاستراتيجيين في يو بي إس إنفستمنت بانك: "عليك أن تعتبر ذلك بمنزلة صدمة نفطية كلاسيكية، حيث ستعاني الأسواق الناشئة حتما".
يشير إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على وجود مستهلكين للنفط أكثر من المنتجين في مؤشر إم إس سي آي المعياري لأسهم الأسواق الناشئة. مع ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء – وكلاهما مرجح، في حال استمرار الحرب – ستكون الدول النامية هي الأكثر تضررا من التضخم، حيث يشكل الغذاء والوقود حصة أكبر من الاستهلاك الأسري مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
أظهرت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة بالفعل استعدادها لرفع أسعار الفائدة لتجنب أي تكرار للتضخم الجامح الذي عانته في الماضي، حتى لو كان هذا يعني كبحا إضافيا للنمو. ذلك من شأنه أن يزيد من خطر التضخم الركودي، مع تباطؤ النمو المصحوب بارتفاع الأسعار المدفوع بالاختناقات وضعف العملات.
قال آش إن أوكرانيا "ستلعب دورا في قصة التضخم الركودي العالمي". من جانبه، قال باوجا من "يو بي إس" إن البرازيل، حيث يقل الطلب الاستهلاكي عن التوقعات، تمثل اختبارا للأسواق الناشئة الأخرى لمعرفة ما إذا كان التضخم الركودي ستمتد جذوره أم لا.
يضاف إلى هذا المزيج عدم اليقين بشأن السياسة النقدية في الولايات المتحدة. حسبما أشار محللون في شركة بي سي أيه ريسيرتش الجمعة، فإن تشديد الظروف المالية الناجم عن الصراع قد يتسبب في إبطاء وتيرة الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة. لكنهم أضافوا أنه إذا أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى إبقاء التضخم أعلى، فقد يحدث العكس.
لهذا آثار عميقة بالنسبة لمستثمري الأسواق الناشئة. يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى امتصاص الأموال من أصول الأسواق الناشئة ويميل إلى زيادة قوة الدولار، الأمر الذي يزيد من تكاليف التمويل على الدول النامية ويضعف الاستثمار.
على المدى القصير، يرى كثير من المحللين أن تخلف أوكرانيا عن سداد ديونها السيادية أمر لا مفر منه. قال آش: "لا أعتقد أن خدمة الديون هي أولوية في خضم الحرب". الجمعة، خفضت إس آند بي للتصنيف الائتماني تصنيفها للسندات الروسية من الدرجة الاستثمارية إلى المضاربة، ودفعت أوكرانيا إلى درجة أكثر انخفاضا في منطقة المضاربة. من المرجح أن يحدث قريبا إجراء من "جيه بي مورجان" تجاه سندات أي من الدولتين في مؤشراته المعيارية، وفقا لشخص مطلع على المناقشات الداخلية.
أعلنت "إم إس سي آي"، المزودة لمؤشرات الأسهم المعيارية، عن تجميد أي تغييرات في أوزان الأسهم الروسية في مؤشراتها وقالت إنها تدرس إجراءات إضافية بما في ذلك حذف بعض الشركات. لا تزال التداعيات الأطول أجلا والأوسع نطاقا لغزو أوكرانيا، بالطبع، غير مؤكدة كما هي حال الحرب.

الأكثر قراءة