هل تصرف الحرب الحالية الاحتياطي الفيدرالي عن مسار رفع أسعار الفائدة؟
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى إيجاد حالة جديدة من عدم اليقين في الآفاق الاقتصادية، لكن من غير المرجح أن يعرقل خطط الاحتياطي الفيدرالي لبدء رفع أسعار الفائدة بدءا من آذار (مارس)، حيث يسعى إلى مكافحة أعلى معدل تضخم منذ 40 عاما.
دفعت حلقات التوتر الجيوسياسي الحاد في الماضي البنك المركزي الأمريكي إلى تأجيل اتخاذ قرارات سياسية رئيسة لتجنب إضافة مزيد من التقلب إلى الوضع المضطرب.
لكن من المرجح أن تحفز واحدة من أضيق أسواق العمل منذ عقود والمخاوف من أن يؤدي الصراع إلى تفاقم التضخم الاحتياطي الفيدرالي على المضي قدما في غضون أسبوعين تقريبا مع أول زيادة في أسعار الفائدة منذ 2018.
مع ذلك، من المتوقع أن تكون الزيادة الأولى في سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية فقط بدلا من زيادة كبيرة بمقدار نصف نقطة، كما توقع بعض، نظرا للمخاوف بشأن كيف يمكن أن يؤدي هجوم روسيا على أوكرانيا إلى تخفيف النمو الاقتصادي وإلى مقاومة مبكرة من كثير من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي.
من المرجح أن يؤدي التقلب المالي الناجم عن العقوبات الجديدة ضد البنك المركزي الروسي، التي تهدف إلى عزل موسكو عن النظام المالي العالمي وتجريدها من قدرتها على الدفاع عن عملتها، إلى إضعاف جاذبية الخطوة الجريئة.
قال ديفيد ويلكوكس، الذي كان يقود قسم الأبحاث والإحصاءات في الاحتياطي الفيدرالي: "سيؤدي ضخ مزيد من عدم اليقين في المحيط إلى تهدئة الحماس من أجل التعديل السريع، لكنه لن يمنعهم من اتخاذ الخطوات العديدة الأولى لتعديل السياسة في المستقبل".
لكنه أضاف أن عدم القدرة على التنبؤ بالتوترات الجيوسياسية إلى جانب بيانات التوظيف الأمريكية وأسعار المستهلك المحدثة قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في آذار (مارس) ستمنح المسؤولين كثيرا من المعلومات الجديدة لتحليلها.
سيكون التشديد المتوقع لآذار (مارس) بداية لسلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة بهدف كبح الطلب القوي الذي أسهم في الضغوط التضخمية.
عادة ما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في فترات ربع نقطة، ولم يقدم تعديلا بمقدار نصف نقطة منذ أيار (مايو) 2000.
"لا يبدو الوضع في أوكرانيا، بقدر ما هو مروع، لأنه يغير الحقيقة الأساسية التي يواجهها الاحتياطي الفيدرالي، وهي أن السياسة النقدية بعيدة كل البعد عن الحيادية"، كما قال أندرو ليفين، الذي عمل في مجلس إدارة البنك المركزي لمدة عقدين، ويدرس الآن في كلية دارتموث، مشيرا إلى مستوى أسعار الفائدة غير التيسيرية أو التقييدية.
أيضا قال ليفين، الذي يدعم اختيار البنك المركزي لزيادة ضخمة في سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة في آذار (مارس): "يحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى خطة واضحة ويحتاج إلى شرح تلك الخطة للكونجرس وللأسواق وللعامة كيف سيتأكد من تنفيذ التزامه باستقرار الأسعار. باستثناء بعض الأحداث الجيوسياسية التي لا يمكن تصورها".
سيحصل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول على هذه الفرصة هذا الأسبوع، بينما يتوجه إلى الكابيتول هيل للإدلاء بشهادته أمام مجلس النواب الأربعاء ومجلس الشيوخ الخميس.
من المرجح أن يتم استجواب باول بشأن التداعيات الاقتصادية للغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع خام برنت متجاوزا 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. كما سيواجه أسئلة حول مدى قوة تشديد السياسية النقدية، التي سيحتاج إليها البنك المركزي استجابة لذلك، وكيف سيأخذ في الحسبان أي اضطراب ذي صلة في السوق.
أحد المخاوف هو أن البدء بزيادة بمقدار نصف نقطة يمكن أن يربك رسائل الاحتياطي الفيدرالي ويقلب توقعات السوق حول مسار أسعار الفائدة – التي اعترف لايل برينارد، المحافظ الذي عينه جو بايدن، ليكون نائب رئيس البنك المركزي، أخيرا بأنها "تتماشى بوضوح" مع توقعات "سلسلة" من الزيادات في سعر الفائدة بدءا من آذار (مارس).
حذرت بريا ميسرا، رئيسة استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في "تي دي سيكوريتي": "التحول السريع في السياسة النقدية يحدث عندما تأتي الأخطاء".
في الإثنين، أشارت الأسواق إلى خمس زيادات في سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة على الأقل في 2022، انخفاضا من ست نقاط الجمعة، حيث استوعب التجار التكاليف الاقتصادية والمالية المحتملة الناجمة عن العقوبات الجديدة ضد روسيا.
في الأسابيع السابقة، ارتفعت التوقعات بشأن أسعار الفائدة بعد أن رفض باول الشهر الماضي إما استبعاد زيادة سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة هذا العام وإما زيادة أسعار الفائدة في كل اجتماع من اجتماعات السياسة السبعة المتبقية.
أضاف ويلكوكس، المنتسب الآن إلى معهد بيترسون للاقتصاد الدولي و"بلومبيرج إيكونوميكس"، أنه من خلال البدء بوتيرة أكثر تدريجيا في آذار (مارس)، يمنح الاحتياطي الفيدرالي نفسه المرونة.
قال: "سيكسبون بعض الوقت خلال الفترة التي يمكنهم فيها جمع أدلة إضافية حول مدى استمرار صدمة التضخم الإضافية، إذا كان هناك دافع آخر للتضخم ناتج عن الارتفاع الكبير في أسعار النفط أو الجوانب الأخرى غير المتوقعة للوضع في أوكرانيا ومدى سرعة تصحيح سلاسل التوريد لولا ذلك".
مضيفا: "كل ذلك سيوجه قرارهم في المستقبل حول المدى والسرعة، التي يحتاجون إليها لرفع معدل الأموال".
سيكتسب المستثمرون مزيدا من الوضوح حول المسار المحتمل للمضي قدما في الشهر المقبل عندما يصدر الاحتياطي الفيدرالي مخططا نقطيا محدثا لتوقعات أسعار الفائدة للمسؤولين الفرديين. في كانون الأول (ديسمبر)، آخر مرة نشر فيها، توقع أغلبية صانعي السياسة أن يقدموا ثلاث زيادات في سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة فقط هذا العام. قبل ثلاثة أشهر من ذلك، تم تقسيمها حتى على زيادة واحدة في 2022.
سيتم تعديل نسخة آذار (مارس) مرة أخرى، مع إظهار أربع زيادات في سعر الفائدة على الأقل هذا العام وربما الحاجة إلى اتخاذ إجراء في كل اجتماع منذ ذلك الحين.
مع ذلك، هناك مخاوف بشأن تحرك الاحتياطي الفيدرالي بشكل تدريجي للغاية.
في استطلاع حديث أجرته "فاينانشيال تايمز" ومبادرة الأسواق العالمية في كلية بوث للأعمال في جامعة شيكاغو، أظهر أن ما يقارب من نصف الاقتصاديين، الذين شملهم الاستطلاع قالوا إن الاحتياطي الفيدرالي سيفشل في السيطرة على التضخم إذا قدم ست زيادات بمقدار ربع نقطة مئوية هذا العام، ما سيرفع معدل الأموال الفيدرالية إلى 1.5 في المائة.
من بين الـ 45 مشاركا في الاستطلاع، يعتقد 40 في المائة أن معدل الأموال الفيدرالية يجب أن يكون عند 2 في المائة أو أعلى هذا العام حتى يتمكن البنك المركزي من تحقيق أسعار مستقرة والحد الأقصى من فرص العمل، قال نصف هذه الفئة إنه يجب أن يتجاوز 2.5 في المائة.