رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


كيف تحافظ المنظمة على سمعتها في العالم الرقمي؟

تمثل سمعة المنظمة أحد الضوابط الحديثة في القرن الحالي، ولقد أصبحت المنظمات أكثر وعيا إلى ضرورة السمعة الإيجابية وماذا تعني لها، حيث وضعت قيمة المنظمة في المقدمة، خاصة في المجتمع الرقمي حيث القدرة على تقديم نظرة إيجابية أو سلبية على بعد نقرة واحدة فقط. وتعمل الشركات الآن في منطقة مليئة بالتهديدات الجديدة لسمعتها لوجود المنافسين الآخرين لها، فقد يفاجأون من قبل آخرين غير متوقعين في قيادة ترسانة وسائل الإعلام الرقمي الجديد والشبكات الاجتماعية، مثل المدونات والتغريدات والرسائل النصية والعرائض عبر الإنترنت ومواقع الاحتجاج على الفيسبوك ومقاطع الفيديو في اليوتيوب. ولذلك نرى جانب الوعي الإعلامي، بما في ذلك مراقبة الجودة وقياس الثقة مع العملاء، قد زاد الاهتمام بها بشكل كبير داخل القطاعين العام والخاص.
وعادة ما تعتمد المنظمات العامة على الثقة التأسيسية لصقل سمعتها من خلال صيغة التشريع وثقة المواطن ذاته. ولقد عانت بعض الشركات الضرر الذي يمكن أن يحدث لها من قبل ناقد واحد متحمس، تسير قصته في هدم نجاح المنظمة أو الشركة. في 2010، انفجرت منصة الحفر Deepwater Horizon التابعة لشركة BP وأسفر الانفجار عن مقتل 11 من أفراد الطاقم نجم عنه تسرب نفطي بحري في الولايات المتحدة. بدأ حساب مستعار في تويتر يدعى ليورى ستيك Leroy Stick في نشر تغريدات لممثل مختلق لقسم العلاقات العامة في الشركة. لقد كان تسرب النفط الخام إلى خليج المكسيك مدمرا إلى البيئة والاقتصاد المحلي، ولكن غرد حساب ساخر في تويتر يدعى BPGlobalPR حول قائمة غداء أحد أقسام الشركة، وغير ذلك من الأمور التافهة، وتابع تغريداته وتحديثات الموقف عشرات الآلاف من المرات وهو أكبر بكثير من الرقم الذي يتابع حساب الشركة الحقيقي على تويتر. ومن الملاحظ أن تغريدات ليوري ستيك ساعدت على تنمية غضب الأمريكيين من خلال هذا الجهد منخفض التكلفة ضد سمعة الشركة، لكن الشركة سارعت إلى إنقاذ الوضع الإعلامي واستعادة الثقة بعلامتها التجارية، والرد بكل قوة في حسابها "تويتر" على الموقف العصيب الذي جابهته وكيفية علاج الانفجار.
إن عنصر السمعة مهم لنجاح المنظمة لأنه ينم على التقييم العام من قبل أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين بناء على إجراءات المنظمة السابقة واحتمال سلوكها المستقبلي. وتتمحور سمعة المنظمة على القدرة في إلمام الآخرين بنظم المنظمة وإدارتها وأهدافها المتوقعة في المستقبل وتتأثر سمعة المنظمات، ليس فقط بنوع الخدمة، لكن أيضا بسمعة القطاع. تقول الدكتورة ليزلي جينز روس، وهي مستشارة وخبيرة في سمعة المنظمات، "لا يعني أن الطرق المعمول بها لحماية سمعة شركتك ليست ذات صلة، وسيظل الناس متأثرين بوسائل الإعلام التقليدية وسيظلون يقرؤون ويستمعون إلى الأخبار. والأهم من ذلك، أنهم سيستمرون في التحدث مع الآخرين حول المنتجات التي ابتاعوها. لكن الطرق المعمول بها ليست كافية لحماية شركتك من قناصي السمعة الجدد، وستحتاج إلى إتقان وتفعيل استراتيجيات أيضا". وذكرت الدكتورة روس، الاستراتيجات الضرورية لحماية سمعة المنظمة في مقالة نشرتها "هارفارد بزنس ريفيو"، مثل تجنب استعراض قوة الشركة بإفراط بحيث يمكن أن ينظر إليها على أنه غير متناسق مع الحدث، ويجب الرد بسرعة عالية ولا تدع البيروقراطية تلعب دورا في عدم الرد السريع. ولعلنا نضيف هنا أن الرد يجب أن يكون في القناة الإعلامية نفسها، فإن كانت الشائعة أو تشويه السمعة في تويتر، فيجب الرد في تويتر وليس عبر بيان صحافي. ثم تكمل الدكتورة روس، بضرورة تمكين الفريق العامل مع القيادة في إطلاع المنظمة جانبا من القصة، ويجب أن تكون قيادة المنظمة ذكية "وربما شريرة" في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وفي الأغلب ما يتم التعامل معها على أنها تهديد وليست مادة عرض. في 2009، قام موظف في أحد مطاعم دومينوز بيتزا يدعى كريستي، بعمل بعض المقاطع القصيرة لزميل له يقوم بأفعال غير سوية للطعام الذي كان يعده للتسليم إلى العملاء، ونشرت المقاطع على منصة اليوتيوب وانتشرت كالنار في الهشيم، وكانت لذلك عواقب وخيمة بكل ما تعنيه الكلمة. وقالت "دومينوز" لاحقا، إن الحادث اقتطع من أرباحها على الصعيد الوطني وأغلقت متجر ولاية نورث كارولينا الذي وقعت فيه ذلك الحدث. لكن الأمور كان يمكن أن تكون أكثر سوءا لو لم تكن "دومينوز" سريعة في الرد، إذ بمجرد أن علمت الشركة بمقاطع الفيديو، استجابت بالتكتيك نفسه الذي استخدمه ذلك الموظف. واختار رئيسها التنفيذي آنذاك، باتريك دويل، منصة اليوتيوب بدلا من بيان صحافي رسمي لتوضيح اعتذاره عن ذلك السلوك الشائن، ونشر مقطع الفيديو الخاص به في غضون يومين من عرض كريستي فقط. ثم تضيف الدكتورة روس إحدى طرق التعامل للحفاظ على سمعة المنظمة من خلال البحث عن أطراف ثالثة متعاطفة مع المنظمة لتكون بمنزلة قوة مساندة في الحفاظ على السمعة، ولذلك من الضرورة حفظ أوراق وقصص النجاح لكي تستخدم في المعارك الإعلامية المقبلة بحيث تتحدث بالنيابة عن المنظمة وتحافظ على سمعتها.
إن الرغبة في حماية صورة المنظمة لتكون ناصعة تتطلب إعادة التفكير في إدارة السمعة والاعتراف أحيانا بأنه يوجد تحكم أقل بكثير في رسائل المنظمة أو الشركة مما كانت عليه قبل بضعة أعوام فقط. وقد تضطر إلى التعامل مع المتغيرات التي يمكن أن تلطخ اسم المنظمة أو الشركة بالوحل بين عشية وضحاها، والمشاهد أن المنظمات والشركات لا تربح بشكل حاسم في حروب السمعة لأنها مستمرة ودائمة. وهذا ما ألمحت إليه دراسات الحفاظ على السمعة حول ضرورة تغيير طريقة التفكير، واعتماد أدوات واستراتيجيات معارك جديدة للحفاظ على السمعة بعين الاعتبار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي