رأسمالية أصحاب المصالح تعتمد على الإفصاح الكامل من الشركات الأمريكية

رأسمالية أصحاب المصالح تعتمد على الإفصاح الكامل من الشركات الأمريكية

دائما ما يمعن النظر في الرسالة السنوية التي يكتبها لاري فينك، الرئيس التنفيذي لـ"بلاك روك"، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، إلى الرؤساء التنفيذيين في كبرى الشركات الأمريكية. لم تكن الرسالة التي كتبها هذا العام، التي نشرت في كانون الثاني (يناير)، استثناء.
واصل فينك الحديث عن موضوع كان قد طرحه من قبل، مؤيدا ما يسميه "رأسمالية أصحاب المصالح" باعتبارها أفضل طريقة لمعالجة التحديات المجتمعية الملحة، ومنها التغير المناخي. في هذا رفض لحجة ميلتون فريدمان القائلة بأن الشركات يجب أن تعطي الأولوية في الأرباح للمساهمين قبل كل شيء.
أخبر فينك التنفيذيين الذين تلقوا رسالته أنه ليس من "الصحوة" أن تركز الشركة على جميع أصحاب المصالح بدلا من المساهمين وحدهم. لأنه في الواقع، من المؤكد أنه من المفيد للرأسمالية أن تخدم المصلحة العامة بشكل أفضل - خاصة بالنسبة إلى المجتمعات الأصغر والأكثر فقرا وتنوعا في العالم، الذين هم أيضا الأكثر تعرضا لمخاطر التقاعس بشأن أزمة المناخ.
منذ أن طلب فينك من الرؤساء التنفيذيين لأول مرة تبني "الغرض الاجتماعي" في رسالته في 2018، ارتفعت العلاقات العامة، والتسويق، والإيرادات والأرباح من منتجات المعايير البيئية، والاجتماعية والحوكمة - وارتفعت معها كذلك انبعاثات الكربون وعدم المساواة ومجموعة من العلل الاجتماعية الأخرى التي تهدف هذه المنتجات أن تعالجها.
في كثير من الأحيان في حياة الشركات، لا يتداخل "الغرض" والربح بشكل كاف لإحداث أي تغيير ذي مغزى في الجداول الزمنية المطلوبة.
العمل اليوم يشبه الرياضة التنافسية حيث يمكن للاعبين تسجيل النقاط والفوز من خلال اللعب القذر. الشركات بدورها تلعب بطرق تضر بالمصلحة العامة، مدفوعة بشبكة معقدة من الالتزامات القانونية والحوافز المالية المصممة لجني الأرباح بدلا من تحقيق الهدف عند كل منعطف.
تتطلب النماذج الحالية لرأسمالية أصحاب المصالح من الأشخاص الذين قاموا بأعمال تجارية بطرق معينة أن تتبنى حياتهم المهنية بأكملها "الغرض الاجتماعي"، على الرغم من تحفيزهم المستمر لفعل العكس. إذن إليكم هذه الفكرة، لماذا لا ننتقل إلى نموذج قائم على الامتثال الإلزامي؟
في الرياضات التنافسية، عندما تصبح اللعبة قذرة، نطلب حينها من الحكام الخبراء تطبيق القواعد. من خلال التحول إلى نموذج رأسمالية أصحاب المصالح الذي يقوم على الامتثال الإلزامي ويفرضه حكام محايدون، فإننا نزيد من فرص نجاح هذا النموذج من خلال تطبيق قول مأثور بسيط، ضع ثقتك، ولكن تأكد.
هذا يتطلب من الحكومات التدخل والتأكد من أن اللعبة تلعب بشكل عادل. لكن لسوء الحظ، هناك عائق كبير. يمكن للاعبين القذرين دفع المال للحكام، ما يقوض حيادهم ويحمي الثغرات التي تعزز الأرباح قصيرة الأجل ولكنها تضر بالمصلحة العامة طويلة الأجل.
في أعقاب القرار الصادر عن المحكمة العليا الأمريكية في 2010 لمصلحة منظمة سيتيزينز يونايتيد، تدفقت مبالغ غير معروفة المصدر من إنفاق الشركات التي لا يمكن تعقبها بهدف التأثير في الانتخابات والتشريعات في النظام. لا عجب أن يشعر أغلبية الأمريكيين أن الاقتصاد معد لمصلحة الأغنياء وذوي السلطة.
تؤيد أغلبية الديمقراطيين والجمهوريين تعديلا دستوريا من شأنه في الواقع إلغاء قرار "سيتيزينز يونايتيد -" وهي قضية نادرة يتفق عليها الحزبان في أوساط الأمريكيين. لكن حتى مع إعداد أكبر الشركات الأمريكية لتقارير لامعة حول مسؤوليتها الاجتماعية والقيام بحملات تسويقية تروج للأغراض الاجتماعية، فإنها في الوقت نفسه تقاوم قرارات المساهمين التي تطالب بالكشف بشكل أكبر عن إنفاقها السياسي وأنشطة الضغط التي تمارسها.
هذا التناقض غريب. إذا كنت مهتما بأن يكون لعب مباراة لكرة السلة نظيفا، فهل تهتم أكثر بالنقاط التي يتحدث بها اللاعبون عن أهمية الروح الرياضية الجيدة في المقابلات أم إذا كانوا يدفعون للحكام سرا وراء الكواليس؟
لكي نكون واضحين هنا، لا يتوجب على الحكومة في الواقع بناء الحلول التي نحتاج إليها. هناك فرق بين أن تكون الحكومة مزودة وأن تكون منظمة للتشريع. لا يجب على الحكومة أن تصنع سيارات كهربائية مثلما ينبغي للحكام ألا يمنحوا رميات حرة. لكن إذا لم يحتسب الحكام الأخطاء في اللعبة ويفرضوا الحدود، فمن سيفعل ذلك؟
نحن الآن عند مفترق طرق مهم. إذا فشلت رأسمالية أصحاب المصالح، فإن الأسس السياسية للنظام نفسه ستكون في خطر. أنا أؤمن بقوة الرأسمالية، لكن يجب أن تخدم بشكل أفضل مصالح جميع أصحاب المصالح. من أجل تحقيق هذا الهدف، ينبغي لمن لديهم صوت ومنصة أن يطلبوا من الشركات الأمريكية المساعدة على ضمان نجاح رأسمالية أصحاب المصالح من خلال الكشف بوضوح عن المبلغ الذي تدفعه للحكام. بل الأفضل من ذلك، أن يبدؤوا حملة لإيقاف هذه المدفوعات بشكل نهائي.

*مؤسس مبادرة رومي التعليمية غير الربحية كبير مسؤولي الاستثمار المستدام سابقا في شركة بلاك روك.

الأكثر قراءة