العمل الهجين يرسم بعدا ثالثا
بعد عامين من العمل في غرفة نومي الإضافية، قررت أن أغير وذهبت إلى العمل في مقهى في حي شرق لندن الذي أسكن فيه. عندما جلست، أدركت أن شبكة الواي فاي كانت بطيئة جدا لدرجة أنني لم أستطع حتى إرسال رسائل البريد إلكتروني. بالكاد أنهيت القهوة السوداء التي طلبتها في كوب طويل، وأجبرت على العودة إلى المنزل.
أحب شقتي، لكن في هذا العالم الهجين، الأيام التي أعمل فيها من المنزل لا تتوافق مع زوجي، والهدوء لا يناسبني "بصراحة، أكره ذلك".
يجد كثيرون أنفسهم أيضا في موقف يكون فيه العمل من المنزل مملا، أو غير منتج، أو ببساطة مستحيلا. لكن هناك حل. "المساحة الثالثة" ليست المكتب ولا المنزل، بل مكان ما بينهما، مساحة احترافية مرنة وبأسعار معقولة على عتبة بابكم.
يعلم الجميع القصة التحذيرية لـ"وي ورك" وتوسعها السريع المفرط إلى مساحات عمل مشتركة التي يبدو أنها تعد أيضا بنمط حياة رائع. لكن بعد تفشي الجائحة، تقدم الشركة الآن خدمة "حسب الطلب" الأكثر مرونة في أكثر من 250 موقعا، التي توفر للعمال الأفراد فرصة استخدام مكاتبها دون التزام شهري. أيضا الزيادة في الاشتراكات في عضويتها "الكاملة"، التي تتيح الدخول إلى أكثر من 700 مكتب، يقودها الأفراد والشركات التي ترغب في منح موظفيها مزيدا من المرونة.
يرى دان كيبل، أستاذ السلوك التنظيمي في كلية لندن للأعمال، كيف أن مفهوم المساحة الثالثة "يحل مجموعة من المشكلات".
في سياق ما يسميه "توقعات الموظفين الجدد" - حيث يريد الناس مزيدا من المرونة ليس فقط حول كيفية عملهم، بل مكان عملهم - فإن حقيقة أن المساحات الثالثة قريبة من منازلنا أمر أساس. "عشر دقائق من منزلك، هذا مهم حقا. نحن نتخلص من ساعة "تنقل" في كل الاتجاهين كل يوم، وعشر ساعات من الوقت الضائع".
يضيف أن المساحات الثالثة يمكن أن تكون جزءا من ثورة طويلة المدى في أساليب عملنا. "إنها حل محدد وعملي وبأسعار معقولة".
"أرك كلوب" هي واحدة من عدد من الشركات الناشئة التي تقدم مساحات عمل مشتركة بالقرب من مكان سكن العاملين في المكاتب. افتتحت هانا فيلب وكارو لوندين الموقع الأول في هومرتون، شمال شرق لندن، في 2020 وافتتحا للتو موقعا ثانيا في الجنوب قريبا من حديقة كامبرويل جرين، مع وجود عشرة مواقع أخرى طور التنفيذ.
تشمل المرافق مكاتب فردية وغرف مكالمات خاصة وغرف اجتماعات - تتوافر القهوة ويكون هناك تواصل مع المهنيين المحليين وخدمة شبكة واي فاي تعمل. تكلف 25 جنيها استرلينيا في اليوم أو 150 جنيها استرلينيا في الشهر.
من يستخدم هذه المساحات؟ بخلاف المرشحين الواضحين مثل الموظفين المستقلين ومؤسسي الأعمال الفرديين، يرغب بعض الأشخاص في الحصول على إجازة لبضعة أيام من تنقلهم لمكان العمل أو قد يرغبون في الوصول إلى مساحة مهنية للهروب من أطفالهم أو من يسكنون معهم.
يبدو أن المساحات الثالثة تتلاءم بدقة مع كيفية تطور العمل الهجين وتشكيل المشهد المكتبي الجديد في المدن الكبرى. عندما أتحدث مع العاملين في قطاع العقارات التجارية، يبدو أن المركزية هي هدفهم الرئيس. لجذب العمال مرة أخرى، تختار الشركات المساحات المكتبية الراقية ذات الموقع المركزي مع أو بالقرب من النوادي الرياضية والمقاهي والمطاعم. لكن مع ازدياد وتيرة العودة إلى المكتب، يبدو أن كثيرا من الموظفين سيوجدون هناك فقط لجزء من أسبوع العمل.
يدفع كثير من الموظفين حاليا مقابل زياراتهم للمساحات الثالثة، لكن هذه تكلفة يمكن أن تصبح جزءا من حزم مزايا الموظفين في الوقت الذي تركز فيه المؤسسات على الاحتفاظ بالموظفين في 2022 وما بعده.
مثل هذه الخدمة يمكن أن تقدم كميزة، "التي يتردد صداها بالنسبة لي"، حسبما يضيف كيبل. "يبدو لي الأمر كأنه قيمة مضافة، مثل فائدة، وكأنه يثق بي ويحررني لأبذل ما بوسعي".
يعتقد فيليب أن تقديم مساحة عمل مرنة كميزة "هو استثمار منخفض جدا لأصحاب العمل من حيث ما تحصل عليه".
العمل في مكان جديد يمكن أن يعزز الحافز والإنتاجية لأنه يكسر الروتين. تشير الأبحاث إلى أن الجزء الذي ينظم التحفيز في أدمغتنا يستجيب للحداثة بشكل أفضل من استجابته لما هو مألوف، لذلك حتى المكتب الرئيس الجذاب يمكن أن يستنزف الإنتاجية إذا قضيت وقتا طويلا فيه "فضلا عن التنقل".
توفر المساحة الثالثة وجهات نظر جديدة، وإذا كانت تخدم العاملين على وجه التحديد، فستتمكن من التركيز في منطقة هادئة أو التحدث إلى الأشخاص الذين تقابلهم هناك - وفي النهاية قد يكون بينكم تعاون.
أمضيت 30 دقيقة فقط سيرا على الأقدام إلى المكتب، لكن إذا كانت هناك مساحة عمل مرنة ورائعة أمام منزلي، فسيغريني ذلك - خاصة إذا كانت القهوة جيدة وكان صاحب العمل يدفع لذلك.