بالأرقام .. رؤية غير نفطية

نجحت الصادرات غير النفطية في أن تحتل لها ركنا مميزا في مؤشرات نمو الاقتصاد السعودي، وذلك بتحقيق المستهدفات المطلوبة منها وفق خطة برامج رؤية المملكة العربية السعودية 2030. ومن هذا المنطلق، سجلت السعودية رقما قياسيا جديدا في صادراتها غير النفطية خلال العام الماضي 2021، وذلك بعدما بلغت 274.9 مليار ريال "73.3 مليار دولار". وتأتي هذه النتائج المتميزة على طريق رؤية المملكة 2030، التي اهتمت بشكل واسع بالملفات الاقتصادية، وكان هدف تنويع الاقتصاد السعودي أحد أهم المحاور لبناء نموذج لا يعتمد على النفط كمورد وحيد، بل اقتصاد متعدد الموارد. لذلك تم تطوير قدرات المالية العامة لتحقيق تنويع في الإيرادات غير النفطية.
كما تم تحفيز الصناعة السعودية من خلال برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية لتحقيق نمو متزامن مع الصادرات غير النفطية من خلال إنشاء هيئة تنمية الصادرات التي عملت على إنشاء بنك التصدير والاستيراد، لتوفير خدمات تمويل الصادرات، والضمانات، لتعزيز الثقة بالصادرات السعودية، ودخول أسواق جديدة، والحد من مخاطر عدم السداد، وتقديم تسهيلات ائتمانية للاستيراد.
فوصول المملكة إلى هذا الرقم القياسي يأتي من تضافر كل هذه الجهود والبرامج، فبعد أن كانت الصادرات السعودية لا تتجاوز 134.6 مليار ريال عام 2010 قفزت اليوم لتتجاوز 274 مليار ريال، بزيادة تجاوزت 100 في المائة.
فالصادرات من الصناعـات التحويليـة هـي الأكثر تأثـرا بأسعار النفـط، بينما الصـادرات الأخرى الزراعيـة، والمنتجـات عاليـة التقنيـة، لا تتأثر بالتقلـبات فـي أسعار النفـط. وهـذه نتيجـة فـي غايـة الأهمية لفهم الاستدامة في نمو الصادرات غير النفطية، فعلى الرغم من تراجع الصادرات غير النفطية بين 2014 و2016، أي قبل انطلاقة الرؤية، نجد أن متوسط الصادرات غير النفطية الشهرية خلال الفترة من 2016 حتى 2021 نما بمعدل 18 في المائة، وذلك وفقا لتحليل وحدة تقارير "الاقتصادية"، ولتصل إلى 18.26 مليار ريال شهريا، مقارنة بمتوسط الصادرات للفترة من 2010 إلى 2015 البالغ حينها 15.4 مليار ريال، كما نجد أن الصادرات السعودية غير النفطية مقسمة إلى 21 مصدرا رئيسا، أبرزها "المنتجات الكيماوية، ومصنوعات اللدائن والمطاط، ومصنوعات المعادن، ومعدات النقل، والآلات والمعدات الكهربائية، والمنتجات الحيوانية، والمواد الغذائية والمشروبات"، فالمملكة تسعى من خلال رؤية السعودية 2030 إلى رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 إلى 50 في المائة من إجمالي قيمة الناتج المحلي.
ومثلت الصادرات غير النفطية خلال العام الماضي 47 في المائة من الواردات، بينما كانت تشكل نحو 39.5 في المائة خلال 2020، وهو مؤشر إيجابي لسعي المملكة نحو تأمين وارداتها بعيدا عن أموال صادرات النفط.
وحري بالاهتمام أن نعيد ذكر محورية برنامج "صنع في السعودية" المنبثق من برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، أحد أكبر برامج رؤية المملكة 2030، الذي يهدف إلى زيادة الاستهلاك المحلي وحصة السوق للسلع والخدمات المحلية، وزيادة الصادرات السعودية غير النفطية في أسواق التصدير ذات الأولوية.
وبينما بلغت قيمة الصادرات السعودية 1.3 تريليون ريال، منها 235.46 مليار ريال صادرات غير نفطية في 2018، وهي أعلى صادرات سنوية، تم تجاوز هذا المستوى خلال العام الماضي 2021 بعدما وصلت إلى 274.9 مليار ريال، وتحققت اليوم عدة أهداف بشكل متوازن، أولها تسجيل قفزة تاريخية في قيمة الصادرات غير النفطية بنمو قارب 40 في المائة خلال 2020 و2021، وهذا النمو يأتي بعد تأثر حركة التجارة العالمية بالجائحة وقدرة السعودية على امتصاص الأزمة من خلال دعم القطاع الخاص بكل الأدوات المتاحة، لتحقيق استدامة في نمو الصادرات غير النفطية وتسجيل مزيد من الأرقام القياسية في ظل البرامج التحفيزية لإيجاد مزيد من المنتجات الصناعية بأيد سعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي