كيف أعادت شركة جيمباس اختراع نفسها عندما ضرب كوفيد؟
يتذكر سيزار كارفالو بوضوح اللحظة التي بدا له فيها أن مشروع المليار دولار الذي بناه من لا شيء قد كان على وشك مواجهة تهديد وجودي محتمل.
في إحدى أيام الأحد في شباط (فبراير) 2020، تلقى الرئيس التنفيذي لشركة جيمباس البرازيلية الناشئة مكالمة هاتفية من المؤسس المشارك، خواو باربوسا، الذي كان يعيش في إيطاليا. كان باربوسا يهرع لحزم أمتعته والفرار من البلاد قبل فرض إغلاق وشيك يهدف لاحتواء انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي كان حتى تلك اللحظة يبدو بعيدا عن كارفالو، المقيم في الولايات المتحدة. يتذكر كارفالو أنه شعر حينها "بالصدمة". يقول الشاب البالغ من العمر 38 عاما في مقابلة بالفيديو من منزله في نيويورك، "لقد علمنا أنه في غضون 30 يوما من تلك المكالمة، سيتم إغلاق جميع النوادي الرياضية والاستوديوهات في جميع الأسواق التي نعمل فيها".
لكن جيمباس، وهي "منصة للصحة البدنية الموجهة للشركات" كما تصف نفسها، لا تملك مرافق لممارسة التمارين الرياضية، ولكن من خلال تقديم عضوية واحدة في التطبيق الخاص بها، تقوم بتوفير إمكانية الوصول إلى آلاف الصالات الرياضية ومراكز اللياقة البدنية في عشر دول.
وتتوافر هذه الخدمة كميزة في مكان العمل من خلال أصحاب العمل المسجلين لدى جيمباس، مثل الشركات الكبرى كشركة يونيليفر، وكيه بي إم جي ومكدونالدز. ومع بدء فرض القيود في بداية جائحة كوفيد -19، بدا أن هناك فائدة لا تذكر من وجود وسيط في خدمة لا يمكن لأي شخص استخدامها.
ويضيف كارفالو، "لقد أمضينا ثمانية أعوام في بناء الشركة، وكانت أكبر مخاوفنا أن يتلاشى كل ما سعينا لتحقيقه في غضون أشهر".
لكن ما حدث كان العكس تماما. فمن خلال الانتقال لتقديم دروس التمارين الرياضية عبر الإنترنت، وإضافة تطبيقات تابعة لجهات خارجية في مجالات مثل التأمل، والتغذية والعلاج إلى نظامها الأساس، لم تنج جيمباس من الأزمة الصحية العالمية فحسب، بل خرجت منها بشكل أقوى.
لقد امتنعت المجموعة المملوكة للقطاع الخاص عن تقديم تفاصيل عن أدائها المالي. ومع ذلك، تقول إن "تسجيلات وصول" المستخدمين - سواء كانت شخصية أو افتراضية - قد زادت 80 في المائة عن مستوياتها قبل الجائحة، بينما تضاعفت الإيرادات خلال الـ12 شهرا الماضية.
وفي تصويت على الثقة، قام المستثمرون ومن ضمنهم مجموعة التكنولوجيا اليابانية سوفت بانك بضخ مبلغ 220 مليون دولار إضافي في حزيران (يونيو) الماضي للمساعدة على تعزيز نمو جيمباس في الولايات المتحدة والتوسع بشكل أكبر في مجالات جديدة. وقد ضاعفت جولة التمويل هذه تقييم الشركة التي يبلغ عمرها الآن عشرة أعوام إلى 2.2 مليار دولار.
وكمثال نادر على تحقيق النجاح خارج المنطقة لأي شركة ناشئة في أمريكا اللاتينية، تحركت جيمباس سريعا للتكيف مع الجائحة.
وفي اليوم الذي تلا محادثته الهاتفية مع المؤسس المشارك، انضم كارفالو إلى مكالمة مع مديريه في أوروبا لمعرفة مزيد عن الوضع المتعلق بكوفيد- 19. وبعد تجاهل جميع الموضوعات الأخرى وجه كارفالو لهم السؤال التالي، "إذا كان ما يحدث في إيطاليا سيحدث في أي مكان آخر، فما هي الإجراءات التي كنا سنتمنى لو فعلناها على الفور؟".
لمواجهة حالة الطوارئ هذه، قسمت الشركة نفسها إلى قسمين. حيث تم تكليف فريق يطلق عليه اسم "الدفاع" بمهمة خفض التكاليف وإدارة العقود. وتم اتخاذ تدابير صارمة. وسيتم تسريح نحو 15 في المائة من القوة العاملة في ذلك الوقت، والبالغ عددها 1200، وانسحبت العلامة التجارية من بعض الأسواق الصغيرة.
وبالتوازي مع ذلك، ركزت لجنة "الهجوم" على تطوير وإطلاق ميزات جديدة. كارفالو هو الشخص الوحيد الذي شارك في كلا الفريقين، قائلا، "هذا التقسيم مهم لشحذ العقول".
واستطرد، "إذا كنت ستقوم بالهجوم حقا، فلا يمكنك النظر في الطريقة التي ستدافع بها أو كيف ستخفض النفقات، لأنك بحاجة إلى التركيز على كيفية الابتكار وتقديم الخدمات لمختلف المستخدمين".
وقبل الجائحة، كانت 99 في المائة من جميع التمارين البدنية التي تتم من خلال جيمباس عبارة عن زيارات شخصية، وفقا لمؤسسها. سواء أكان ذلك بعيد النظر أم أمرا عرضيا، فقد كانت تسجيلات العضوية التجريبية قد بدأت بالفعل لجلسات اللياقة الرقمية، والتغذية والتأمل.
لكن التحدي حينها كان حول طرح هذا البرنامج التجريبي في عشر دول في غضون أربعة أسابيع. ويقول كارفالو، "لقد قمنا بإعادة اختراع الشركة بالكامل".
وقد سمحت الإجراءات التي قامت بها الشركة بالاستفادة من الأشخاص الذين يمارسون الرياضة في المنزل والاهتمام الأكبر من أقسام الموارد البشرية برفاهية الموظفين. وعلى الرغم من بعض الإلغاءات للعضوية، إلا أن جيمباس قد سجلت لديها الآن نحو خمسة آلاف شركة - وهو أكثر من ضعف العدد في بداية 2021.
ومع ذلك، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يضطر فيها كارفالو ورفاقه المؤسسون إلى إعادة التفكير بشكل جذري.
وبصفته مستشارا شابا في شركة ماكينزي حيث كان يسافر كثيرا بين مدن مختلفة، وجد البرازيلي صعوبة في الالتزام بروتين التمارين الرياضية. وقد أسفر عن هذا الإحباط ضرورة تأسيس جيمباس، التي جعلت كارفالو يتخلى عن دراسة الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة هارفارد ليؤسس الشركة في 2012.
ويستذكر كارفالو قائلا، "لقد فكرت في هذا المفتاح أو البطاقة التي بإمكانها أن تفتح أبواب كل صالات واستوديوهات الألعاب الرياضية على هذا الكوكب". حيث كانت الفكرة تعتمد على أن تكون مرنة، وبأسعار معقولة ومتنوعة.
وفي الأصل كانت تدور الفكرة حول بيع بطاقات دخول للنوادي الرياضية اليومية مباشرة إلى المستهلكين، لكنها لم تفلح. ثم اقترح أحد العملاء، وهو متخصص في الموارد البشرية، الذي أراد تقديم المنتج لموظفيه، أن يتم عرضها على أصحاب العمل كنموذج مبني على العضوية. ثم بعد أقل من عام على وجودها، تمت إعادة صياغة شركة جيمباس لتصبح مؤسسة تجارية تتعامل مع الشركات مباشرة.
حيث تدفع الشركات العميلة رسوما شهرية، ويختار الموظفون من بين خطط الاشتراك بأسعار مختلفة، ويكسب بذلك النادي الرياضي، أو الاستوديو أو المدرب الشخصي عمولة من كل جلسة.
لقد أدى طلب أحد العملاء إلى أول توسع دولي إلى المكسيك، قبل أن تنقل الشركة مقرها الرئيس إلى نيويورك في 2018. وإذا كان التحول إلى ممارسة التمارين عبر الإنترنت يبدو خطوة واضحة، يقول كارفالو إن الملاحظات التي وردت لهم من العملاء، والمستخدمين والشركاء قد أدت أيضا إلى دخولها أخيرا في "قطاعات" أخرى. حيث يشمل ما يسميه كارفالو "سوق" جيمباس تطبيقات شريكة للمساعدة على الإقلاع عن التدخين، وتحسين النوم حتى إدارة الشؤون المالية الشخصية.
وللحصول على المشورة، يلجأ كارفالو إلى أقرانه في الشركة، ومستشاريها، ومجلس إدارتها وزوجته، التي يعدها عضوا غير رسمي في مجلس الإدارة. ويقول، "إنني أدير جميع القرارات المهمة بوساطتها".
وكرائد أعمال نموذجي في التكنولوجيا، ترى هذا البرازيلي يشع بحماسة من أجل تغيير العالم. ويشرح كارفالو: "مهمتنا واضحة للغاية. نريد أن نجعل الرفاهية عالمية، ونريد أن يصبح الناس نشيطين. لن نتوقف حتى نقدم هذه [الخدمات] لجميع الناس على هذا الكوكب". ولكن ليس الجميع مقتنعين بذلك. وفي أعقاب شكاوى قدمها المنافسون عن سلوك الشركة المناهض للمنافسة، حظرت هيئة مكافحة الاحتكار البرازيلية مؤقتا على شركة جيمباس من توقيع اتفاقيات حصرية جديدة مع نواد رياضية بينما تواصل التحقيق في هذا الشأن.
يرد كارفالو، "إننا نتصرف دائما بشكل أخلاقي هنا". وأضاف، "السوق ضخمة. وعدد الأشخاص النشطين حاليا في البرازيل هو جزء بسيط من بين... كل المناطق الجغرافية الأخرى".
ويصر كارفالو أن جيمباس تساعد شركاءها من خلال جلب إيرادات إضافية. حيث قال، "ونحن نعمل بشكل خاص على تمكين النوادي الرياضية والاستوديوهات الصغيرة والمتوسطة الحجم للصمود أمام أهم سلاسل النوادي الكبيرة التي تسيطر على هذا المجال".
وللتخلص من التوتر أثناء الجائحة، بدأ الرئيس التنفيذي ممارسة الرياضة يوميا في الساعة السادسة صباحا ولمدة ساعة. ومن عاداته الواعية الأخرى هي تخصيص "خانتين" يوميا في جدوله، خالية من جميع اتصالات العمل، كي يقضيهما مع طفليه. وقد تم تشجيع الموظفين على فعل الشيء نفسه في برامج متزامنة.
وعلى الرغم من ذلك فإن الأمر لم يخل من وجود بعض الأخطاء. كما يعترف كارفالو أنه في أحد الأوقات، كانت العروض الرقمية كثيرة جدا، وتحتاج إلى التقليص من أجل التركيز على الجودة، وكان الإرهاق بين الموظفين أمرا حقيقيا ممكنا.
وفي الوقت الحالي، تشمل أولويات جيمباس التوسع لتصل خدماتها إلى القوى العاملة في الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، فضلا عن الصحة العقلية وإدارة الحالات طويلة الأمد، مثل مرض السكري.
حيث يقول كارفالو، "إن ممارسة الأنشطة البدنية، [جنبا إلى جنب] مع تناول الغذاء الجيد والنوم الجيد، هي أهم طريقة للوقاية من تلك الأمراض المزمنة".