شركات التكنولوجيا الصغيرة تتجه إلى اقتصاد ذوي الياقات البيضاء

شركات التكنولوجيا الصغيرة تتجه إلى اقتصاد ذوي الياقات البيضاء
أبلغت نقابات عن تزايد عدد الأشخاص الذين لديهم مخاوف بشأن تكنولوجيا مكان العمل.

بدأ تحقيق الأسبوع الماضي في فضيحة أرعبت البريطانيين، كيف تمت محاكمة مئات الأشخاص الذين يديرون مكاتب بريد في المملكة المتحدة خطأ بتهمة تزييف الحسابات والسرقة بناء على نظام كمبيوتر معيب. وصف أحد القضاة إصرار مكتب البريد على أن البرنامج لا يخطئ "مثل الإصرار على أن الأرض مسطحة في القرن الـ21". مع ذلك، كثير من الشركات الأخرى معرضة لخطر تصديق أجهزة الكمبيوتر على البشر أيضا.
في الأعوام الأخيرة، دخلت مجموعة كبيرة من المنتجات التكنولوجية الجديدة إلى الأسواق، كثير منها يعد باستخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة موظفي الشركات أو تدريبهم أو تقييمهم أو مراقبتهم. انتشر ما يسمى بالإدارة الحسابية من منصات العمل المؤقت ومستودعات الخدمات اللوجستية إلى مجموعة من القطاعات والمهن الأخرى، تسارع هذا الانتشار بسبب الجائحة.
موقع Coworker.org، وهو منصة تنظيم العمال، جمع قاعدة بيانات لأكثر من 550 منتجا من هذه المنتجات. ظهر نحو 30 في المائة منها بين 2020 و2021، في حين تم تطوير بقية المنتجات بين 2018 و2020. يطلق على هذا النظام البيئي "شركات التكنولوجيا الصغيرة"، شركات تكنولوجيا لا تحظى باهتمام مثل عمالقة التكنولوجيا الكبرى، لكنها مع ذلك لها تأثير في حياة الناس العملية.
المبرر لكثير من هذه المنتجات هو حماية صحة الموظفين وسلامتهم. هناك أجهزة قياس درجة الحرارة، مثلا، وكاميرات تراقب ما إذا كان الموظفون يتركون بينهم مسافة مترين. بعض المنتجات الأخرى تعد بمراقبة الإنتاجية أو الحفاظ على أمان بيانات صاحب العمل في عالم انتقل فيه العمل من المكتب إلى المنزل.
منتج "ريموت ديسك" RemoteDesk، مثلا، يعد بمساعدة المديرين على إنشاء "بيئة شبيهة بالمكتب من خلال المراقبة المستمرة بوساطة كاميرا الويب لضمان هوية الموظف وضمان الإنتاجية في مساحة عمل عن بعد". تقول الشركة المصنعة للمنتج إن المراقبة بوساطة كاميرا الويب "تكتشف التعبيرات أو الإيماءات أو السلوكيات المشبوهة لموظف يعمل عن بعد"، ويمكنها "تسجيل سلوكيات الأكل والشرب والإبلاغ عنها على أنها انتهاكات" إذا كان "الطعام والشراب في مكتبك محظورا بموجب سياسة الشركة".
منتج "أبريس ريتيل" Appriss Retail، منتج آخر، تقول الشركة المصنعة له إنه يستخدم "أساليب التعلم الآلي التي تكتشف انحراف الموظفين" في متاجر البيع بالتجزئة. فيرينسيكس Verensics، منتج ثالث، تقول الشركة المصنعة له إن المقابلات الآلية التي يجريها المنتج مع الموظفين المحتملين أو الحاليين تقدم معلومات لأصحاب العمل "تعكس الشخصية الحقيقية للأشخاص، للأفضل أو للأسوأ".
اقترح الاتحاد الأوروبي لوائح تنظيمية من شأنها أن تحدد منتجات الذكاء الاصطناعي في مكان العمل "عالية المخاطر"، تتطلب من مقدمي الخدمة السماح بالإشراف البشري. في الوقت نفسه، يعترض بعض العاملين في الوظائف المؤقتة على القرارات التي يتم اتخاذها آليا في المحاكم باستخدام اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي. في العام الماضي، مثلا، أمرت محكمة في أمستردام شركة أولا كابس Ola Cabs بمنح السائقين إمكانية الوصول إلى تصنيفات مجهولة المصدر حول أدائهم، وإلى البيانات الشخصية المستخدمة لإنشاء "درجات احتمالية الاحتيال" الخاصة بهم، وإلى البيانات المستخدمة لإنشاء ملف تعريف أرباح يؤثر في توزيع العمل.
في المملكة المتحدة، يريد بعض السياسيين قلب اللوائح في الاتجاه الآخر. العام الماضي، جادل فريق عمل حكومي تم تشكيله للبحث في أرباح إلغاء اللوائح التنظيمية من بريكست بأنه يجب "إصلاح اللائحة العامة لحماية البيانات للسماح باتخاذ القرار آليا وإلغاء مراجعة البشر للقرارات الخوارزمية". قال فريق العمل إن القواعد "يجب أيضا تغييرها للسماح بتقديم تفسيرات أساسية لكيفية اتخاذ القرارات آليا بدلا من إلزام المؤسسات بشرح معلومات معقدة حول كيفية عمل أنظمتها والمنطق الذي تستند إليه".
قد يكون هذا نهجا خطيرا، ويبدو أنه يستند إلى فكرة أن النظام مثالي وأن إدخال إنسان أو شرح ما يفعله سيؤدي إلى إبطائه فقط. لا تكمن المخاطر فقط في تزايد المظالم مثل قضية مكتب البريد، بل أيضا في غرس الخوف وانعدام الثقة في الأشخاص تجاه الأنظمة التي لا يفهمونها. بالفعل، أبلغت النقابات في مجموعة متنوعة من الدول عن زيادة عدد الأشخاص الذين يتواصلون معهم ولديهم مخاوف بشأن تكنولوجيا مكان العمل. في الولايات المتحدة، بعض العاملين في الوظائف المؤقتة يجمعون بياناتهم الخاصة ويقارنونها لمحاولة إثبات تأثير خوارزميات أصحاب العمل على أجورهم. لم يعد العاملون في الوظائف المؤقتة هم فقط من يقاومونها.
بدأت "بروسبكت"، وهي نقابة عمالية بريطانية تضم أعضاء من ذوي الياقات البيضاء في الأغلب، في تدريب "ممثلي بيانات" للتفاوض بشأن هذه القضايا مع أصحاب العمل. تقول إن المهندسين ذوي الأجور الجيدة بدأوا في مواجهة نوع برامج توزيع المهام التي في الأغلب ما تستخدم في وظائف المستودعات منخفضة الأجور.
يقول أندرو باكس، مدير الاتصالات والأبحاث في "بروسبكت"، "كثير من هذه المنتجات كانت عبارة عن منتجات تم تطويرها مع مراعاة وظائف التخزين والخدمات اللوجستية، الآن يتم تحويلها إلى اقتصاد ذوي الياقات البيضاء". "إلى حد كبير، لم نتحدث عن ذلك، كانت وظائف في مستودعات ’أمازون‘، بعيدة عن الأنظار، بعيدة عن القلب. الآن قادمة إلى باقي الوظائف".

الأكثر قراءة