نحن والبترول .. من الإنتاج إلى التصنيع
عقد في الرياض، مطلع الأسبوع الماضي، المؤتمر الدولي لتقنية البترول، وهو مؤتمر مهم يعقد في أهم دولة بترولية على مستوى العالم. شارك فيه وزراء وخبراء ومهتمون من 70 دولة وأكثر من 300 شركة عالمية. وخلال المؤتمر عقد أكثر من 100 جلسة تقنية قدمت خلالها نحو 800 ورقة علمية. ولأهمية هذا المؤتمر، فقد عقد تحت رعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وافتتحه وزير الطاقة السعودي، وركز المؤتمر على موضوع تعزيز التعافي العالمي من خلال الطاقة المستدامة.
ولعل المتأمل لتاريخ العلاقة بين بلادنا وهذه الثروة التي تدفقت من أرضنا المباركة في 1933، أي قبل ما يقارب من 100 عام، يدرك النظرة الحكيمة للملك عبدالعزيز (رحمه الله)، حينما أكد على اختيار أفضل الشركات للتنقيب واستخراج البترول وتأسيس المرافق اللازمة، وفق أرقى التقنيات المتوافرة آنذاك، وفي ذلك استشراف لمستقبل هذه المادة التي يحتاج إليها الجميع في جميع شؤون حياتهم. وكما قال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، فإن المملكة تعمل على ثلاث ركائز للطاقة تتمثل في ضمان أمن الطاقة، والاستمرار في تطوير الاقتصاد، ومواجهة التغير المناخي.
واستعرض الأمير عبدالعزيز، جوانب من منجزات أرامكو السعودية، ونجاحها في التعامل مع مختلف المستجدات، وأكد مواصلة الاستثمار في قطاعي النفط والغاز والطاقة الجديدة، لأن اقتصاد العالم يتطلب مختلف مصادر الطاقة لتطوير الاقتصاد. وهكذا تحولت بلادنا من مجرد منتج ومصدر للبترول، إلى تصنيع عديد من مشتقات البترول لسد حاجة السوق المحلية والتصدير أيضا بأسعار تفوق سعر البترول الخام عند تصديره. وحسب رصد لجريدة «الاقتصادية» استطاع نشاط الصناعات التحويلية في السعودية التعافي بعد جائحة كورونا، حيث سجل أرقاما تجاوزت مستويات ما قبل الجائحة.. في حين ارتفعت نسبة مشاركة الصناعات التحويلية في الاقتصاد السعودي خلال الربع الثاني من هذا العام، إلى 13 في المائة، ويتكون نشاط الصناعات التحويلية من قطاع تكرير الزيوت، إضافة إلى صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات، وصناعة الأخشاب والمنسوجات والأثاث، وصناعة الورق والمواد الكيميائية والصيدلانية، ومنتجات المطاط واللدائن وغيرها. وتستهدف رؤية 2030 زيادة إسهام الصناعات التحويلية لتحسين ميزان المدفوعات من خلال زيادة التصدير وتقليل الواردات.
وأخيرا: هذا هو الرد على من قال إن السعودية ستظل تعتمد على إيرادات البترول المصدر كمادة خام والخاضع لتقلبات الأسواق العالمية حسب العرض والطلب. وأكد مهندس الاقتصاد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أكثر من مرة أن زمن الاعتماد على دخل البترول قد ولى، وأن الإيرادات من غير النفط ستشهد ارتفاعا عاما بعد عام حتى تتساوى مع إيرادات البترول خلال أعوام الرؤية، وها هي كأرقام تؤكد ذلك، وتعدد الموارد في بلادنا يدعم هذه النظرية.. فالصناعة بأنواعها والصناعات الزراعية وقطاع السياحة الواعد بتوفير عديد من فرص العمل جميعها ستشكل علامة فارقة في مستقبل هذه البلاد التي تحسن قيادتها استثمار طاقاتها، وأهمها الشباب والشابات، الذين قدموا الكثير من الإبداعات وما زال لديهم المزيد.