رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


خنق أموال العصابات

لا تزال الشبكات غير الشرعية التابعة للحرس الثوري الإيراني، والعصابات الأخرى التابعة لإيران، تنشط على الساحة الدولية من جهة توفير التمويل اللازم للميليشيات والخلايا النائمة التي تدعمها. ورغم أن المجتمع الدولي اتخذ سلسلة من القرارات بفرض عقوبات على جهات إرهابية وشخصيات إيرانية، إلا أن نشاط هذه الشبكات لا يزال موجودا على الساحة، لأسباب عديدة، في مقدمتها أن إيران تمكنت من استغلال بعض الثغرات في هيكل العقوبات التي تتعرض لها الشبكات المشار إليها، وبالطبع النظام الإيراني نفسه. فضلا عن تعاون دول مارقة في هذا المجال، وهي بلدان تخضع بصورة أو بأخرى للنفوذ الإيراني، وكذلك استخدام شركات وهمية وأشخاص جدد دائما لتمرير الأموال بأسلوب وطريقة الجرائم المنظمة واستغلال عمليات غسل الأموال في صفقات تجارية، من أجل تحقيق الأهداف التخريبية للنظام وأتباعه.
ونظرا لاشتداد الخطر الإرهابي خلال الأعوام الأخيرة والتطور المتزامن لأنماط تمويل الإرهاب، اتخذ مجلس الأمن قرارات إضافية، في الأغلب بموجب الفصل السابع، لمعالجة السبل الجديدة لتمويل الإرهاب، بما في ذلك من خلال استهداف الصلة القائمة بين الإرهابيين وجماعات الجريمة المنظمة والتصدي لأنشطة جمع الأموال بأنواعها كافة. وأعربت جميع دول العالم المحبة للسلام عن قلقها من تدفق الأموال للإرهابيين والحاجة إلى قمع جميع أشكال تمويل الإرهاب والوقوف ضد الدول الداعمة للتمويل.
وفي هذا الصدد فإن قيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على شبكة دولية وصفت بأنها كبيرة، يديرها الحرس الثوري الإيراني وممول حوثي، خطوة مهمة على صعيد محاربة العالم كله للإرهاب ومصادر تمويله وتجفيف منابع التمويل بشتى الطرق ومكافحة هذا الأسلوب الإجرامي، إلى جانب تضييق الخناق المالي أكثر وأكثر على النظام الإيراني، الذي لم يتوقف عن تشكيل العصابات هنا وهناك، من خلال تدخلاته التخريبية الفظيعة في عدد من البلدان في المنطقة تشهد على عدوانيته وتوجهاته الطائفية البغيضة، بما فيها اليمن الذي يسعى نظام علي خامنئي لأن يبقي الخراب والدمار فيه أطول فترة ممكنة.
فهذا النظام لا يمكنه الاستمرار في الواقع دون صناعة الاضطرابات هنا وهناك، وبث الأوهام في أي مكان يمكنه الوصول إليه. وهو لا يستطيع أن يحقق ذلك، إلا عبر عملاء يبيعون أنفسهم له ضد بلدانهم، وتنظيمات إرهابية يقوم بتأسيسها وتمويلها وتوفير الحماية لها.
الشبكة الدولية التي فرضت عليها واشنطن العقوبات الجديدة، ثبت أنها حولت عشرات الملايين من الدولارات إلى الحوثيين في اليمن، وكانت شبكات أو جهات أخرى تقوم بهذا التمويل المشين، إلا أن بعضها تم ضبطه، وبعضها الآخر تمت ملاحقته بشكل لم يعد ممكنا القيام بالمهام الموكلة إليه من طهران. وفي العام الماضي، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على عدد من الأشخاص العسكريين في حركة الحوثي الإرهابية. واتسمت هذه الخطوة بالأهمية وقتها، لأن الإدارة الأمريكية باتت تستهدف شخصيات محددة في عصابة تنشر الموت في اليمن، وتحاول أن تبقي الحرب هناك أطول فترة ممكنة، وتعمل بكل ما تملك لتنفيذ المخططات الإيرانية التخريبية. وهناك أسماء من غير العسكريين ضمن عصابات الحوثي، وضعت بالفعل في دائرة الضوء عند المشرعين الأمريكيين منذ فترة، في دليل آخر على ضرورة خنق هذه العصابات ماليا، كي تجبر على وقف إرهابها وخرابها.
الخطة الأمريكية الجديدة سبقتها خطوات مهمة أيضا، ولا سيما شبكة التهريب التي تلقت عقوبات من واشنطن في العام الماضي، وثبت أنها مرتبطة بإيران وتجمع الملايين لمصلحة الحوثيين. المسؤولون الأمريكيون يؤكدون أن هذه الأموال التي تصل إلى تلك العصابات تساعد الحوثيين على تنفيذ هجمات تهدد البنية التحتية المدنية في اليمن والسعودية في آن معا. والمملكة التي تقود التحالف الدولي المساند للشرعية في اليمن، وضعت منذ البداية مصلحة المواطنين اليمنيين فوق أي اعتبار، وبصرف النظر عن انتماءاتهم. ولذلك فإن أي دولار يصل إلى الحوثيين عبر شبكات التهريب وتجارة المخدرات المدعومة من نظام خامنئي، هو في الواقع بمنزلة سلاح لضرب الشرعية، وتعميق الخراب على الساحة اليمنية.
وتؤكد وزارة الخزانة الأمريكية، أن شبكة التهريب الأخيرة كانت معقدة ومتداخلة، وهي عبارة عن كيان مؤلف من شركات صورية في مجال شحن الوقود والمنتجات البترولية وسلع أخرى. وهذا الأسلوب ليس جديدا على هذه الشبكات، ولا شيء يوقف الإرهاب والخراب في اليمن، سوى قطع التمويل المالي لعصابات باعت نفسها وبلادها أصلا لإيران لأسباب طائفية بغيضة ولتحقيق مصالح سياسية ضيقة لا تخدم الشعوب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي