الكوارث المناخية تعيد صدى أحداث 11 سبتمبر في شركات التأمين

الكوارث المناخية تعيد صدى أحداث 11 سبتمبر في شركات التأمين
أقساط التأمين قفزت بين 50 و100 % بعد الأحداث الكارثية التي وقعت العام الماضي. "رويترز"

بالعودة إلى منتصف التسعينيات، كان من الحكمة الشائعة في سوق التأمين في لندن أن تجادل - بشكل شبه جاد - بأن سوق إعادة التأمين "الميسرة" بشكل مشين (أي رخيصة) ضرورية للهروب من فترة انخفاض الربحية بمنزلة الكارثة الكبرى. كانت الحجة أن مثل هذا الحدث من شأنه أن يصدم السوق لدرجة أدركت أنها بحاجة إلى زيادة الرسوم مقابل التغطية.
عندما ضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي التوأمين بعد بضعة أعوام، رنت تلك النبوءة القاسية في أذني. لكن بالنسبة إلى صناعة التأمين، فقد أدت الغرض.
بعد الضربة الأولية البالغة 40 مليار دولار، جنت شركات التأمين الثمار، كما كان متوقعا إلى حد كبير. وفقا لجمعية جنيف الفكرية، فإن تكلفة المخاطر التي تتعرض لها الشركات التي تراجعت غير مستدامة بلغت 42 في المائة في الأعوام الثمانية التي سبقت عام 2000، انتعشت بشكل كبير. بحلول نهاية 2001، ارتفعت 15 في المائة قبل أن تقفز 30 في المائة أخرى في 2002.
مع ذلك، فقد أكد اتجاه آخر أن هذه كانت فائدة قصيرة الأجل لشركات التأمين. تماما كما كانت الشوارع المحيطة بالموقع السابق لمركز التجارة العالمي تعج سريعا بالباعة الجائلين المتحمسين للاستفادة من تدفق السياح الذين جاءوا لمشاهدة منطقة الكارثة، سرعان ما أصبحت سوق التأمين، التي انكمشت في البداية مع تخفيض المؤمنين الحاليين للمخاطر، نقطة جذب للحصول على رأس مال تأمين جديد متعطش للربح.
سندات الكارثة، التي صممت في أعقاب إعصار أندرو المدمر بشكل استثنائي عام 1992، أصبحت سائدة بثبات بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر). ظهرت أدوات برمودية جديدة مدعومة بصناديق التحوط وغيرها من "رأس المال البديل". وأقام مستثمرون جدارا من رأس المال الجديد.
بين 11 أيول (أيلول (سبتمبر) 2001 ونهاية ذلك العام فقط، جمعت 40 شركة تأمين أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الجديدة، وفقا لجمعية جنيف. لكن في هذه السوق المعروف أنها دورية، سرعان ما قوضت وفرة الأموال الجديدة المتنافسة على العائدات الربحية ذاتها التي بدت جذابة للغاية.
في الجزء الأكبر من العقدين الماضيين كانت هناك سوق "ميسرة" تشبه إلى حد كبير السوق التي سبقت أحداث 11 أيلول (سبتمبر).
إذن ما هو الحدث الذي سيعيد السوق إلى التسعير المستدام هذه المرة؟ من المؤكد أن كوفيد تسبب في درجة من الألم المالي، ما دفع بعض الأسماء الكبيرة في الصناعة إلى الخسارة. خسرت سوق لويدز لندن نحو مليار جنيه استرليني في 2020. تكبدت شركة سويس ري ما يقارب من 900 مليون دولار من صافي الخسائر.
لكن التأثير الأكثر رنينا جاء - وسيأتي - من مصدر أكثر وجودا من 11 أيلول (سبتمبر) أو كوفيد: قدرة الكوكب ذاتها على البقاء في وجه تغير المناخ.
كان موسم تجديد إعادة التأمين لكانون الثاني (يناير) من هذا العام - وهو الوقت الذي يتم فيه التفاوض على أكثر من نصف عقود العالم - فترة ازدهار لارتفاع الأسعار بالنسبة لشركات إعادة التأمين.
يقول وسطاء إن أقساط التأمين على أنواع معينة من التغطية، مثل مخاطر الفيضانات في ألمانيا أو حرائق الغابات في الولايات المتحدة، قفزت بين 50 و100 في المائة، بعد الأحداث الكارثية التي وقعت العام الماضي. وفقا لمعهد سويس ري، فإن سجل الكوارث الطبيعية المؤمنة لعام 2021 البالغ 105 مليار دولار كان رابع أسوأ سجل منذ عام 1970.
لا يتعلق الأمر فقط بمخاطر المناخ. يعد التأمين السيبراني مجالا آخر ارتفعت فيه الأسعار بشكل كبير، بسبب الخسائر العالية وتزايد طلبات برامج الفدية. تعويضات المحاكم المتزايدة لأضرار الضحايا، خاصة في الولايات المتحدة، ترفع الأقساط في ذلك المجال أيضا.
القفزة المفاجئة في التضخم تضيف إلى الضغط التصاعدي على الأسعار. تكلف عملية إعادة بناء منزل سحقته عاصفة الآن أكثر مما كانت تكلف قبل بضعة أعوام بمقدار الثلث، حيث أدت الآثار المدمرة لكوفيد إلى ارتفاع تكاليف المواد والعمالة.
يقول وسطاء إن الزخم الإضافي جاء من تقلص قدرة التأمين. لقد دفعت بضعة أعوام سيئة فعلا بعض مقدمي رأس المال الجدد إلى إعادة النظر فيما إذا كانت أعمال إعادة التأمين جذابة حقا كما كانت تبدو قبل 20 عاما. بمجرد أن بدأت الأسواق في احتساب زيادات أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية، كانت مجموعة من مقدمي رأس المال سعيدة بتبادل المخاطر العالية والتقلبات في اكتتاب إعادة التأمين للحصول على عائد جيد في فئة الأصول الأكثر شيوعا.
ربما يكونون قد استسلموا مع تحول دورة التسعير - على الرغم من فعل ذلك، وبإزالة الضغط التنافسي، سيكونون قد ضاعفوا أيضا الفائدة للمؤمنين الباقين. ما إذا كانت الأسعار المرتفعة اليوم ستضمن قدرة صناعة التأمين على التعامل مع المخاطر المتزايدة لأزمة المناخ أم لا، فهذه مسألة أخرى. كان الهجوم المدمر على ناطحتي سحاب صعب جدا التعافي منه، لكن الهجوم المدمر على المناخ العالمي سيكون أكثر صعوبة.

الأكثر قراءة