ارتفاع أسعار النفط يغري شركات الزيت الصخري
قفزة أسعار النفط وتخطيها عتبة 100 دولار للبرميل تغري المديرين التنفيذيين في مجال الطاقة الصخرية في الولايات المتحدة لإطلاق منصات الحفر بحثا عن مزيد من النفط الخام، ما يخاطر بإثارة غضب "وول ستريت".
القطاع الذي عرف في السابق بخطوط إنتاج تغذيها الديون، التي جعلت من الولايات المتحدة أكبر مورد للنفط في العالم تبنى الانضباط المالي إلى حد كبير، حيث تعهد المسؤولون التنفيذيون بعدم إنفاق التدفق النقدي مرة أخرى وتبديد رأس المال في المشاريع المكلفة.
لكن انتعاش أسواق النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 2014 يمثل تحديا لهذا القرار. ستحدد استجابة شركات النفط الصخري مسار إنتاج النفط الأمريكي الذي يتراجع كثيرا عن ذروته قبل الجائحة.
قال ريك منكريف، الرئيس التنفيذي لشركة ديفون إنيرجي، في مقابلة، "هناك تساؤل في أذهان الجميع وهو متى سيحين الوقت لنمو الإنتاج؟ "..." لدينا مستثمرون يقولون "يا إلهي، إن لم يكن الآن، فمتى؟".
وقال منكريف، الذي تعد شركته الواقعة في أوكلاهوما سيتي واحدة من أكبر الشركات المنتجة في مجال النفط الصخري في الولايات المتحدة، "لكن مقابل كل من يطرح هذا السؤال، هناك شخص آخر على الأقل إن لم يكن اثنان ينتظران ليقولا ’ها أنت ذا، كنا نعلم أن انضباطكم سيكون قصير الأجل‘. لقد تعلمنا درسنا".
الشركات المستقلة العامة الكبرى، مثل" بايونير ناتشورال ريسورسيز"، و"إي أوه جي ريسورسيز"، و"داياموندباك إنيرجي" و"ديفون" – التي يمثل إنتاجها مجتمعة نحو 1.4 مليون برميل يوميا من الإنتاج الأمريكي – تعهدت جميعها بالسيطرة على إنفاقها من رأس المال.
قال ترافيس ستايس، الرئيس التنفيذي لشركة داياموندباك، في مؤتمر للصناعة الشهر الماضي، "إن رأس المال الذي كنا ننفقه في الماضي في تنمية الشركة، سنعيد الآن توزيعه على شكل عمليات إعادة شراء للأسهم".
تعهد سكوت شيفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة بايونير، بأن تحافظ شركته على نمو الإنتاج 5 في المائة سنويا – وهو أقل بكثير من الوتيرة السريعة التي شهدتها أعوام الازدهار التي سبقت الجائحة.
أسعدت هذه الالتزامات المستثمرين. وساعدت توزيعات الأرباح المتغيرة وعمليات إعادة شراء الأسهم لشركة ديفون، التي تم الإعلان عنها في تشرين الثاني (نوفمبر)، في جعلها الأفضل أداء في مؤشر إس آند بي 500 في 2021. وقد تفوق أداء قطاع الطاقة ككل على مؤشر الأسهم في العام الماضي، وإن كان ذلك انطلاقا من قاعدة منخفضة.
لكن الالتزامات بإنفاق رأس المال قد تم التعهد بها في أعقاب انهيار 2020، عندما انخفضت أسعار النفط إلى أقل من الأسعار التي يحتاجها منتجو النفط الصخري لتحقيق الأرباح.
استقر سعر خام غرب تكساس الوسيط عند 95.46 دولار للبرميل الإثنين. وقال المحللون إنه عند هذا المستوى يمكن للشركات احترام التزامات توزيع الأرباح والبدء في زيادة الإنتاج دون الإضرار بميزانياتها العمومية.
انتعشت أعمال الحفر، خاصة في حوض بيرميان الغزير في تكساس ونيومكسيكو، ما عوض خسائر الإنتاج في أماكن أخرى، لكن الشركات الخاصة هي التي تقود عمليات الحفر إلى حد كبير. بينما أعلنت شركتا إيكسون موبيل وشيفرون، اللتان تملكان حصصا كبيرة في الحوض، عن زيادات في الإنتاج قد تصل إلى 175 ألف برميل في اليوم بحلول نهاية العام.
وقال سكوت جروبر، المحلل في سيتي، إنه يتوقع أن تحذو الشركات الكبرى المدرجة الحذو نفسه قريبا، مع "بدء عدد متزايد من الشركات في الاندفاع إلى السوق". وتوقع في مذكرة صدرت أخيرا أن الإنفاق الرأسمالي لهذه المجموعة قد يرتفع 30 في المائة هذا العام.
أشارت "ريستاد إنيرجي"، وهي شركة أبحاث، إلى ظهور "تحول أساسي في فلسفة التشغيل" بين الشركات العامة التي تعمل في مجال الصخر الزيتي العامين استجابة لسوق النفط القوية.
لكن في الوقت الحالي، لا تزال القفزات الكبيرة في إنتاج النفط الأمريكي نظرية. حيث كان الإنتاج خلال الأسابيع الأربعة الماضية 11.6 مليون برميل فقط في اليوم، وفقا لإدارة معلومات الطاقة، وهو أقل بكثير من الرقم القياسي الذي بلغ نحو 13 مليون برميل في اليوم قبل الجائحة.
منكريف، الذي ستعلن شركته عن نتائج أرباحها الأربعاء، لم يبدو أنه مستعد للتزحزح. قال، "إن خطتنا الآن في 2022 هي أن نبقي كميات إنتاجنا ثابتة".
وبصفته مساهما كبيرا في "ديفون"، قال منكريف إنه كان يكسب من أرباح الأسهم الأساسية أكثر من راتبه والمكافأة النقدية التي يحصل عليها - وهو حافز آخر لمواصلة ضبط الإنفاق. قال شيفيلد من "بايونير" الشيء نفسه من قبل.
يريد منكريف أيضا أن ينتظر كلا من المملكة وأعضاء "أوبك" الآخرين لاستعادة إمدادات النفط التي قلصوها في 2020، ووقف هيكل التراجع في سوق النفط - حيث يتم تداول الأسعار الفورية بأعلى من أسعار العقود الآجلة.
قال المحللون إنه حتى لو أراد المشغلون زيادة أعمال الحفر، فإن التضخم المتزايد في التكلفة وأوقات التطوير الأطول ستشكل عقبات أمامهم.
قال أرتيم إبراموف، رئيس الأبحاث الصخرية في "ريستاد"، في مذكرة حديثة إن الصناعة واجهت "اختناقات حادة في سلسلة التوريد". واستشهد بمثال الرمل – الذي يستخدم في التكسير الهيدروليكي لآبار النفط - حيث ارتفع إلى أسعار "لم يسمع بها من قبل".
قال أحد المستشارين لشركات النفط الصخري إن نشر أجهزة الحفر في الحقل ربما كانت تستغرق من أربعة إلى ستة أسابيع في الماضي، لكنها الآن قد تستغرق أربعة أشهر. حتى دون عمليات حفر إضافية من شركات النفط الصخري المدرجة، فإن تضخم التكلفة يبلغ 15 في المائة، حسب تقدير شركة إنفيروس الاستشارية.
فيما قال مايك ديونيسيو، رئيس سلسلة التوريد والتسويق في "ديفون"، "حتى لو أردنا مضاعفة عدد حفاراتنا في حوض بيرميان في الوقت الحالي، فسيكون ذلك أمرا صعبا للغاية". حيث أشار إلى النقص في اليد العاملة ونقص أجهزة الحاسوب وقطع المعدات من بين المشكلات التي يواجهها.
لكن الخوف من المساهمين الغاضبين سيظل السبب الدائم لمقاومة إغراء إطلاق حملات الحفر الجديدة. حيث قالت شركة كونتيننتال ريسورسيز، وهي شركة أخرى للحفر الصخري في أوكلاهوما سيتي، بقيادة هارولد هام، إنها ستحد من نمو الإنتاج إلى نسبة ضئيلة تراوح من 3 إلى 5 في المائة هذا العام.
قال هام، "إنها نسبة صغيرة مقارنة بما اعتدنا على فعله. ويتوجب علينا أن نفعل ما يريده وول ستريت "..." وإلا فإن قيمة أسهمك ستهبط".