ريدستون حسمت معركة باراماونت .. الآن حرب البث المباشر

ريدستون حسمت معركة باراماونت .. الآن حرب البث المباشر
شيري ريدستون

بعد عامين من تولي زمام إمبراطورية عائلتها الإعلامية بشكل نهائي، وقفت شيري ريدستون أمام المستثمرين الأسبوع الماضي وصرحت، "لم أكن أبدا أكثر حماسا بشأن مستقبل الشركة مثلما أنا الآن".
عندما فتحت الأسواق في اليوم التالي، أسهم شركة فياكوم سي بي إس، التي أعيدت تسميتها الأسبوع الماضي إلى "باراماونت"، تراجعت 20 في المائة.
أكد الاستقبال غير المتسامح على مشكلة مركزية لإمبراطورية ريدستون الأسطورية، وهي سلالة عائلية ساعد تفككها على إلهام بعض الشخصيات في مسلسل سكسيشين من "إتش بي أو".
انتصرت ريدستون في الملحمة التي استمرت عقدين من الزمن حول إدارة الشركة، وأبعدت اثنين من أقوى الرجال في هوليوود - رئيس شبكة سي بي إس غير المحبوب، لي مونف، ووالدها سومنر.
لكن مستقبل الشركة البالغة قيمتها 20 مليار دولار لا يزال غير واضح مثلما كان دائما. يشعر المستثمرون بالقلق من أن "باراماونت" أصغر من أن تنافس في صناعة الترفيه التي اندمجت في عدد قليل من التكتلات الضخمة، كل منها يخصص عشرات المليارات من الدولارات في معركة البث المباشر.
كانت ريدستون تتحدث بشكل غير رسمي مع مشترين محتملين لـ"باراماونت" طوال العام الماضي. لكن المحادثات لم تتقدم بسبب تعقيد الأصول والسعر المرتفع الذي ستسعى إليه، وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر.
حققت شركة باراماونت بعض التقدم الملحوظ باعتبارها منافسا لـ"نتفليكس" في مجال البث المباشر. ولا تزال مجموعتها من القنوات التليفزيونية، التي تشمل "سي بي إس" و"نيكلوديون" و"كوميدي سنترال"، تنفق الأموال النقدية، وتتربع على أصول ثمينة مثل استوديو أفلام باراماونت. تحركت ريدستون نفسها من أجل استراتيجية بث أكثر جرأة من خلال باراماونت بلس، وهي خدمة البث المباشر الرئيسة للشركة، وفقا لمصادر مطلعة.
لكن المستثمرين غير مقتنعين بأنه في مشهد ترفيهي مليء بمنافسين أكبر بكثير، مثل "نتفليكس" و"أمازون" و"ديزني"، يمكن لشركة باراماونت أن تنافس بمفردها. بالنسبة إلى بعض المستثمرين والمحللين، أفضل خطوة لها هي البيع لمنافس أكبر.
أدى ذلك إلى إيجاد وضع غريب يبدو فيه أن طموح ريدستون، والرغبة الملحوظة في حماية استقلال شركتها،، مرتبطة بشكل عكسي تقريبا بأداء سهمها في السوق. وصف أحد التنفيذيين السابقين المتعاطفين مع شبكة سي بي إس الوضع بأنه "مأساة".
بعد العرض التقديمي الأسبوع الماضي، خفض محللو بانك أوف أمريكا توقعاتهم لشركة باراماونت، وخلصوا إلى أن البيع ليس "وشيكا". قالوا إن "الفوز بأي ثمن يزيد المخاطر".
يتساءل بعض الأشخاص المقربين من ريدستون عما إذا كانت مستعدة للانفصال عن الشركة. قال أحد الأشخاص الذين عرفوا عائلة ريدستون لأعوام، "لقد أمضت أعواما من عمرها في هذا الأمر. تشاجرت مع والدها، وتقاتلت مع لي مونف، الذي كان في ذلك الوقت الرجل الأكثر احتراما في هوليوود، وأذلته. هناك قدر هائل من العاطفة مرتبط بتحكمها في هذه الشركة الآن".
عارض شخص آخر مقرب من الشركة هذه الفكرة، مشيرا إلى أن ريدستون ستفعل ما هو أفضل للمساهمين. قال، "إنها سيدة أعمال وتأخذ الأمر على محمل الجد".
توضح مشكلات باراماونت التحول المؤلم الذي تواجهه شركات الإعلام التقليدية. فمثل أقرانها في هوليوود، تحاول "باراماونت" تحويل أعمالها السينمائية والتلفزيونية الثمينة إلى خدمة بث عبر الإنترنت مناسبة للمستقبل.
لكن هذا مسعى مكلف ينطوي على خسائر فادحة لأعوام عديدة. مع مرونة مالية أقل من أمثال "أمازون" أو" نتفليكس"، اختارت "باراماونت "حتى وقت قريب أن تكون "كتاجر الأسلحة"، تبيع حقوق الترخيص لعروضها لشركات التكنولوجيا التي لديها كثير من المال.
أدى هذا إلى تقييد باراماونت بلس، التي تم إطلاقها منذ نحو عام، لأن عديدا من صفقات الترخيص هذه تستمر لأعوام. لذلك لم تتمكن من تقديم بعض أكبر نجاحات الشركة أخيرا، مثل يلوستون، الدراما الشعبية التي تدور أحداثها في مزرعة ماشية في مونتانا، أو مقابلة أوبرا وينفري مع الأمير هاري وميجان ميركل التي شهدت إقبالا شديدا. فقد تم بيع رخصتيهما إلى قناة بيكوك التابعة لـ"إن بي سي يونيفيرسال" و"أمازون"، على التوالي.
قال أحد التنفيذيين السابقين، "لا يمكنهم أبدا سن استراتيجية واسعة وحازمة لأنهم كانوا بحاجة إلى الأموال قصيرة الأجل من التراخيص. ولم يكن بإمكانهم تحمل تكلفة ما أرادوا أن يكونوه".
غيرت شركة باراماونت في العام الماضي استراتيجيتها مع ظهور باراماونت بلس، لكنها يجب أن تنتظر حتى انتهاء صلاحية صفقات الترخيص للعمل وفقا لها. مثلا، قال مسؤولون تنفيذيون الأسبوع الماضي إنهم سيستعيدون حقوق حلقات مسلسل ساوث بارك الجديدة اعتبارا من 2024، بعد انتهاء صفقة الترخيص الخاصة به مع "إتش بي أو ماكس".
وروجوا أيضا للتقدم الذي أحرزته باراماونت بلس، بمساعدة عروضها الرياضية الحية، ولا سيما مباريات الدوري الوطني لكرة القدم، فضلا عن برامج الأطفال الشهيرة.
ووسعت باراماونت قاعدة مشتركيها بإضافة 9.4 مليون مشترك عبر خدمات البث في الربع الرابع، متجاوزة بذلك "إتش بي أو ماكس". وبحلول نهاية 2021، كان عدد مشتركيها قد وصل إلى 56 مليون مشترك عبر خدمات البث المباشر، بما في ذلك 33 مليونا لقناة باراماونت بلس.
قد يكون عدم وجود الحماس بشأن دخولها إلى مجال البث المباشر بشكل جزئي مسألة وقت. قبل بضعة أعوام كانت كلمة "بث مباشر" ترفع سعر سهم الشركات الإعلامية. لكن مع تباطؤ النمو في نتفليكس، أصبح المستثمرون أكثر تشككا بشأن التوقعات طويلة الأجل للبث المباشر وهيكل التكلفة المرتفعة. ومن المتوقع أن تخسر شركة باراماونت 1.5 مليار دولار على أعمالها الخاصة بالبث المباشر هذا العام، وتخطط لزيادة إنفاقها على بث المحتوى إلى ستة مليارات دولار سنويا بحلول 2024.
لتمويل هذا المخطط، باعت الشركة بعض أصولها. بالنسبة إلى الشركة بأكملها، يقول مصرفيون مختصون بشؤون الإعلام إن شركات كومكاست أو أمازون أو وورنر ستكون المشتري الأكثر احتمالا. لكن من غير المرجح أن ترغب "أمازون" في الاستحواذ على القنوات التلفزيونية التقليدية، في حين أن "كومكاست" لديها بالفعل صفقات توزيع تتيح لها الوصول إلى مكتبة باراماونت على أجهزة "إكس فينيتي".
في العرض التقديمي الذي قدمته الأسبوع الماضي، حاولت ريدستون إقناع المستثمرين بالبقاء معها في الرحلة. قالت "إن باراماونت أكبر من مجموع أجزائها. يمكننا تقديم عائد الاستثمار الذي تتوقعونه وتستحقونه."

الأكثر قراءة