شركات الفحم الأمريكية تتحدى نعيها بنتائج مذهلة

شركات الفحم الأمريكية تتحدى نعيها بنتائج مذهلة
إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع أن يرتفع إنتاج الفحم هذا العام والعام المقبل.

بالنسبة إلى قطاع الفحم الذي تم شطبه على أنه في تراجع نهائي، كانت العودة إلى جني الأموال أمرا لافتا ومثيرا للاهتمام.
على مدار الأسبوع الماضي، تمتعت شركات تعدين الفحم في أمريكا بأرباح كبيرة ومفاجئة، وحققت بعضا من أفضل نتائجها في عقود، حيث تنعم بزيادة الطلب على الفحم وارتفاع أسعاره.
أعلنت شركة بيبودي إنيرجي، أكبر منتج في القطاع الخاص في العالم، الربع الأكثر ربحية على الإطلاق. وسجلت شركة آرتش ريسورسيز، ثاني أكبر منتج، أفضل نتائجها منذ مبيعات أصولها الكبيرة قبل خمسة أعوام.
وقال بول لانج، الرئيس التنفيذي لشركة آرتش، للمستثمرين الثلاثاء، "بصراحة، إن هذه أسعار لم نشهدها منذ أكثر من 20 عاما. إنه وضع رائع أن نكون فيه".
إن النتائج الاستثنائية أعطت صدمة لصناعة تمر بانكماش بطيء. فقد انخفض الاستخدام السنوي للفحم في الولايات المتحدة إلى النصف من ذروة تجاوزت مليار طن أمريكي منذ أكثر من عقد. يغذي نحو 90 في المائة من إنتاج الفحم في البلاد محطات الطاقة، بينما تعمل منافسة من الغاز الطبيعي الرخيص والطاقة المتجددة على تهميش وحدات التوليد التي تعمل بالفحم.
لكن في العام الماضي، انقلبت هذه الظروف جزئيا مع ارتفاع أسعار الغاز. استنزفت مخزونات الفحم، الأمر الذي حفز المناجم إلى اللحاق بالركب. وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية اخيرا أن يرتفع إنتاج الفحم هذا العام والعام المقبل.
قال دان كلاين، رئيس مسارات الطاقة المستقبلية في "إس آند بي جلوبال بلاتس"، "إن هذه ظاهرة نراها في كل سلعة من سلع الطاقة تقريبا حيث كان لدينا هذا الانعكاس المفاجئ للطلب من أدنى المستويات أثناء الجائحة. وعادة ما يكون العرض بطيئا للمعايرة مع ذلك".
لقد زادت كميات الفحم المستخدمة في محطات الطاقة بنحو 20 في المائة العام الماضي إلى 503 ملايين طن أمريكي، وهي أول زيادة سنوية في توليد الفحم منذ 2014، وفقا لإدارة معلومات الطاقة. ساعد هذا على زيادة انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة أكثر من 6 في المائة في 2021 ـ تبلغ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الفحم نحو ضعفي ما ينبعث من الغاز الطبيعي عند الاحتراق.
يعكس هذا الاتجاه السائد الصورة الدولية، حيث قفز توليد الطاقة العالمية من الفحم 9 في المائة في العام الماضي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق - قال فاتح بيرول، مدير وكالة الطاقة الدولية، في جهوده الرامية إلى مكافحة تغير المناخ إن هذا الاتجاه "علامة مقلقة على مدى بعد العالم عن المسار الصحيح". ويسعى جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، إلى إنهاء انبعاثات الكربون من قطاع الطاقة بحلول 2035.
بلغ سعر سهم شركة بيبودي ثمانية أضعاف مستواه في بداية العام الماضي. سجلت الشركة أرباحا صافية 513 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2021، بعد خسارة بلغت 129 مليون دولار في العام السابق، بينما تحولت شركة آرتش من خسارة إلى ربح بلغ 227 مليون دولار. تشمل عمليات الشركتين مناجم ضخمة في حوض نهر باودر في وايومنغ. قالت شركة آلاينس ريسورس بارتنرز، التي تمتلك مناجم في أبالاتش وحوض إلينوي في الغرب الأوسط الأمريكي، إن صافي الدخل ارتفع نحو النصف إلى 52 مليون دولار.
يقول محللون إن فترة الراحة ستكون قصيرة الأمد، حيث تستمر مولدات الطاقة الأمريكية في تجاهل الفحم، والانحدار الهيكلي للصناعة يتسارع.
يقدر المحللون في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، وهو مجموعة بحثية، أن نحو 94 جيجاواط من قدرة الطاقة التي تعمل بالفحم - ما يقارب من نصف المحطات الأمريكية - سيتم إغلاقها بين 2021 و2030.
في الأسبوعين الماضيين، أعلنت اثنتان من أكبر شركات مرافق الكهرباء في الولايات المتحدة - ديوك إنرجي وجورجيا باور، وهما جزء من "سذرن كومباني" - خططا للتخلص التدريجي من توليد الفحم بحلول 2035.
قال ريجيس ريبكو، نائب الرئيس الأول لشؤون تحول سوق استخراج الفحم ونقله في شركة ديوك ومقرها نورث كارولينا، إن الفحم أصبح غير مقبول اجتماعيا.
أضاف ريبكو، "إن الدافع وراء ذلك هو حقا عملاؤنا. فقد أخبرونا - ولا يزالون يخبروننا - أنهم يريدون طاقتهم من موارد أنظف. لذا فإن آراء العملاء هذه يسمعها حقا صانعو السياسات والمستثمرون".
إن معايير محافظ الطاقة المتجددة التي تفرضها الولايات تجبر المرافق أيضا على التحول إلى أشكال أنظف من التوليد، على الرغم من فشل خطط إدارة بايدن لفرض معيار فيدرالي للطاقة النظيفة.
قال سيث فيستر وهو محلل في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، "ربما تم إنقاذ شركات الفحم مؤقتا لمدة عام أو عامين مع ارتفاع أسعاره إلى ما هي عليه، لكنها ستواجه قريبا هذا النوع من الاقتصاد القاسي مرة أخرى مع انخفاض الطلب على الفحم".
وسعت بعض الشركات المنتجة، مثل آرتش وأليانس، وكونسول إنرجي في بنسلفانيا، على مدار العقد الماضي إلى التركيز على الفحم المعدني، الذي يستخدم في صناعة الصلب، أو زيادة صادرات الفحم الحراري لخدمة السوق الآسيوية النامية. لكن الولايات المتحدة من بين المنتجين الأعلى تكلفة على مستوى العالم، ما يجعل المنافسة في الخارج صعبة.
وقالت شركة آرتش في تقريرها السنوي المقدم الأربعاء إنها "تدير عملية السحب التدريجي طويلة الأجل لأصولها الحرارية القديمة". بينما كانت 90 في المائة من أحجام مبيعاتها من الفحم الحراري، فإن أكثر من نصف إيراداتها جاءت من الفحم المعدني لأن سعره أعلى.

الأكثر قراءة