تصيد فرص بريكست لن ينتهي بغنيمة مرضية

تصيد فرص بريكست لن ينتهي بغنيمة مرضية

صفقة بريكست كانت واضحة، مقابل فقدان الحريات الخاصة في العمل والتعلم والتجارة والتنقل في الاتحاد الأوروبي، حصلت الحكومة على الحق في اتخاذ القرارات دون سيطرة من جانب الاتحاد الأوروبي. ليس من المستغرب أن السياسيين الذين قدموا هذه الصفقة يريدون إظهار أنها مفيدة وتستحق العناء. تم تعيين جاكوب ريس موج، أقوى مؤيدي بريكست، على النحو الواجب وزيرا لفرص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تتمثل مهمته على مايبدو في اكتشاف "ألف لائحة تنظيمية نريد التخلص منها". يمكنه بالتأكيد العثور على اللوائح التنظيمية. لكن إلغاؤها سيكون صعبا للغاية. من غير المحتمل أن تنتهي رحلة الصيد هذه بغنيمة مرضية.
السبب الأساس وراء صعوبة إثبات الفوائد من بريكست، الآتية من الاختلاف التنظيمي، هو أن الاختلاف التنظيمي الذي يسمح به لديه أيضا تكاليفه. لنأخذ مثالا حاسما، كلما زاد اختلاف معايير المملكة المتحدة عن معايير الاتحاد الأوروبي، ينبغي أن تصبح عمليات التفتيش على الحدود أكثر تكلفة. لهذا السبب كان التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست ضعيفا، ولهذا السبب أدت اتفاقية أيرلندا الشمالية إلى تلك الضوابط الحدودية غير المرغوبة - وهي حقيقة أنكرها بوريس جونسون بالطبع.
حتى الآن، كما يظهر تقرير حديث من مؤسسة "بريطانيا في أوروبا المتغيرة"، وهي مؤسسة فكرية، كان الاختلاف الفعلي بسيطا. مع ذلك، التغيير أمر لا مفر منه، ولا سيما في المجالات التي اختفت فيها سياسة الاتحاد الأوروبي، خاصة في التجارة والزراعة ومصائد الأسماك والإعانات. هناك أيضا فرص للتغيير في مجالات مثل التمويل والمشتريات العامة والضرائب وحماية المستهلك والسياسة البيئية والطيران. أخيرا، هناك قطاعات أحدث، مثل المناخ والبيانات والاقتصاد الرقمي والسيارات ذاتية القيادة والعلوم الحيوية. إذن، من المؤكد أن التنظيم سيتطور في كل هذه المجالات.
السؤال هو ما إذا كان يمكن اختزال أي من هذه المشكلات بشكل معقول إلى هدف إلغاء آلاف اللوائح. الجواب لا. يتم تنظيم الاقتصادات الحديثة لأسباب قوية، العوامل الخارجية، والمخاطر النظامية، وعدم تماثل المعلومات وأوجه التباين في القوة لا تزال منتشرة على نطاق واسع. علاوة على ذلك، المملكة المتحدة جزء لا يتجزأ من الاتفاقيات الدولية والعلاقات العالمية التي لا يمكن للشركات والحكومة تجاهلها. إذا اختلفت المعايير البريطانية لحماية البيانات، مثلا، عن تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي، الشركات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها ستجد نفسها في وضع غير مؤات.
من الناحية العملية، إنشاء قواعد تنظيمية فاعلة يعد نشاطا معقدا من الناحية الفنية والسياسية. في بعض المجالات حدثت تطورات بالفعل. إصلاح السياسة الزراعية للاتحاد الأوروبي التي لا يمكن الدفاع عنها تجاه حماية التنوع البيولوجي وتحقيق أهداف الانبعاثات "الصفرية الصافية" يعد مثالا جيدا، كما هي الحال بالنسبة إلى سياسة الهجرة الليبرالية المفاجئة للعمال المهرة. لكن نظام الإعانات الجديد المرن في المملكة المتحدة يوفر فرصا للممارسات الاستغلالية، المثيرة للقلق.
سيكون التمويل أحد أهم مجالات الإصلاح التنظيمي. أشار ريشي سوناك، وزير المالية، إلى تفضيله للاختلاف التنظيمي، وبالتالي فقدان الوصول المؤاتي إلى الأسواق في الاتحاد الأوروبي لمصلحة الترويج للمملكة المتحدة، ولندن على وجه الخصوص، باعتبارها مركزا ماليا مفتوحا دوليا. بالتأكيد، هناك فرصة. لكن هناك أيضا خطر في رغبته في إدخال هدف ثانوي قانوني، لتوفير مزيد من التركيز على "النمو والقدرة التنافسية"، في اختصاصات سلطات السلوك التنظيمي والمالي التحوطية. لماذا قد يكون هذا خطيرا للغاية، حتى لو كان هدفا ثانويا؟ الإجابة هي أنها قد تحول المملكة المتحدة، مرة أخرى، إلى لاعب رئيس في سباق تنظيمي عالمي نحو القاع، مثل السباق الذي سبق الأزمة المالية 2008. قد يكون هدف النمو مقبولا، لكنه ليس هدفا تنافسيا.
قبل كل شيء، يجب تحديد مبادئ وممارسات التنظيم بصرامة. ربما يجب أن ننتقل من اللوائح التنظيمية المناهضة والعدائية إلى نهج أكثر ثقة وتعاونا، كما يشير كريستوفر هودجز من جامعة أكسفورد. الأمر الذي يجب ألا نفعله هو تجاهل اللوائح المهمة بشكل عشوائي. قد تكون هناك تكاليف كبيرة للسلامة والوصول إلى الأسواق وأهداف أخرى.
هناك بديل لإلغاء الضوابط التنظيمية، ابحث عن الرموز بدلا من ذلك. تقرير الحكومة حول الفوائد من بريكست يوضح الطريقة، من خلال التأكيد على عودة "جوازات السفر الزرقاء المميزة"، ومراجعة الحظر المفروض على استخدام رمزي الرطل والأوقية، والسماح بـ"رمز التاج" على أكواب نصف لتر. بالتأكيد، يمكن أن يجد ريس موج مزيدا من هذه الرموز. إذا كان الأمر كذلك، على حد تعبير الشاعر الروماني هوراس، ستدخل الجبال في حالة مخاض وسيولد فأر سخيف. ولادة الفئران أمر بسيط. ولادة الوحوش أمر خطير.

الأكثر قراءة