رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل ينفرد «الدب الروسي» بالعسل؟ «1»

خلال الأسابيع القليلة السابقة، ليس هناك موضوع يعلو على الأزمة الروسية - الأوكرانية، ونحوها تتجه أعين العالم بترقب وحذر. أثر هذه الأزمة يمتد إلى كثير من الدول والقطاعات وبنسب متفاوتة، فتأثر أوروبا في جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية وغيرها يختلف بلا شك عن تأثر الدول البعيدة. قطاع الطاقة، وعلى رأسه النفط، من القطاعات التي تتأثر لحظيا مما يحدث على الحدود الروسية - الأوكرانية، والمتابع لأسعار النفط وتذبذبها السريع واللافت على أثر أي تصريح يصدر من روسيا أو من حلف الناتو أو من الولايات المتحدة. كلما تم تصعيد الوضع على الحدود وشعر العالم أن طبول الحرب قرعت، ارتفعت أسعار النفط والغاز كذلك، حيث إن روسيا من أكبر منتجي العالم للنفط والغاز.
وفي اعتقادي، أن هذا السلوك السعري مبرر جدا، فإمدادات الطاقة وسلامتها تهم العالم أجمع. وزراء مالية "مجموعة العشرين" في اجتماعهم الأخير يقررون عمل كل ما يلزم للتعامل مع جائحة كورونا والسيطرة على التضخم الذي يؤرق كثيرا من دول العالم، وهم يقرون أن هناك فجوة بين العرض والطلب على النفط، وحرصاء على استقرار أسعار الطاقة باستخدام جميع الطرق المتاحة والتنسيق فيما يخص ذلك. جوزيف ماكمونيجل الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، صرح بأن أسعار النفط ستنخفض عندما يتم حل الأزمة الأوكرانية - الروسية، وهذا يقودنا إلى بعض الأسئلة الاستشرافية لأسواق النفط على المدى المباشر والقصير، فمن المستفيد من استمرار حالة عدم اليقين على الحدود الروسية - الأوكرانية، واستمرار حالة اللا حرب واللا سلم؟ ومن المتضرر من ذلك؟ وهل العالم عموما، وأوروبا على وجه الخصوص، تستطيع تحمل تبعات تدهور إمدادات الطاقة إليها من روسيا؟ وهل العالم يستطيع تحمل أسعار نفط مرتفعة جدا في حال نشوب حرب - لا قدر الله؟ وهل ارتفاع أسعار النفط حاليا بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا فقط؟ في رأيي أن استمرار حالة عدم اليقين لأسواق النفط وحالة اللا حرب واللا سلم بين موسكو وكييف وحلفائها ستبقي أسعار النفط مستقرة في مستويات الـ90 دولارا للبرميل، وإن كان هناك تذبذب بسبب التصريحات من الأطراف ذات العلاقة في هذه القضية، فإن التذبذب سيكون ضيقا في حدود 5 إلى 8 في المائة في توقعي. هذه الأسعار مناسبة جدا للمنتجين ومنهم روسيا! لكن كما هو معلوم أن الدول المستهلكة تود انخفاض الأسعار إلى مستويات أقل من المستويات الحالية، وهذا ليس سرا، فقد حاول البيت الأبيض مرارا وتكرارا الطلب من السعودية رفع إنتاجها لخفض الأسعار، لكن الرياض ردت أن هذه الخطوة، إن دعت الحاجة إليها، ستكون من خلال "أوبك +".
سيناريو نشوب حرب وغزو روسيا لأوكرانيا مطروح وخبراء السياسة لا يستبعدون هذا الخيار، وعليه من المهم استشراف أسواق النفط وقطاع الطاقة عموما في حال تم ذلك، ولو أنني أستبعد ذلك من منظور اقتصادي، نظرا لتبعاته السلبية على جميع أطراف النزاع. فالحرب تعني ارتفاع أسعار الطاقة، وعلى رأسها النفط، إلى مستويات قياسية، وهذا ما لا توده أوروبا وأمريكا وجميع المستهلكين، والحرب تعني أيضا عقوبات مالية واقتصادية على روسيا، ولذلك تبعات أخرى، سأسلط عليها الضوء في المقال المقبل من هذه السلسلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي