«صدمة زوك» حكاية تحذيرية لأسواق الأسهم

«صدمة زوك» حكاية تحذيرية لأسواق الأسهم

أسهم شركات التكنولوجيا التي تضررت بشدة قادت المستثمرين إلى الطريق المؤدي إلى قمة تل كبير جدا. هل هي على وشك قيادتهم للأسفل مرة أخرى؟
لأعوام، كان أصحاب التصرف الانفعالي قلقين من الدور الضخم الذي تلعبه شركات التكنولوجيا الكبرى في أسواق الأسهم الأمريكية. معا، تمثل أكبر عشرة أسهم، معظمها في مجال التكنولوجيا، نحو ثلث القيمة السوقية الكاملة لمؤشر إس آند بي 500 وهذا أعلى كثيرا من التركيز الذي لوحظ في ذروة فقاعة التكنولوجيا السابقة عام 2000.
لذا، حالة المستثمر المتشائم تتلاشى، إذا اصطدم المستثمرون بعقبة، فإن بقية السوق يمكن أن تسقط معهم. حتى أكثر مديري الصناديق تفاؤلا وضعوا هذا في عقلهم الباطن منذ فترة طويلة قبل تفشي الوباء.
هذا لا يهم. حتى الآن.
ميتا ـ المعروفة باسم فيسبوك قبل أن يقرر الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج أن البشر العاديين سيستمتعون بالتواصل مع أصدقائهم البشر العاديين على هيئة أفتار على طريقة التسعينيات – أطلقت الأسبوع الماضي تحذيرا استثنائيا بشأن مستقبلها، أدى إلى ترنح سهمها والسوق الأوسع في آن معا.
اختفى أكثر من 230 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة عندما انخفضت الأسهم 26 في المائة بعد أن أقر زوكربيرج أنه كان يشعر استياء من المنافسة. تدمير القيمة الذي حدث يعادل تقريبا الحجم الكامل لشركة إنتل، أو أكثر من شركة ماكدونالدز، وكان كافيا لإنتاج أسوأ يوم لمؤشر إس آند بي 500 للأسهم الأمريكية على مدى أكثر من عام. إنه أكبر انخفاض من حيث القيمة المطلقة في القيمة السوقية لشركة أمريكية على الإطلاق. هل وصلتك الفكرة.
أدرك جميع المستثمرين العقلاء إلى حد كبير أن 2022 سيكون رحلة أكثر صعوبة من 2021، خصوصا أن البنوك المركزية الكبرى تستعد الآن لسحب الدعم الذي ضخته في النظام المالي عندما تفشى كوفيد - 19. لكن القليل منهم توقع ذلك.
كانت السوق قد بدأت للتو التعافي من ضربة تلقتها في كانون الثاني (يناير). لكن الآن جاءت "صدمة زوك" لتقلل من قيمة الأساس الذي تقوم عليه السوق.
الحجم، بالطبع، مهم في هذا الصدد. قال ديفيد أولدير، رئيس قسم الأسهم في "كارمينياك": "عندما تكون هذه الشركات ذات قيمة سوقية تراوح بين 300 مليار دولار وتريليون دولار وتنخفض 25 في المائة، فإن هذا يسبب كثيرا من الألم".
الخلفية مهمة أيضا. منذ كانون الأول (ديسمبر)، كان من الواضح جدا أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد غير رأيه. إنه ينوي حقا رفع أسعار الفائدة لإخماد الارتفاع غير المريح في التضخم، ولن يتدخل ميكانيكيا أو سريعا إذا كانت الأسواق تتخلص من الأصول المنخفضة استجابة لذلك. هذا يكشف الزبد الذي تراكم في الأسواق المالية.
الكثير من المكاسب في أسهم التكنولوجيا لم يكن فقط بسبب ربحية القطاع ولكن أيضا نتيجة للمضاربة واسعة النطاق والتدفق الهائل للأموال إلى أسواق الأسهم. وقد أدى هذا إلى ارتفاع معدلات التقييم للشركات.
هذا يعني أن كثيرا من مديري الصناديق الذين يعتقدون أنهم قاموا برهانات ذكية على مستقبل الاقتصاد العالمي هم في الواقع، على الأقل جزئيا، متسابقون في الزخم مثل أي شخص آخر.
قال أولدر: "الكثير مما رأيناه فيما يتعلق بالارتفاع في أسهم التكنولوجيا هو توسع مضاعف. لا أحد يريد أن يقول ذلك لأن الجميع يعتقد أنهم عبقريون، بمن فيهم أنا. ولكنه كذلك".
المخاطر الواسعة التي تتجاوز القطاع تشمل التدخل التنظيمي بشأن مخاوف مكافحة الاحتكار أو الخصوصية. لكن، بشكل حاسم، لم يكن الأسبوع الماضي فظيعا بشكل عشوائي لأسهم التكنولوجيا الأمريكية البارزة.
لقد عانت "باي بال" و"سبوتيفاي"، كما عانت "نتفليكس" سابقا. لكن أسهم أمازون ارتفعت بعد أن أظهرت الشركة أنها لا تزال تتمتع بالقدرة على فرض أسعار أعلى من العملاء مقابل خدماتها الرئيسة. تراجعت الأسهم في مجموعة وسائل التواصل الاجتماعي سناب 24 في المائة في منتصف الأسبوع لكنها انتعشت بمقدار النصف تقريبا في نهاية الأسبوع.
قال إيان هارنيت من "أبسولوت استراتيجي ريسيرش": "كانت المشكلة الحقيقية لميتا هي تقييمها". بينما كانت معدلات الاحتياطي الفيدرالي منخفضة ومستقرة، كان نمو أرباحها التاريخية لكل سهم كافيا لتبرير مضاعف مرتفع. لكن نظرا إلى أننا نرى خطر ارتفاع معدلات الفائدة، فإنه يعرض الشركات ذات القيمة العالية لأي نوع من فقدان الأرباح".
هذا هو السبب في أن صدمة زوك تعد قصة تحذيرية. بالنظر إلى حجم الشركات الكبرى، إذا أدى تراجع تدفق السيولة إلى الكشف حتى عن واحدة منها، فسيؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بكثير من المستثمرين.
كانت تاتجانا بوهان، نائبة كبير مسؤولي الاستثمار في "توبام"، شركة إدارة الأصول الكمية الفرنسية التي تدير عشرة مليارات دولار، قلقة لبعض الوقت بشأن دور ما تسميه أسهم "الفيل الكبير".
لفتت بوهان الأنظار إلى أن التركيز ليس مجرد ظاهرة أمريكية. في الأسواق الناشئة لا يحتاج المرء إلا إلى إلقاء نظرة على صدمة السوق الأوسع الناجمة عن حملة التكنولوجيا الصينية العام الماضي ليرى أنه عندما تسقط الأفيال الكبيرة، فإنها تسبب الفوضى.
قالت: "يمتلك المستثمرون اليوم جزءا كبيرا من محافظهم سواء في الصناديق المتداولة في البورصة التي تتبع المؤشرات المرجحة بالرسملة أو شيء قريب جدا منها". أضافت: "لقد تراكم لدى كثير من المستثمرين اليوم تركيزا كبيرا للمخاطر في محافظهم الاستثمارية بسبب ذلك. حتى إذا كنت تستثمر على نطاق واسع في السوق، قد تعتقد أنك متنوع، وأنت لست كذلك. أنت محمل بنوع معين من المخاطر".
حظا سعيدا.

الأكثر قراءة