خطة المملكة المتحدة توضح كيف يجب ألا تتعامل مع نقص العمالة
المشكلة التي خططنا لها ليست هي المشكلة التي لدينا. وبدلا من ارتفاع معدلات البطالة ونقص الوظائف، أدى الوباء إلى نقص في العمال في عديد من الدول. أعلنت حكومة المملكة المتحدة الأسبوع الماضي خطة للتعامل مع هذا التحدي. إنه مثال رئيس على ما لا يجب فعله.
في مواجهة رقم قياسي يبلغ 1.2 مليون وظيفة شاغرة، يريد الوزراء "إخراج نصف مليون شخص من الرعاية الاجتماعية وجعلهم يعملون". بموجب القواعد الجديدة، سيتعين على الباحثين عن عمل الذين يحصلون على إعانات البطالة البحث عن وظائف خارج مهنتهم أو قطاعهم المفضل بدءا من الأسبوع الرابع من مطالبتهم بالإعانات، بدلا من البحث بعد ثلاثة أشهر. إذا رفضوا عرض عمل بعد الأسبوع الرابع، فستتم معاقبتهم بقطع الإعانات.
هذا حل سيئ لمشكلة غير موجودة. والأسوأ من ذلك أنه قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة الموجودة بالفعل.
أولا، ستؤثر السياسة فقط في شريحة صغيرة من الأشخاص على الائتمان الشامل، وهو نظام الإعانة الأساس في المملكة المتحدة. من بين 5.7 مليون حصلوا على ائتمان شامل، كان 433 ألفا فقط قد استفادوا منه لمدة تقل عن ثلاثة أشهر، منهم 179 ألفا فقط كانوا باحثين عن عمل.
ثانيا، لا يوجد دليل يشير إلى أن العاطلين عن العمل حديثا يتباطأون في العثور على عمل. ارتفع عدد الأشخاص الذين ينتقلون كل ربع عام من البطالة إلى العمل إلى أكثر من نصف مليون، وهو أعلى رقم منذ ما يقرب من عقد من الزمان. انخفض معدل البطالة بسرعة إلى 4.1 في المائة، بالقرب من أدنى مستوى في سوق العمل قبل انتشار الوباء. البطالة قصيرة الأجل هي الأدنى على الإطلاق.
ربما يكون هذا بسبب وجود حوافز قوية بالفعل في المملكة المتحدة للأشخاص للعثور على عمل بسرعة. إعانة البطالة الأساسية لشخص بالغ يزيد عمره على 25 عاما أقل بقليل من 325 جنيها استرلينيا في الشهر - أقل بكثير من إعانة الحكومة الخاصة للفقر المدقع، وفقا لمؤسسة ريسلوشن فاونديشن الفكرية. كنسبة مئوية من الدخل السابق للباحث عن عمل، تتمتع المملكة المتحدة بأحد أدنى إعانات البطالة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
السبب في أن المملكة المتحدة لديها نقص في العمال ليس لأن الباحثين عن عمل يصعب إرضاؤهم. بل لأن جيشا من الناس قد ترك سوق العمل كليا. يقدر معهد دراسات التوظيف أنه لا يزال هناك 600 ألف شخص أقل يعملون مما كان عليه الوضع قبل الوباء، وأكثر من مليون أقل مما لو استمر الاتجاه السابق للأزمة المتمثل في زيادة مشاركة القوى العاملة. ما يقرب من ربع هذه الفجوة سببها أن عدد المهاجرين أصبح أقل، في حين أن ثلاثة أخماس "60 في المائة" سببها العمال الأكبر سنا الذين يغادرون سوق العمل. إضافة إلى ذلك، يدرس مزيد من الشباب، ويقول عدد متزايد من الناس إنهم مرضى للغاية بحيث لا يمكنهم العمل - ربما بسبب مرض كوفيد الطويل، على الرغم من أننا لا نملك بيانات كافية حتى الآن لمعرفة ذلك.
كما شهدت دول أخرى مثل الولايات المتحدة انخفاضا في المشاركة أيضا. صانعو السياسة ليسوا بالضرورة عاجزين عن مواجهة هذه الاتجاهات، لكن العقوبات الأكثر صرامة على الباحثين عن عمل لن تساعد. حتى إنهم قد يجعلون الأمور أسوأ. تظهر معظم الدراسات الأكاديمية أن العقوبات تدفع مزيدا من الأشخاص إلى العمل، لكنها قد تدفع البعض إلى التخلي عن العمل تماما، مثلا عن طريق الانتقال إلى التقاعد المبكر أو اقتصاد الظل. وجدت دراسة لبيانات المملكة المتحدة أجراها مكتب التدقيق الوطني أنه بعد العقوبة، كان من المرجح أن يتوقف الناس عن المطالبة بالإعانات دون العثور على عمل بقدر احتمال توقفهم عن العثور على عمل.
قد يؤدي جعل الناس يقبلون وظائف خارج مجالهم إلى فرص جديدة، ولكنه قد يدفع البعض إلى أدوار غير مناسبة لا توظف مهاراتهم. يمكن أن تستغرق عملية التوظيف للحصول على وظيفة لائقة من تقديم الطلب إلى العرض أكثر من أربعة أسابيع، خاصة إذا كانت تتضمن أكثر من جولة واحدة من التقييمات أو المقابلات. وجدت الأبحاث في السويد أن الأشخاص الذين عوقبوا كانوا أكثر عرضة لأن ينتهي بهم الأمر في وظيفة بدوام جزئي في مستوى مهني أدنى، "ما يتسبب في خسائر في رأس المال البشري". من الصعب أن نرى كيف سيدعم هذا الهدف المعلن للحكومة لتعزيز "اقتصاد عالي الأجور، ومهارات عالية، وإنتاجية عالية".
قد لا تستفيد الشركات التي لديها وظائف شاغرة أيضا. وجدت دراسة استقصائية لأصحاب العمل في المملكة المتحدة والدنمارك أن كثيرين لا يحبون شروط الرعاية الاجتماعية، التي شعروا أنها أدت إلى قيام أعداد كبيرة من الأشخاص غير المناسبين بالتقدم لشغل وظائف شاغرة لمجرد أنهم سيفقدون إعاناتهم لولا ذلك. معظم أرباب العمل "يريدون تطابقا وظيفيا، وليس قوة عاملة مجندة"، كما أوضحت إليزابيث تايلور، الرئيسة التنفيذية لجمعية الخدمات المرتبطة بالتوظيف.
هناك مناقشات جادة يجب أن نخوضها حول سبب مغادرة الناس لسوق العمل وكيف يمكن لصناع السياسات الاستجابة. لكن هذه السياسات صنعت مع جهل بالحقائق وغير مبالاة بالعواقب على الأفراد وأرباب العمل والاقتصاد.