رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تضخم أسعار السيارات

قادت الإجراءات الاحترازية ضد جائحة كورونا، إلى إغلاق مصانع السيارات حول العالم، بشكل شبه كلي خلال الربع الثاني من 2020، كما تعرضت الصناعة لإغلاقات متفاوتة عبر العالم في فترات مختلفة من العام نفسه. ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث واجهت صناعة السيارات صعوبات أخرى في 2021 نتيجة شح إمدادات الرقائق الإلكترونية، والطلب المتزايد عليها من قبل قطاعات أخرى. وازداد اعتماد صناعة السيارات على الرقائق الإلكترونية مع التطورات التقنية المتلاحقة في الصناعة، وزيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة في جميع مجالات الحياة. وأدى شح الرقائق الإلكترونية إلى خفض إنتاج عديد من أنواع السيارات، وخفض ساعات العمل في المصانع. كما واجهت الصناعة تحديا إضافيا خلال الفترة الماضية، متمثلا في معضلات سلاسل التوريد، أعاق الإنتاج جزئيا، كما ازدادت تكاليف الشحن. في الجانب المقابل، تشهد الصناعة تغيرات في خصائص الطلب على السيارات، حيث يزداد التركيز على الأتمتة والخصائص الإلكترونية، وخفض الانبعاثات، وكهربة السيارات، وخفض استهلاك الوقود.
قويت شبكات ترابط صناعات السيارات حول العالم في الأعوام الأخيرة، حيث أضحت شركات السيارات شركات عالمية وزعت مراحل إنتاجها عبر المعمورة. وتسعى الشركات من خلال ذلك إلى تحقيق مكاسب اقتصادية إما بخفض التكاليف، أو الاستفادة من امتيازات الإنتاج في الأماكن الجغرافية، أو الوصول لمزيد من الأسواق والعمالة المتخصصة أو منخفضة التكاليف، أو زيادة المبيعات والقدرات التنافسية. وأدت التطورات التقنية المتلاحقة، وتعقد وزيادة مراحل الإنتاج، والعولمة، والانفتاح على الاستثمار، وارتفاع مستويات المنافسة والتخصص في الصناعة، إلى تفتت صناعة السيارات ومكوناتها، وانتشارها في مجالات جغرافية واسعة، وتراجع القيمة المضافة في أماكن تجميع السيارات النهائي. ومع أن مبيعات شركات السيارات الرئيسة هائلة إلا أن القيمة المضافة لها قد تنخفض إلى 20 في المائة.
بلغ الإنتاج العالمي للسيارات أعلى مستوياته في 2017، حيث وصل إلى نحو 97 مليون سيارة. بعد ذلك تراجع الإنتاج العالمي في العامين التاليين، وانخفض في 2019 بنحو 6 في المائة بسبب اشتداد المتطلبات البيئية وضعف الطلب العالمي. بعد ذلك تعرض إنتاج السيارات العالمي إلى ضربة قوية نتيجة للإغلاق العظيم في 2020، حيث انخفض بنسبة 15 في المائة إلى نحو 78 مليون سيارة. أما في 2021 فلا تتوافر بيانات عن العام بأكمله، لكن من المؤكد أنه أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة بما قد يصل أو يتجاوز عشرة ملايين سيارة. وتنتج الصين حاليا ما يقارب سيارة من كل ثلاث سيارات في العالم، بينما تنتج الولايات المتحدة واحدة من كل ثماني سيارات، تليها اليابان بواحدة من كل تسع سيارات.
شهدت أسعار السيارات في أسواق دول العالم زيادة متواصلة ومبالغا فيها خلال العامين الماضي والحالي. وتشير البيانات إلى ارتفاع كبير في أسعار السيارات الجديدة والمستخدمة على حد سواء. وأدى تراجع إنتاج السيارات عبر العالم، إلى خفض كبير في عرض السيارات الجديدة وانتشرت ظاهرة حجز السيارات قبل وصولها إلى بائعيها. في المقابل تراجع الطلب على السيارات عند نشوب الجائحة، ما قاد إلى تأجيل قرارات الشراء لدى جزء كبير من المستهلكين، لكن تدني تكاليف الاستدانة والتحويلات الحكومية وعودة الأنشطة الاقتصادية رفعت الطلب على السيارات العامين الماضي والحالي. وقادت الفجوة بين الطلب على السيارات وعرضها، إلى زيادة الضغوط على أسعار السيارات الجديدة، ما أجبر أعدادا متزايدة من المستهلكين على البحث عن سيارات مستعملة. في الوقت نفسه، رفع تراجع عرض السيارات المستعملة - نظرا لإحجام المستهلكين أفرادا ومؤسسات عن بيع سياراتهم - أسعار السيارات المستعملة بنسب تفوق تضخم أسعار السيارات الجديدة. وتشير بيانات أسعار المستهلك في الولايات المتحدة، إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة بنسبة 12 في المائة تقريبا خلال 2021، بينما ارتفعت أسعار السيارات المستخدمة بنسبة 37 في المائة. ويعاني عديد من أسواق السيارات في دول العالم زيادات غير منطقية في أسعار السيارات. أما بالنسبة للأسواق المحلية في المملكة، فهناك زيادات كبيرة في أسعار السيارات الجديدة والمستعملة، وأضحت أسعار السيارات المستعملة المشتراة منذ عام أو عامين تضاهي أسعار السيارات الجديدة التي يوصي بها المصنعون، وفي بعض الأحيان تتجاوزها.
عموما تعاني أسواق السيارات ممارسات مشبوهة في الأوقات الاعتيادية، ويواجه المستهلكون استغلالا واضحا من الوكلاء والموزعين. وهذا ناتج من تمتع الوكلاء والموزعين بقوى احتكارية، وإن كانت محدودة عند توافر السيارات، إلا أنها تقوى عند تراجع الإمدادات، كما هو الحاصل حاليا. ولهذا نرى بعض الوكلاء يحاولون تحقيق مكاسب إضافية من خلال إجبار المستهلكين على شراء مميزات إضافية محلية لخفض فترات انتظار وصول السيارات، كما يمكن ملاحظة اختفاء عروض تخفيضات الأسعار، وتراجع حملات إغراء المستهلكين، وكذلك توافر سيارات جديدة لدى الموزعين ولكن بعلاوات أسعار كبيرة عن أسعار الوكلاء، قد تصل إلى 20 في المائة عن أسعار الانتظار لدى الوكالات. ويمارس بائعو السيارات المستعملة ممارسات أسوأ حيث يجتهدون في إخفاء عيوب السيارات المستخدمة وحوادثها ومعلوماتها. ويتطلب التعامل مع ازدياد الممارسات المشبوهة في أسواق السيارات تدخلا أقوى من الجهات المسؤولة وأكثر فاعلية وحماية للمستهلك للحد من الاستغلال المفرط للشح في عرض السيارات. ويتحمل المستهلك بدوره مسؤولية أكبر من خلال مقاومة ابتزاز المسوقين، ورفض دفع أسعار تفوق الأسعار الموصى بها من قبل مصنعي السيارات، حتى تأجيل قرارات الشراء إلى الوقت المناسب، إن أمكن ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي