نمو اقتصاد المملكة 2021 والفرص المستقبلية

في واحد من المؤشرات الإيجابية للاقتصاد في المملكة، حجم النمو الذي فاق التوقعات للاقتصاد في المملكة 2021، حيث جاء في خبر لصحيفة "الاقتصادية" عن تقديرات للهيئة العامة للإحصاء، "نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي بالأسعار الثابتة 6.8 في المائة خلال الربع الرابع من العام الماضي، وبذلك يسجل العام الماضي كاملا نموا 3.3 في المائة". ووفق رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" جاء النمو في الربع الرابع من العام الماضي نتيجة لارتفاع القطاع النفطي 10.8 في المائة بسبب ارتفاع إنتاج السعودية من النفط لمواجهة الطلب المتزايد على الخام عالميا، وارتفع القطاع غير النفطي 5 في المائة، كما ارتفع القطاع الحكومي 2.4 في المائة. وكانت الحكومة السعودية قد توقعت تحقيق نمو اقتصادي 2.9 في المائة خلال العام الماضي 2021. هذا المؤشر إيجابي باعتبار أنه يفوق التوقعات، ويشير إلى قدرة الاقتصاد السعودي على التعافي بعد الأثر البالغ للجائحة في العالم، حيث ما زال كثير من دول العالم يعاني أثر الجائحة ويجد صعوبة في الخروج من الأزمة والتعافي للاقتصاد، إلا أن الاقتصاد في المملكة بدأ يعاود نشاطه ويعود إلى حجمه قريبا من 2019، مع نمو متوقع كبير خلال العام الجاري 2022.
من الملاحظ أنه من خلال التقرير، يأتي النمو بصورة كبيرة من القطاع النفطي، ومن المعلوم أن أسعار النفط اليوم ارتفعت بصورة كبيرة لم تكن متوقعة بالشكل الذي يشاهد، حيث تجاوزت 90 دولارا في حين كانت تشير التوقعات إلى أقل من 80 دولارا للبرميل، إلا أن الطلب الكبير حول العالم كان مفاجئا للأسواق وجعل المنتجين في منظمة "أوبك +" يميلون إلى زيادة الإنتاج لهذه الفترة، حيث تلبي هذه الزيادة حاجة السوق، كما أن القطاع غير النفطي نما بصورة أبطأ وهو 5 في المائة، وهذا النمو للقطاع غير النفطي جيد في ظل التحديات التي تواجه الأسواق، مثل صعوبات تتعلق بالإمدادات والتضخم.
التحديات للاقتصاد العالمي والاقتصاد في المملكة كبيرة بسبب بقايا تأثيرات الجائحة والتحديات التي تتعلق بالتضخم، حيث وصل التضخم في الولايات المتحدة إلى معدل 7 في المائة وأرقام تصل إلى قريب من 6 في المائة في بعض الدول في أوروبا، وأصبح العالم أمام خيارات صعبة في هذه المرحلة، التي يمكن أن تؤثر في حالة التعافي التي يعيشها العالم، كما أن نقص بعض المواد التي تدخل في الإنتاج ومشكلات الشحن يعد من التحديات التي تواجه الاقتصاد اليوم.
المملكة تعمل على تحقيق تحول كبير من خلال إعادة هيكلة الاقتصاد تجاه تحقيق رؤية 2030 التي تركز على عنصر الاستدامة، وألا يكون الاعتماد في الدخل على النفط، بل على التنوع في مصادر الدخل من خلال مجموعة من البرامج والمبادرات.
التحديات التي تواجه العالم اليوم يمكن أن تمثل فرصة للمملكة والمنطقة، حيث إن المشكلات الاقتصادية ترتكز في جزء كبير منها على نقص الإمدادات وتكلفة الشحن وأهمية الوقود والمواد الأولية التي تدخل في الصناعات المختلفة. وبالنظر إلى الصورة العامة يمكن أن تكون للمملكة والمنطقة ميزة نسبية تجعلها خيارا مميزا للاستثمارات بمختلف صورها، حيث تقع السعودية في موقع استراتيجي يتوسط العالم، سواء فيما يتعلق بالنقل البري أو البحري أو الجوي، كما أن المشاريع الخاصة بالبنية التحتية والخدمات اللوجستية ستعزز من تنافسية المملكة كوجهة مميزة للاستثمار، إضافة إلى العمل على تطوير البرامج التعليمية والتدريبية بما يلبي حاجة السوق والخطط والبرامج المستقبلية، واتجاهات الاقتصاد في المستقبل بما يلبي حاجة الاستثمارات من الكفاءات المميزة.
الخلاصة: إن النمو للاقتصاد للعام الماضي كان جيدا عطفا على التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، سواء بسبب أزمة كوفيد - 19، أو التحديات التي تتعلق بالتضخم أو الإمدادات أو الشحن، وهنا تبرز أهمية الفرص التي يمكن أن تولدها هذه الأزمة، ويمكن أن يستفيد منها اقتصاد المنطقة، خصوصا المملكة باعتبار موقعها الاستراتيجي وسط هذا العالم، والبرامج الاقتصادية التي تتعلق بتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية، وتوافر الوقود وكثير من المواد الأولية والتحويلية والمعادن، إضافة إلى الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي يمكن أن يجعل من المملكة الخيار الأفضل للاستثمار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي