رواد أعمال الجائحة يمكنهم قيادة موجة جديدة من التدمير الخلاق

رواد أعمال الجائحة يمكنهم قيادة موجة جديدة من التدمير الخلاق
الطريق السريع I-93 في بوسطن يعد استعارة جيدة لأحدث التحولات في الحياة الوظيفية.

يعد الطريق السريع I-93 في بوسطن الذي كان يوما ما مسدودا بحركة المرور والآن مدمرا، استعارة جيدة لأحدث تحول في حياتنا الوظيفية، وفقا لفيل ليبين رائد العمل. بصفته مقيما في المدينة الأمريكية لمدة 18 عاما، يتذكر ليبين المنافع التي أتت من هدم الجسر الفخم الذي كان يقسم المدينة إلى نصفين. بمجرد إعادة توجيه حركة المرور عبر أنفاق "بيج ديج" التي تم بناؤها في التسعينيات، ازدهرت بوسطن، وأعادت ربط المجتمعات المنفصلة وافتتحت أكثر من 45 متنزها مورقا.
بالنسبة إلى ليبين، فإن بنية العمل المكتبي خلال 80 عاما الماضية تمثل الجسر المدمر القديم، الذي يسيطر على مركز حياة كثير من الناس. لكن التعطيل الناجم عن الجائحة قد مزق الآن هذه البنية التحتية "غير الضرورية وغير الإنسانية"، ما سمح للموظفين بالازدهار في داخل عالم المكتب وخارجه، وإعادة الاتصال بالعائلة والأصدقاء واغتنام الفرص الجديدة.
تعطل تقريبا كل جانب من جوانب المجتمع بسبب الجائحة، كما يخبرني، ما يرقى إلى التحول الأكثر عمقا للحضارة في حياته. ويقول ليبين، الذي يدير شركة اتصالات عبر الفيديو خارج بنتونفيل، أركانساس "إن العالم في أكثر مراحله تغيرا".
أما الآن، فإن رواد الأعمال ليسوا غرباء على المبالغة. ويبدو أن المستثمرين، الذين كانوا يتخلصون من أسهم جائحة البقاء في المنزل التي كانت يوما ما رائجة، مثل شركة بيلوتون وشركة نتفليكس وشركة زووم، يتبنون وجهة النظر المعاكسة بأن عالم ما بعد الجائحة قد يبدو بشكل مدهش مثل عالم ما قبل الجائحة. على مضض أم لا، يتم إقناع كثير من الموظفين بالعودة إلى المكتب.
لكن تعليق "جسر المكاتب"، مؤقتا على الأقل، تزامن مع انفجار غير عادي للشركات الجديدة على مدار 18 شهرا الماضية في كثير من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وعلى الأخص الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا واليابان. لقد حير هذا الاتجاه الاقتصاديين لأنه يختلف كثيرا عن التجربة السابقة. ومع ذلك فقد يشير إلى تغيير أكثر عمقا، ما يؤذن بـ"نهاية مرحب بها ومزعجة لعقد ضائع من ريادة الأعمال الأمريكية"، وفقا لمجموعة الابتكار الاقتصادي ومقرها واشنطن.
بعد الركود الكبير الذي أتى بعد الأزمة المالية لـ2008، كانت الشركات الأمريكية تصل إلى نهايتها بشكل أسرع من ولادتها. وتوقع بعض الاقتصاديين أن يتبع الانكماش الاقتصادي الأخير نمطا مشابها. لقد أفلس كثير من الشركات الصغيرة بالفعل أثناء الجائحة. قد يؤدي الدعم الحكومي الهائل، الذي يستهدف في الغالب الشركات الكبيرة القائمة، إلى قمع المشاريع الجديدة. لكن تم تقديم 5.4 مليون طلب لتأسيس شركات جديدة في الولايات المتحدة العام الماضي، ويعد رقما قياسيا.
ويقول جون ليتيري، الرئيس التنفيذي لشركة إي آي جي "من الصعب المبالغة في تقدير الفرق بين هذه الأزمة والأزمة الكبرى الأخيرة. لقد حدث الأمر حقا بين ليلة وضحاها. إن السؤال الكبير المفتوح يدور حول الديمومة. لكنني أعتقد أن هناك فرصة تاريخية لإعادة ضبط المشهد الأمريكي نحو مستقبل أكثر ريادة عملية وإنصافا".
إلى حد ما، تعكس الزيادة يأس أولئك الذين طردوا من العمل واضطرارهم إلى إنشاء شركاتهم الاقتصادية المؤقتة. لكنه يعكس الفرص الجديدة، خاصة في التجارة الإلكترونية، لخدمة من يعملون من المنزل. وقد يكون هناك حافز آخر قدمه تدفق رأس المال إلى قطاع الشركات الناشئة. فوفقا لبيانات شركة بيتش بوك، إن الشركات المدعومة برأس المال المغامر في الولايات المتحدة جمعت 329.6 مليار دولار في 2021، أي نحو ضعف الرقم القياسي السابق المسجل في العام السابق.
وربما كان العامل الأكبر وغير الملموس هو التغيير في العقلية في كثير من الدول التي ضربتها الجائحة. وتقول روكسان فارزا، وهي مديرة حرم ستايشن إف الضخم في باريس الذي استضاف 3800 شركة ناشئة منذ افتتاحه قبل خمسة أعوام "اكتشف الناس فجأة أنه يمكنهم العمل من حيث يريدون والقيام بما يريدون. كان هناك تحول ثقافي ضخم نحو ريادة الأعمال. كان للأزمة تأثير محفز".
بناء على الخبرة السابقة، ستفشل معظم هذه الشركات الجديدة أو ستفشل في النمو. لكن أولئك الذين نجحوا يمكن أن يساعدوا على تحويل الاقتصادات في جميع أنحاء العالم. تظهر البيانات الأمريكية التاريخية أن الزيادات في تكوين الشركات الجديدة أدت، في فترة زمنية قصيرة، إلى زيادات مشابهة في الإنتاجية، كما يقول جون هالتيوانجر، وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة ماريلاند "إن الشركات الأصغر أعمال مبتكرة للغاية، وتضع ضغطا تنافسيا على الشركات الناضجة وتؤدي إلى نمو الإنتاجية".
كثير من الحكومات عازمة حاليا على تنظيم شركات التكنولوجيا الكبيرة، لأسباب مفهومة. لكن هذا لا ينبغي أن يصرفها عن رعاية جيل جديد من رواد أعمال فترة كوفيد المدمرين بشكل إبداعي، الذين قد يكونون في أفضل وضع لاستغلال مجمعات الشركات في عالم ما بعد الجائحة.

الأكثر قراءة