الفائزون والخاسرون يخرجون من أزمة سلسلة التوريد الأمريكية
بدأت الانقسامات تظهر في استجابة الشركات الأمريكية لأزمة سلسلة التوريد التي تتوقع أعداد متزايدة من المديرين التنفيذيين أن تستمر طوال العام، ما ينذر بموجة من الإنفاقات على السعة الجديدة، والبيانات الأفضل والدعم للبائعين الأضعف.
في موسم الأرباح هذا، اشتكت الشركات من حالات النقص، والتأخير وارتفاع التكاليف في ربع تدافعت فيه لشراء أشباه الموصلات، وتركت في انتظار وصول المكونات لكنها عانت الآثار التي ترتبت على عجز الموردين عن ملء الشواغر الوظيفية.
وقد كشف الموسم الذي تصدر فيه التقارير عن مدى اختلاف ضغوط الإمداد في التأثير في أكبر الشركات في البلاد، ومع ذلك، فقد أعرب البعض عن ثقتهم بأنهم تجاوزوا الأسوأ، بينما لا يزال البعض الآخر يكافح لوضع الاضطرابات وراءهم.
وبالنسبة إلى شركة أبل، التي حذرت من أن القيود على سلسلة التوريد قد تكلفها ستة مليارات دولار في الأشهر الثلاثة حتى كانون الأول (ديسمبر)، فقد تحدت مخاوف وول ستريت من أن الخسائر قد تصل إلى عشرة مليارات دولار وطمأنت المستثمرين بأنها تتوقع ظروفا أفضل في هذا الربع من العام.
كما أشادت المجموعات مثل 3إم، وفريبورت-ماكموران وجينيرال دايناميكس بقدرتها على التغلب على التحديات التي تسببها سلسلة التوريد، لكن آخرين أفادوا بحدوث تدهور خطير غير متوقع في الربع الرابع أو حذر بعضهم من أن الاضطرابات ستستمر في الأشهر المقبلة.
وقالت "جنرال إلكتريك"، "إن النقص في أشباه الموصلات، وصمغ الراتنج، وقطع الغيار والعمالة قد أثر في مبيعاتها ربع السنوية بنحو ثلاث نقاط مئوية"، بينما اعترفت "كاتربيلر" بأن التحديات كانت أكبر من توقعاتها.
وحذرت شركة مونديليز من أن "الرياح المعاكسة" للإمدادات في أمريكا الشمالية ستزداد قوة خلال هذا الربع، وستحافظ على ارتفاع التكاليف في معظم الأوقات من هذا العام.
فيما قال إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للمحللين "إن سلسلة التوريد ستكون المحدد الأساسي للإنتاج هذا العام"، مضيفا أن "النقص في الرقائق الذي تواجهه الشركة قد لا تخف حدته حتى 2023".
وقالت شركات من بينها في إف كورب، مجموعة الملابس التي تملك "ذا نورث فيس"، "إنها نقلت بعض عمليات الإنتاج إلى الموردين بالقرب من أكبر أسواقهم". بينما أشادت "إنتل، وتسلا وتكساس إنسترومينتس" بالاستثمار الأخير في مرافق أشباه الموصلات الجديدة، قائلة "إنه سيمنحها مزيدا من السيطرة على إنتاج المكونات الرئيسة".
وأوضح تيم رايان، رئيس شركة بي دبليو سي يو إس، أن الشركات التي لديها عدد أكبر من الموردين المحليين وتلك التي تحركت قبل انتشار الجائحة من أجل توسيع سلاسل التوريد الخاصة بها كانت أفضل حالا من الشركات الأخرى التي لديها لوجستيات عالمية أكثر تعقيدا.
وقد أظهر استطلاع أجرته شركة بي دبليو سي في منتصف كانون الثاني (يناير) للمديرين التنفيذيين الأمريكيين أن أقل من نصف الاضطرابات المتوقعة في سلسلة التوريد ستخف حدتها بحلول نهاية العام، وأن أكثر من 60 في المائة يخططون لرفع الأسعار استجابة لذلك.
وأضاف جيمس زان، نائب التحرير في مجلة "توي بوك"، الذي يتتبع أعمال الألعاب "بشكل عام، لا تزال كبرى الشركات هي القادرة على شق طريقها للخروج من هذه الظروف الصعبة". ومع ذلك، قال زان "إن بعض الشركات التي خططت لتقديم منتجاتها في معرض الألعاب في شباط (فبراير) مترددة لعدم توافر العينات والنماذج للعرض".
وقال التنفيذيون "إن التأثير الممتد لإغلاق المصانع بسبب كوفيد، وارتفاع تكاليف الشحن والنقص في السائقين، يجبر الشركات على التساؤل عن معتقداتها الراسخة حول أسلوب الإنتاج في الوقت المناسب، بما في ذلك مدى قلة الموردين الذين يعتمدون عليهم، والمسافة التي يجب أن تقطعها المكونات المهمة، وكم هو قليل ذلك المخزون الذي يمكنهم الاحتفاظ به".
وقال إد إلكينز، كبير مسؤولي التسويق في شركة نورفولك ساذرن، للمستثمرين "لقد دفعت الجائحة بالمصنعين إلى إعادة تصميم سلاسل التوريد الخاصة بهم من أجل التأكد من التوريد ووضع المخزون بالقرب من العملاء".
فيما رأى حميد مقدم، الرئيس التنفيذي لشركة برولوجيس، أن العملاء كانوا يقولون لشركته العقارية "إنهم سيحتاجون إلى مساحة تخزين أكبر بنسبة 20-25 في المائة حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بمزيد من مخزون الاحتياط".
وقال مقدم لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، "لقد صمم المهندسون سلاسل التوريد حول إمكانية الشركة للتنبؤ، لكن عندما تختفي القدرة على التنبؤ، فسيتعطل حينها كل شيء".
وكما ردد ريتش ليسر، الرئيس العالمي لمجموعة بوسطن الاستشارية عندما قال "لكن معظم الشركات تدرك أنها غيرت عملياتها من الكفاءة في الأداء إلى قابليتها للمرونة"، وأضاف في مقابلة أن "العملاء أصبحوا يتبنون الآن موقفا في حال ما إذا".
وأشار إلى أن الاحتفاظ بمزيد من المخزون كان فقط جزءا من استجابتهم للمشكلة، موضحا أن استثمار الشركات في بيانات أفضل من أجل تتبع سير سلاسل التوريد والاستعداد لأي اضطرابات مستقبلية.
واستشهد المسؤولون التنفيذيون بمجموعة كبيرة من مشكلات الإمداد، من صعوبة شراء المكونات المتخصصة لشركة دناهير إلى نقص عمال اللحام للمسبوكات التي تحتاج إليها شركة رايثيون تكنولوجيز. وكانت الردود متنوعة على نحو مشابه، من شركة الطلاء شيروين ويليامز، التي اشترت موردا لصمغ الراتنج إلى شركة في إف كورب التي تستأجر "طائرات بالكامل" لتأمين الإمدادات.
فيما احتاجت بعض الشركات إلى تقديم الدعم المالي للبائعين الصغار الذين يكافحون للتغلب على هذه العاصفة، حيث قامت شركة لوكهيد مارتن بتسريع مدفوعاتها للموردين بأكثر من 2.2 مليار دولار في الربع الأخير باعتبارها "استراتيجية حصيفة لتخفيف المخاطر".
وقال أمبروز كونروي، الرئيس التنفيذي لشركة استشارية لسلاسل التوريد اسمها سيرا، "إن المخاوف بشأن الهشاشة المالية لبعض الموردين كانت منتشرة على نطاق واسع".
وأضاف "لدي اثنان من العملاء في قطاع السيارات يعانيان ضائقة مالية، لو حدث هذا في الأيام السابقة لكانا قد أفلسا ولكن... العملاء يعطونهما دفعات نقدية من المال".
وقد أدى احتمال حدوث عدة زيادات في أسعار الفائدة هذا العام إلى زيادة حدة مثل هذه المخاوف، كما أشار جيمس جيليرت، الرئيس التنفيذي لشركة رابيد ريتينجز، التي تتعقب الصحة المالية للشركات.
وأشار إلى أنه "عندما تأتي التقلبات ونبدأ في طرح مزيد من الأسئلة المتعلقة بالائتمان، فإنها ستؤثر في الطرف الأدنى من نطاق الائتمان والشركات الخاصة أكثر مما ستؤثر في الشركات العامة الكبيرة".
وأكد جريج هايز، رئيس "رايثيون" ومديرها التنفيذي، مدى أهمية صغار المنتجين بالنسبة إلى المجموعات الكبيرة ذات سلاسل التوريد المعقدة. من بين 13 ألف مورد لمقاول الدفاع، "فإن أقل من مائة من المتعاقدين... يتسببون في القلق الحقيقي لنا"، كما أخبر المستثمرين، "لكن الأمر يتطلب واحدا منهم فقط حتى تفوتنا شحنة".