رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مؤتمر «ليب» .. الصالة رقم 5

انتهت ثلاثة أيام حافلة من الحضور الإقليمي والعالمي التقني في مؤتمر "ليب" في مدينة الرياض، الذي تميز بلفت الانتباه إلى كثير من الإبداعات والتفاعلات التقنية المميزة. وقد يلفت البعض حضور الشركات العالمية التقنية الشهيرة بمنصاتهم الضخمة وقياداتهم الشهيرة إلى موقع المؤتمر، لكن ما يلفت الانتباه حقا هو ما يحدث من الشركات الناشئة التي لم تعد مجرد أفكار يتم استعراضها أو الرهان عليها. في الصالة رقم 5، اجتمع كل من المستقبل والمهارة والابتكار في توليفة لم تعد جديدة علينا.

خلافا للطموح التقني الذي يعج في أروقة المؤتمر الذي كان مجسدا بشكل جدي في منصات العارضين وكلمات المتحدثين، كانت هناك سمة مميزة للمؤتمر، وهي أن بعض العارضين المهمين جدا كانوا قبل بضعة أعوام شركات تقنية محلية ناشئة. بل إن بعض الرعاة، وعلى غير العادة، كانوا من الشركات المحلية التي شاركت قبل فترة ليست بالبعيدة في فعاليات ريادة الأعمال كشركات ابتكارية ناشئة وجديدة.

رعاية الزخم التقني في المنطقة لن تكون حصرا على الجهات الحكومية أو الشركات الكبرى كالعادة، فالقادمون الجدد أثبتوا اليوم أنهم في طريقهم لأن يصبحوا وحدات كبرى ومؤثرة في السياقين المحلي والعالمي، بالاستثمار والابتكار وصنع الوظائف وإيجاد الأثر.

وهذا في نظري ما تم إثباته في الثلاثة أيام الفائتة ويعكس ما ستكون عليه التفاعلات المقبلة في بيئة الابتكار والتكنولوجيا.

لم يعد أمرا مهما توضيح ضرورة الشركات الناشئة لتغذية الابتكار وتنمية الاقتصاد، وهناك ما يكفي من الأدلة والبراهين لإثبات جدية المشرعين والمنظمين واللاعبين الكبار "الشركات الكبرى" في الاستفادة من مميزات هذه الكيانات المرنة والولادة لتمنح الحياة في المجتمعات وتؤثر في أسلوب معيشتنا بشكل مباشر.

لكن كيف تنشأ القوة الخفية لهذه الكيانات؟ الأسباب باختصار تنحصر في أربع زوايا رئيسة: الأولى: بيئة ريادة الأعمال المرنة والداعمة التي تقوم على نقل المعرفة وتسريع الدعم والتحفيز بشكل فعال وسلس، الثانية، سهولة الحصول على الدعم التمويلي، خصوصا من الخيارات غير التقليدية الخاصة بهذه الفئة من المنشآت مثل رأس المال الجريء والخيارات المبتكرة الأخرى، الثالثة: الحاجة إلى التجديد والابتكار التي يصعب إدارتها من الكيانات الكبرى وتسهل نسبيا عند الفرق المرنة الأصغر حجما وأكثر انفتاحا، والرابعة: السهولة التقنية التي جعلت عديدا من التقنيات الممكنة متاحة لأصغر الفرق وأبعدها عن المعامل ومراكز الدراسات والتطوير.

ولم يعد هذا الأمر خاصا بالتقنيات البسيطة أو المباشرة التي يمكن إعادة استخدامها في الخدمات المباشرة الاستهلاكية، فهو موجود كذلك في التقنيات الناشئة الأعمق مثل الـ deep tech إذ تقول الدراسات: إن معدل نمو الشركات الكبرى التي تستثمر في تقنيات متقدمة عن طريق الشركات الناشئة في تسارع غير مسبوق، وهذا ينبئ بعدة أمور أهمها القوة المستقبلية لهذه الشركات الناشئة على قيادة الابتكار والبوصلة المعرفية المؤثرة في ممارساتنا وأسلوب حياتنا.

وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن هذا الأمر رائع في كل أحواله ويجب دعمه وترويجه كيفما اتفق، كلا، فكل نمو سريع يعكس تحديات جديدة تتطلب التوقف والنظر. على سبيل المثال، إدارة التواصل والابتكار في مزيج سريع التغير والسياقات المتجددة يتطلب حوكمة خاصة متجددة.

كذلك تنشأ عن هذه السرعة مشكلة تزامن بين الممارسات والتشريعات ودائما ما نخرج بتحديات أخلاقية وتنظيمية تستهلك مجهود الدول والشركات الكبرى والمجتمعات وتستغرق وقتا طويلا لتجد طريقا ملائما للحل، وربما لا تجده على الإطلاق. كذلك، تؤثر السرعة في الأمور المالية مثل التقييمات إذا يكثر الحديث أخيرا على سبيل المثال حول فقاعة التقييمات التقنية وتأثير ذلك في الثقة والمحافظ الاستثمارية والاقتصاد إجمالا.

وفي أكبر وأعلى وأسرع سوق في المنطقة في المجالات التقنية والرقمية، تغدو فرصة من يحجز لنفسه مكانا في القاعة رقم 5 أكبر للتأثير والقفز والكسب والاستفادة، سواء كانت شركة ناشئة محلية أو تأتي من منطقة أخرى لتتمركز في السوق الأكبر في المنطقة.

توالت الإعلانات على هامش المؤتمر عن الصفقات الاستثمارية والشراكات والضخ الاستثماري الاستثنائي في المجال التقني، وتجسدت المهارات البشرية والإمكانات المتعددة التي نفخر بها، وكلنا ثقة بأن النسخ المقبلة من هذه التفاعلات ستشهد مزيدا من القفزات نحو مراحل أكثر تقدما وثباتا في سوق المهارات والابتكارات الأهم، لنا وللعالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي