رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


اقتصادات ابتكارية واستثمارات ذكية

ظهر مفهوم المجتمع الخامس "مجتمع الاقتصاد الرقمي" لأول مرة في معرض التكنولوجيا في هانوفر، ألمانيا CeBIT، وذلك بعد مجتمعات الصيد، والزراعة، والصناعة، ومجتمع المعلومات والاتصال، وقدمه حينها شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني، حيث قال: "يجب اعتبار الذكاء الصناعي تقدما وليس تهديدا"، وقد انتهت قمة العشرين التي عقدت في أوساكا في اليابان بتوصيات حول ترتيب الاقتصاد الرقمي وتطوراته، وأهدافه، ونشر مفاهيمه على مستوى العالم، وما يتعلق بالتدفق الحر للمعلومات، وحقوق الملكية الفكرية، وخصوصية حياة الأفراد، وحماية البيانات.
وفي قمة العشرين التي عقدت في السعودية كان للاقتصاد الرقمي حضور بارز، خاصة أن القمة انعقدت بشكل افتراضي، ما يؤكد فرضيات المجتمع الخامس وأن التقنية ليست تهديدا، حيث تم الترحيب بخريطة طريق نحو إطار مشترك لقياس الاقتصاد الرقمي، وأوصت في سبيل ذلك باعتبارات منها الاتصال الشامل، والآمن، وميسور التكلفة، كعامل ممكن للاقتصاد الرقمي ومحفز للنمو الشامل، والابتكار، والتنمية المستدامة، وأيضا أهمية التدفق الحر والموثوق للبيانات وتدفقات البيانات عبر الحدود، وإيجاد بيئة مفتوحة وعادلة وغير تمييزية، مع إدراك أهمية مواجهة التحديات المتعلقة بالخصوصية وحماية البيانات، وحقوق الملكية الفكرية، والأمن، والإشادة بالتنقل الذكي كمساهمة لتعزيز سلامة ومتانة المدن والمجتمعات الذكية.
وتجسيدا لجهود المملكة المستمرة في دفع عجلة نمو الاقتصاد الرقمي لتحقيق الفائدة والتقدم للعالم أجمع، ولتعزيز الازدهار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جاءت فكرة تنظيم أعمال المؤتمر التقني الدولي LEAP الذي تستضيفه الرياض حاليا، تحت شعار "عين على المستقبل"، بمشاركة واسعة من المهتمين والمستثمرين والشركات المختصة في القطاع التقني، والذكاء الاصطناعي، والخبراء والباحثين في عالم التقنية الحديثة. ويهتم الحدث العالمي الضخم بمستقبل التقنيات، ودورها في ازدهار البشرية، وإيجاد الحلول الابتكارية لأهم التحديات التي تواجهها.
كما يمثل مؤتمر LEAP منصة عالمية كبرى للتقنية والابتكار، حيث يعد حلقة وصل بين رواد ومبتكري التقنية من جهة، ورواد الأعمال والمستثمرين، والجهات الحكومية، من جهة أخرى، وذلك من أجل التعرف على أفضل ما توصل إليه العالم من التقنيات الحديثة لدخول عالم المستقبل.
وبذلك يعد المؤتمر منصة عالمية ضخمة، لتحقيق توصيات قمة العشرين التي انعقدت في السعودية، حيث تناقش موضوعات المجتمع الخامس من الطباعة ثلاثية الأبعاد، بكل ما تحويه من تقدم يساعد البشرية على النمذجة، وفي الصهر الانتقائي بالليزر. ويضع هذا المؤتمر أولويات مختلفة لمفاهيم الذكاء الاصطناعي، والتعلم الذكي، والإنسان الآلي، ودورها في المعيشة الذكية، وبالطبع فإن لقضية سلسلة الكتل أهمية خاصة، والبيانات الكبيرة، والتواصل مع الآلة وإنترنت الأشياء، والخدمات السحابية، فالمؤتمر متعدد في طرح موضوعاته، والقضايا التي يناقشها على المستوى العالمي، لفهم الأبعاد التقنية، والتأثيرات، وطرح الحلول المناسبة للتحديات، بما يسهم في تقديم صورة دقيقة لمتخذي القرار في العالم، ولهذا فقد كان الحضور العالمي لافتا بشكل واضح، بما يعكس أهمية المؤتمر والدور القيادي للسعودية في هذا العصر الرقمي ومجتمعاته. وتنظيم المؤتمر تم بطريقة تمنح كل هذه القضايا مساحة كافية من النقاش من خلال منصات متخصصة.
ولأن التحول للاقتصاد الرقمي لم يعد خيارا بل سباقا تنافسيا عالميا، وضعت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 هذا الموضوع بين أهم مستهدفاتها، فقد أعلن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات إطلاق استثمارات بقيمة 6.4 مليار دولار بهدف دعم التقنيات المستقبلية، وريادة الأعمال التقنية، وتعزيز مكانتها بصفتها أكبر اقتصاد رقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في وقت تسعى إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط.
كما شملت الاستثمارات إطلاق صندوق Prosperity7 الاستثماري التابع لشركة أرامكو فينتشرز بقيمة مليار دولار، إضافة إلى استثمار شركة نيوم التقنية الرقمية القابضة بقيمة مليار دولار، الذي يركز على دعم التقنيات المستقبلية، وكجزء من استثمارها الضخم. كما أعلنت "نيوم" إطلاق تقنية الواقع الافتراضي الإدراكي ميتافيرس XVRS الأولى في العالم، وستطلق منصة إدارة البيانات M3LD، وأعلنت شركة الاتصالات السعودية STC عن MENA Hub، وهو استثمار كبير بقيمة مليار دولار في مجال الاتصالات والبنية التحتية الإقليمية، حيث سيدعم هذا المركز القطاع الرقمي، وقطاع السحابة، اللذين يشهدان توسعا سريعا في السعودية.
وتم إعلان استثمارات بقيمة ملياري دولار لمجموعة J&T Express Group، وبناء مقرها الرئيس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مدينة الرياض، وإنشاء شبكة واسعة من الخدمات اللوجستية الذكية، ومنشآت التوزيع، التي من شأنها توسيع نطاق وصول السعودية، والارتقاء بها كمركز إقليمي للخدمات اللوجستية المتطورة. المؤتمر يعقد في وقت مهم والعالم يتجه إلى تطبيق كل أدوات ووسائل التقنية في كل مناحي الحياة لتصبح الحياة العصرية اليوم تتحرك بقوة التقنية من المنزل إلى المكتب والمدارس والجامعات، حتى ميادين الرياضة، وكل خدمة معيشية مهمة وحيوية للمجتمع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي