تقلبات السوق تحد من قدرة الشركات على جمع الأموال
حدت تقلبات السوق من قدرة الشركات الأمريكية على جمع الأموال من خلال مبيعات الأسهم العامة، وهي إحدى العلامات على كيف أن احتمال تشديد السياسة من جانب الاحتياطي الفيدرالي ينتشر بالفعل من مقر البنك المركزي في واشنطن.
تظهر مقاييس الأوضاع المالية الأمريكية أن جمع الأموال في سوق الأسهم أصبح أكثر صعوبة وتكلفة بشكل طفيف، وفقا لأحد المؤشرات الشهيرة التي يحسبها بنك جولدمان ساكس.
ينتج الاقتصاديون في البنك الاستثماري مؤشرا للأوضاع المالية، يراقبه المشاركون في السوق والبنوك المركزية من كثب، ويأخذ في الحسبان تكاليف الاقتراض وكذلك التحركات في سوق الأسهم وقيمة الدولار.
في الآونة الأخيرة لعبت عمليات بيع كثيف في سوق الأسهم طالت في المتوسط 33 في المائة من أسهم الشركات في مؤشر راسل 3000 الواسع، دورا مهما في التدهور الأخير في الأوضاع.
تراجعت شركات التكنولوجيا التي طرحت أسهمها للتداول العام في 2021 بمتوسط 34 في المائة عن سعر طرحها، وفقا لبيانات ديالوجيك، وهو اتجاه أدى إلى تثبيط شركات أخرى عن متابعتها إلى الأسواق العامة ـ أجل عديد من الشركات عمليات طرح مخطط لها في وقت متأخر، بما في ذلك شركة برمجيات الموارد البشرية جاست ويركس، وشركة بيتكوين ماينر روديوم.
مع ذلك، يعتقد مستثمرون واقتصاديون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يتأثر بهذا الاضطراب بينما يشرع في دورة رفع أسعار الفائدة.
قال جان بويفين، نائب محافظ بنك كندا السابق الذي يعمل حاليا في معهد بلاك روك للاستثمار، "ليس من المستغرب أن يقول بنك الاحتياطي الفيدرالي في هذه المرحلة إنه غير قلق من تحركات السوق. إذا قالوا عكس ذلك، سيكون ذلك تقييدا لأيديهم". لكن "إذا أصبحت بيئة السوق أكثر هبوطا على أساس مستدام وبدأ ذلك في التأثير في الثقة الاقتصادية، فلا أعتقد أنهم سيكونون قادرين على تجاهل ذلك".
في اجتماع السياسة الذي استمر يومين وانتهى الأربعاء الماضي، أشار جاي باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى قليل من القلق بشأن اضطرابات السوق الأخيرة. عندما سئل في مؤتمر صحافي في ذلك اليوم، بدا غير منزعج من التقلبات الأخيرة وعد التشديد المتواضع للظروف المالية علامة على نجاح الاحتياطي الفيدرالي في إعداد المشاركين في السوق بشكل مناسب.
قال باول، "نشعر أن الاتصالات التي نجريها مع المشاركين في السوق ومع الجمهور العام تعمل وأن الظروف المالية تعكس مسبقا القرارات التي نتخذها. السياسة النقدية تعمل بشكل كبير من خلال التوقعات، بحيث يكون ذلك في حد ذاته مناسبا".
يقوم التجار الآن بتسعير ما يصل إلى خمس زيادات في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة هذا العام، بدءا من آذار (مارس)، مقارنة بأربع زيادات قبل اجتماع كانون الثاني (يناير) مباشرة. ويعمل الاحتياطي الفيدرالي حاليا على إنهاء برنامج شراء الأصول الذي ساعد على دعم الأسواق المالية منذ بداية الوباء، وهي عملية ستنتهي في آذار (مارس).
يعتقد مراقبو الاحتياطي الفيدرالي والمسؤولون التنفيذيون في وول ستريت أن الأمر يستلزم انخفاضا ملموسا أكثر في أسواق الأسهم لتغيير حسابات البنك المركزي بشأن الخطوات المستقبلية الخاصة بأسعار لأسعار الفائدة. يعتقد جريج جنسن، كبير مسؤولي الاستثمار في بريدجووتر أسوشيتس، أن الأسهم الأمريكية قد تنخفض تصل إلى 20 في المائة عن مستويات اليوم لتبرير تصحيح المسار، وهي وجهة نظر تشترك فيها شركة إيفر كور. قال استراتيجيون في إتش إس بي سي إن ضغوط الأسواق المالية ستحتاج إلى أن تصبح "أكثر حدة".
أدى توقع معدلات أعلى - وتأثيرات ذلك في النمو والتضخم - إلى عمليات بيع كثيف في سوق سندات الخزانة الأمريكية التي يبلغ حجمها 22 تريليون دولار، وهو ما يمهد لأن تدفع وزارة الخزانة الأمريكية ملايين الدولارات أكثر عندما تقترض. لكن العوائد لا تزال منخفضة بالمعايير التاريخية، بعد أن انخفضت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق منذ بداية الوباء.
حتى الآن لم تمتد التأثيرات إلى أسواق الائتمان التي يقول المستثمرون إنها السبب الرئيس لبقاء الاحتياطي الفيدرالي غير منزعج حتى الآن. باستثناء ما كان متوقعا حول اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، استمر إصدار الديون الجديدة على قدم وساق في كانون الثاني (يناير)، حتى بعد عام قياسي في 2020، وقريبا من مستوى قياسي في 2021. وارتفعت العلاوة التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بسندات الشركات ذات المخاطر العالية، لكن ليس بشكل يذكر.
قالت مونيكا إريكسون، وهي مديرة محفظة في دبل لاين كابيتال، "عادة ما تكون أسواق الائتمان هي تلك التي تنهار وتشير إلى ما سيحدث في أسواق الأسهم. الأمر لا يحدث على هذا النحو هذه المرة".
مقياس موديز الذي يتتبع جودة حماية المستثمرين في صفقات الديون لا يزال بالقرب من أسوأ مستوياته المسجلة. الصفقات المصحوبة بتعهدات أو تدابير حماية أضعف للمستثمرين تتكاثر في أوقات السياسة النقدية المتساهلة، عندما يكون من السهل على الشركات الاقتراض دون أن يكون لديها حافز كبير لتلبية احتياجات المستثمرين.
قالت إيلين زينتنر، كبيرة الاقتصاديين في قسم الولايات المتحدة لدى مورجان ستانلي، "ما لم يبلغ التقلب هوامش ائتمان الشركات، لن يكون هناك تأثير في التوقعات. فقط إذا كانت البيانات تعمل فعليا أعلى أو أسفل من توقعاتهم، فإن ذلك يملي مسارا ضحلا أو عميقا لزيادات أسعار الفائدة".